سخرية كالبكاء ….
بقلم : وليد رباح ….
يقال ولا ادري ان كانت مهزلة ام حقيقة .. عندما صنع طيب الذكر ( أنور السادات) سلامه مع اسرائيل .. ابدى مناحيم بيغن رئيس وزراء اسرائيل انذاك رغبته في زيارة القاهرة .. وطلب من السادات ان يصعد الى طائرة هليوكبتر لكي يرى الاهرامات العظيمة ويكحل عينيه بمرآها .
ورافق السادات ضيفه الى منطقة سماء الاهرام .. وما ان شاهدها بيغن تقف شامخة تتحدى العصور والحقب حتى اخرج من جيبه منديلا ابيض اللون واخذ يبكي وينتحب .. فسأله السادات : لماذا تبكي يا سيد بيغن .. فاجاب بيغن : انني ابكى على بناة الاهرام من ابناء شعبي الذين ماتوا تحت سياط العساكر الفرعونية عندما كانوا يحملون الاحجار الضخمة على اكتافهم قبل ان ينجزوا العمل .
وقيل والعهدة على الراوي : ان السادات اخرج من جيبه منديلا ابيض اللون ايضا واخذ يبكي وينتحب .. فظنه بيغن يشاركه العزاء فقال له : اشكرك ايها الرئيس لانك تجاري شعوري .. فقال له السادات .. انني لا ابكي حزنا على دموعك او على شعبك الذي مات تحت السياط .. ولكنني ابكي سذاجة رئيس وزراء دولة اعترفت بها مؤخرا .. يستطيع تزوير التاريخ بمثل هذه البساطة وامام من؟ امام من صنع اجداده التاريخ قبل سبعة الاف سنه .. حيث لم يكن الدين اليهودي قد ظهر بعد .. ولم يكن موسى او اي من الرسل قد وجد على ظهر الكرة الارضية
ويبدو ان بيغن .. كان يحمل في شنطته نسخة من فيلم ( موزس) الذي انتجته هوليود .. والذي يظهر سيدنا موسى وهو يساعد ابناء شعبه الذين يبنون الاهرامات امام سمع وبصر المصريين الذين كانوا لا يفعلون شيئا سوى تدخين الشيشه التي لم تعرف أنذاك بعد .. فقال للرئيس السادات .. قد تعتبرني مزورا للتاريخ .. فما رأيك ان نشاهد ما احمله من شريط في شنطتي الصغيرة .. ويظهر منه سيدنا موسى وهو يساعد ابناء شعبه على تحمل عبء بناء الاهرامات ..فقال له السادات : ارجو ان لا تغضب لصراحتي .. فهوليود وانت تجتمعان في سلة واحدة من الكذب .. سكت بيغن .. وطلب من السادات انه سيسرع في العودة من رحلته التي تحدثت عن ثلاثة ايام يقضيها في القاهرة .. وقال له : اريد ان اغادر غدا ..
وتمر الدهور والحقب .. ويأتي الينا بيغن الذي ولد في بولونيا ويعلم الله ان جدوده كانوا وثنيين قبل ان تدخل المسيحية والاسلام الى بولونيا .. ليقول لنا انه يبكي على شعبه الذي ولد قبل سبعة الاف سنه وبنى الاهرامات .. اي مهزلة تلك التي نعيش ؟ واي تزوير للكتب السماوية كلها في وقت طغت المصالح السياسية على كل شىء .
ويحضرني في هذا المقام انباء نشرت عن فريق الماني متخصص ذهب الى فلسطين منذ سنوات بعد احتلال الضفة الغربية واخذ ينبش في منطقة اريحا وضواحيها حتى نهر الاردن عله يعثر على اثر يقول بان بني اسرائيل قاموا بالهجوم على اريحا بعد رحلتهم من مصر الى فلسطين .. ولكنهم لم يعثروا على اي اثر حتى ولو كان قشرة برتقال او طبخة فلافل اسرائيلية .. ثم ارتحل الفريق الى صحراء سيناء واخذ ينبش عن رحلة القوم التي استغرقت اربعين سنه .. ولكنهم لم يعثروا على اثر للعجل الذي عبده بنو اسرائيل ولا على حبل واحد من حبال خيامهم او عظام البقرة التي ذبحوها بعد ان عبدوها او اي اثر يدل على ان سيناء قد سكنت منذ بدء تكوينها الجغرافي حتى ظهور البدو الرحل فيها ..
حتى مخطوطات خربة قمران التي عثر عليها عام 1960 في منطقة البحر الميت وجبال القدس المطلة على اريحا .. لم يكن فيها اي اشارة تدل على ان بني اسرائيل قد سكنوا في هذه المنطقة او عمروا شيئا فيها . وهذه المخطوطات التي تمثل التوراة الاصلية المنبع .. لم يجرؤ احد حتى الان على نشرها على حقيقتها لانها تخالف في كثير من النصوص ما يستخدمه الاسرائيليون في تحقيق اغراضهم السياسية . ومتحف لندن يحتفظ بها ..
بعد كل ذلك .. جاءت الينا اسرائيل محمولة على فوهات مدافع الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية .. جاءت الى فلسطين لتعيد بناء الوطن المزعوم .. ولم تكتف اسرائيل باحتلال فلسطين والاراضي العربية ومطالبتها ان تكون ضمن المنظومة في المنطقة العربية من خلال عمليات السلام المزيفة .. بل دأبت منذ بدء قدومها على الادعاء بان هيكلها موجود تحت اساسات المسجد الاقصى .. واجرت عمليات حفر اجرامية بحيث هددت اساسات المسجد .. ومن ثم خرجت الينا بعض جماعاتها العنصرية التي تؤيدها لتقول ان مزامير داود مدفونة اسفل الاهرامات المصرية .. ولا ندري ان كانت تعني ان المزامير هي الادوات الموسيقية او قرن الثور الذي كان سيدنا داود يستخدمه .. ام انها المدونات الكتابية التي كتبها داود واخفاها تحت الهرم .. في وقت نعرف ويعرف الجميع ويعرف التاريخ ان داود قد جاء الى هذا العالم بعد بناء الاهرام بثلاثة الاف سنة او يزيد .. افبعد هذا الهراء الذي يدعونه هراء آخر ..