مسئول إسرائيلي رفيع المستوى يقول: لن نكتفي بالقدس وسنحتل الأردن وسوريا حتى نقيم دولة إسرائيل الكبرى!

فلسطين ….
بقلم : بكر السباتين …
هل الإرادة الصهيونية تمتلك العصا السحرية لتحقيق ذلك؛ وهل بالمقابل نمتلك الرد!؟
ما يتخذه قادة الكيان الإسرائيلي من قرارات تتعلق باتفاقيات السلام المبرمة مع بعض الدول العربية في الأطر الدبلوماسية مبعثه في الغالب أن هذه الاتفاقيات البينية التي تتعامل معها “إسرائيل” مرحلياً جاءت تحت مظلة دولية؛ وهي المدخل الأنسب الذي من خلاله يتسلل الكيان المحتل إلى قواعد الرؤية الصهيونية للمستقبل، وهي ذاتها التي أتاحت ل”إسرائيل” التمدد الأمني والاقتصادي في الوطن العربي والانفتاح من ثم على أفريقيا وكردستان العراق.
وفي النهاية لا تعتبر هذه القرارات إلزامية لهذا الكيان وستتعامل معها كما فعلت عبر التاريخ مع كل القرارات الدولية المنتهكة من قبلها، بشأن فلسطين المحتلة.
إن بروز بعض التصريحات المتطرفة من قبل مسئولين إسرائيليين دون أن تعترض عليها الحكومة الإسرائيلية يعود بنا إلى السؤال الأهم، وهو: كيف تسكت هذه الأبواق العنصرية عن إسقاط حكومة تخالف تطلعات الرؤية الصهيونية في الوقت الذي تمضي فيه تلك الحكومة باتجاهات محكومة بالسياسات الدولية، مع علمنا بأن تلك التصريحات لا تأتي من فراغ!؟..
سنختطف من السؤال شقه الثاني ونحلله بروية بناءً عل التصريحات الأخيرة التي تقول بأن الكيان الإسرائيلي ماض نحو تحقيق أحلام هيرتزل في مؤتمر بال الأول بسويسرا نهايات القرن المنصرم، نحو مشروع “إسرائيل الكبرى”.
وهذا بالطبع لا تجد له أثراً في الرؤية السياسية الإسرائيلية المواكبة لمسيرتها الآنية في عالم عربي فتح له الأبواب رسمياً كمستحقات لاتفاقيات السلام المبرمة إسرائيلياً مع دول الاعتدال العربي، تحت شعار السلام الواقعي.. وحتى نفهم بأنها تمثل في جوهرها قرارات مرحلية للحلم الصهيوني الأبعد مدى؛ علينا أن نصدق قبل كل شيء مقولة بأن الدولة الإسرائيلية لا تستطيع التفكير بمعزل عن مفردات الحلم الصهيوني، وإن سياسة الكيان الإسرائيلي الراهنة تقوم على معطيات التفاعل مع تشابك الرؤى والمصالح في الدولة العميقة التي تبدأ منذ عام النكبة وفق رؤية صهيونية متكاملة.. وغير منقوصة.
ويؤكد ما قلناه، ذلك الحديث الأخطر لرفائيل موريس، مؤسس حركة “عودة إلى جبل الهيكل” الاثنين 8 نوفمبر2016 في مؤتمر ( السماح لنا بالدخول إلى الأقصى)، حيث قال فيه طبقاً للموقع العبري(نيوز أون لاين) -نقلاً عن المدينة نيوز-:
“حين نقول إن جبل البيت هو لنا وفقط لنا وليس فيه مكان لأحد آخر، عندها سننتصر، وسوف نحتل ليس فقط جبل البيت؛ بل وأيضا الأردن وسوريا ونقيم دولة يهودية حقيقية على كل بلاد إسرائيل الكاملة”.
وطبقا للموقع العبري فإن عقد هذا المؤتمر وصدور التصريحات السابقة عن المسئولين الإسرائيليين تعتبر أمرا استثنائيا لأنها أنهت فترة طويلة من الصمت حيال الوضع القائم، بعد أن كانت حكومة نتنياهو قررت قبل عام، ومع انطلاق هبة القدس منع الوزراء من الحديث عن هذا الموضوع حتى لا يعزز اتهام الفلسطينيين ل”إسرائيل” بالسعي لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي والسماح لليهود بالصلاة فيه.
