ما زال وليد رباح يكتب بسخرية مرة – بقلم الاديب : رشاد ابو شاور – الاردن

الجالية العربية .. فن وثقافة … منوعات …
بقلم : رشاد أبوشاور – الاردن …
مضت سنوات على آخر لقاء جمعني والصديق وليد رباح.
عشنا معا، وعملنا معا في الصحافة، في عمّان، ودمشق، وبيروت.
عرفته صحفيا، وقاصا، وقرأت كل ما أبدع قبل أن تفرقنا صروف الحياة.
منذ البداية كان وليد ساخرا في قصصه، وفي حياته، ولم يكن هذا لأنه خالي البال، بل لأنه عانى في رحلة حياته، ولأنه رأى وجرّب، وتعلّم من تجاربه أن البساطة والتواضع والسخرية هي أثمن ما يملك في مواجهة بشاعات الحياة، وبؤس المتعالين، وسفاهة الأدعياء.
عقود مرّت قبل أن نتواصل من جديد بفضل التكنولوجيا.
أتابعه في الموقع الإلكتروني ( صوت العروبة)، وهو نفس عنوان صحيفته الأسبوعية، وأقرا كتاباته الساخرة، وأتساءل : أين اختفى القاص وليد رباح ؟
وجدت مجموعته القصصية الجديدة الصادرة في عمّان، فعكفت على قراءتها مستذكرا فصول حياتنا، و( مقالب) وليد التي لا تنسى، وأسلوبه القصصي البسيط والأليف و( الشعبي)، فوليد حكّاء بارع، وأغلب حكاياته ساخرة وضاحكة و( هجائية) ، و..دامعة وراء ضحكه المفجوع ببشاعات (حياتنا).
قلت لنفسي: ربما نسي بؤس ما واجهه في بلادنا، بعد رحيله إلى أمريكا، وتنعمه هناك، وراحة باله هو وأسرته!
ولكنني وجدت المرارة تفيض من بين سطور قصصه في مجموعته القصصية ( الجثة التي لم تهترىء بعد) ، والصادرة نهاية عام 2015 عن دار فضاءات في الأردن.
يسخر وليد في قصّته ( طحيمر بن وظحة يسمي نفسه ركس) ممن هاجروا إلى أمريكا فتخلوا عن (هويتهم)، وخلعوا جلودهم، وبذلوا قصارى جهودهم لتقليد (العم سام) و( الخواجات)، فكانوا كالغراب الذي أراد أن يكون بلبلاً، ولكنه باء بالفشل، فلا هو احتفظ بمشية الغراب، ولا بمشية البلبل..فتاه..وضاع!
إذا كان يعرّي من هاجر و..تاه، فإنه لا يغيب عن باله أن من تفجّرت الثروة تحت مؤخراتهم في بلاد العرب_ ثروة النفط_ هم من سوف يستيقظون على كارثة تسببوا بها لأنفسهم، بسبب سفاهتهم، وفسق حياتهم..وهذا ما تكشفه قصّة( بعد نضوب النفط). لقد جفّت آبار النفط وانتهى زمن الثروة ( المصادفة)..وعاد الشيخ _ شيخ عشيرة هنا، وليس رجل دين _ نعسان إلى الإبل..وماتت المدن التي بنيت على الرمال، وتحولت السيارات الفارهة إلى كتل حديد..فنعسان عاش حياة الترفه السفه خارج العصر، فاستحق النهاية الفاجعة..استحق العودة إلى الإبل والصحراء!
قصة تخطر ببال كل من يرى تبديد الثروات التي كان يمكن أن تبدّل حياة العرب جمميعا..لو..أنها وظّفت في التاسيس لصناعات تدوم، ولنهضة علمية تبقى…
كتب وليد بعض قصصه على لسان الحيوان ، كما في ( فأر في عباءة الوزير) و( حديث المزبلة) و( خنازير الإنفلونزا) ..وغيرها.
بعد فراق عقود، ها أنا ألتقي من جديد بقصص صديقي وليد رباح، وأكتب عنها كلمة متواضعة .. بمثابة تحية لزمن مضى..زمن لا ينسى، زمن حلمنا فيه بتحرير فلسطين، وبمستقبل إنساني عادل وجميل وكريم للإنسان العربي المُعذّب!!

**********
(هذه كلمة ضاعت كما ضاع البعض بعد خروج التيه من البلاد كتبها الصديق الحبيب رشاد ابو شاور .. عثرت عليها صدفة على جوجل فنشرتها .. عذرا يا صديقي .. فقد شاخ العقل مني حتى نسيت نفسي – وليد رباح )