والأمر الأكثر لفتة هو أنه لم يعرب أيٌّ من الوزراء والمسئولين الإسرائيليين عن تحفظاته إزاء كلمات موريس، ولم ينتقد أحدٌ منهم تلك المفاخرة القومية المتعصبة التي تشدق بها بكل رعونة واضعاً لنفسه الخطوط العريضة والأهداف العمياء، لوجود وطن قومي لليهود فيما يسمى ب”إسرائيل” من خلال احتلال الأردن وسوريا، لا بل أخذت الشهوة الصهيونية العنصرية، بعض أهم الوزراء في الحكومة الإسرائيلية للتوغل أكثر في تأييد هذا الحلم التوسعي من خلال السكوت عن هذه التصريحات.
فمن جهته، صرح وزير الداخلية الإسرائيلي جلعاد أردان في نفس المؤتمر طبقاً لنيوز أون، قائلاً:
“في نظري، حقنا في جبل الهيكل (الحرم القدسي) غير قابل للتشكيك.
إنه المكان الأقدس للشعب اليهودي.
والوضع القائم – فيما يسمونه اليهود بجبل الهيكل- حاليا يظلم الشعب اليهودي”
وكأنه بذلك يؤيد تهديدات موريس القاضية بالتوسع على حساب دول الجوار.. وكأنه سكوت مقصود ومبيت..
وهذا ما ستتبينه من خلال ما قاله وزير الزراعة أوري أرييل، فقد دعا في كلمته رئيس الحكومة للسماح لأعضاء الكنيست والوزراء بالدخول إلى الأقصى..
وحسب كلامه “فإن جميع أذرع الأمن الإسرائيلية تؤيد هذا المطلب”.
ويراودني سؤال فيما إن كانت تلك الأذرع الأمنية مستعدة أيضاً لما يتعلق بأحلام الصهيونية التي لا يختلف الصهاينة عليها! فمن البديهي أن الأمر ممكن!! فاسألوا التاريخ القريب البعيد..فهذا الكيان من السهل توقع استراتيجيته لأنه مربوط بأيدلوجية صهيونية لم يتخلوا عنها، لا في تصريحاتهم ولا أدبياتهم
وتم عقد المؤتمر الذي نظمته جماعة طلاب صهيون في مقر الكنيست بمبادرة من أحد أبرز دعاة إعادة بناء الهيكل، عضو الكنيست يهودا غليك. وخلال المؤتمر، تم الإعلان عن تشكيل لوبي جديد تحت اسم لوبي جبل الهيكل.
واعتبر موقع “نيوز أون لاين” أن التصريحات التي صدرت عن المسئولين الإسرائيليين تأتي في وقت يغلي فيه الشرق الأوسط، حيث حرب القوميات وقتال داعش، وفي ظل كل هذا يخرج مسؤول بحضور رئيس الكنيست ووزير الأمن الداخلي وعدد من الوزراء البارزين وأعضاء الكنيست ليشعل النار ويؤكد أن جبل الهيكل لإسرائيل فقط، وليس هناك مجال لأي شخص آخر، ويزيد من تصريحاته فيقول سنقهر الأردن وسوريا لإقامة دولة يهودية على كل أرض إسرائيل الكبرى.
إن طاقة التأثير الكامنة في الدولة العميقة تحمل أخطر المؤشرات على أن الأردن وسوريا والعراق. مستهدفات. وعدم ذكر مصر في سياق حديث موريس المجمع عليه؛ لا يسقطها من حسابات الرؤية الصهيونية، على اعتبار أن أسرائيل الكبرى تمتد من الفرات إلى النيل، وفي نظر قادة الصهيونية فإن هذه الرؤية لا تتجزأ ويبقى هذا الحلم سيد الموقف التاريخي الديني والثقافي والسياسي؛ لأن الكيان الإسرائيلي جاء ليحتل ديارنا بقوة هذه الأسطورة. ويبدو أن الإرادة الصهيونية تمتلك العصا السحرية لتحقيقه؛ فهل بالمقابل نمتلك الرد!؟ الكيان الإسرائيلي أخذ من خلال اتفاقية وادي عربه أكثر من مستحقاته، وها هو يحلم بأكثر من ذلك؛ والكرة الآن في ملعب الحكومات العربية المعنية بهذا الحلم الخطير وعلى رأسهم وطننا الأردن الذي يقع جيوسياساً في واجهة هذا المشروع الأخطر..