لماذا الخطيب : قلم الاستاذ عبد الرازق مختار محمود – مصر

فن وثقافة ….
قلم : عبد الرزاق مختار – مصر …..
هذا الحديث- بدايةً- لا علاقة له بالأهلي أو الزمالك, وربما يتعدى الرياضة.
الخطيب هنا نموذج رمز, ليس في شخصه, ولكنه رمز من بدايته, فأنا أتذكر وأنا طفل أنه كان الغاية والهدف في المهارة,
كلنا كنا نعشقه, وفور الانتهاء من مشاهدته نجري على ملاعبنا نجتهد لنقلد حركاته, حتى لحظات الفرحة وطريقتها كنا نحرص على تقليدها.
وحتى تلك الصور التي تلتقطها الكاميرات, كنا نسعى لتقليدها.
ونحن نفعل ذلك نفعله بمنتهى البراءة لأسباب كثيرة, منها إحساسنا الفطري بأن هذا الرجل صادق في مهارته, نعم, صادق في مهارته, غير مزيف ولا مصنوع ولا طارئ, لا يوجد خلفه جيش جرار يُسوق لتلك المهارات- كما يحدث اليوم- جيشه الوحيد هو الصدق.
كبرنا في السن, وكبر معنا الرجل, فطاف على البرامج الرياضية يحلل الأهداف والمباريات, وكانت مهارته ترافقه كما كانت في الملاعب؛ يتحدث بمنتهى الحرفية وبمنتهى الصدق,
لم نسمعه يومًا يوبخ لاعبًا أو يقلل منه, أو يغار من مهاراته, لم يسع يومًا لترندات وهمية على جثث الآخرين كما يحدث اليوم,
لا أبدًا, كان هدفه الصدق والقيم, كان كثيرًا ما يسلط الضوء على اللقطات الإنسانية والأخلاقية.
مرت الأيام ومررنا معها, حتى وصل إلى رئاسة أعرق قلعة رياضية في العالم العربي وأفريقيا.
وهو في طريقه إلى هذه الرئاسة وُضعت أمامه كل العراقيل, ورُصدت ملايين كثيرة وشاشات وزملاء ملعب ينشهون في الوهم ليل نهار,
ولكن لأن معادن الناس في صورتها الجماعية أصيلة, رأته كما كنا نراه في الطفولة صادقًا, ففاز الرجل, ولما فاز, زادت الحروب من كل الاتجاهات,
لا هدف لها إلا هدم النموذج, نموذج الأدب والاحترام.
تارة لأنه ضعيف,
وتارة لأنه خادم للريـال,
وتارة لأنه يتسول الهدايا,
وتارة, وتارة.
وفي كل المرات, كان ماهرًا صادقًا كما كنا نشاهده في الملعب, لم نسمع منه كلمة ولا تعليقًا ولا تعقيبًا, وكان رده الاعتصام بفطرة العقل الجمعي الذي أنصفه دومًا, ويعصمه القانون الذي ينتصر أحيانًا.
الخطيب ليس اللاعب الماهر, ولا الإنسان المؤدب,
الخطيب الرمز الذي يحارب في ضمير تلك الأمة,
التي يُراد لها أن تكون السفالة والردح وأقذر الكلمات هي الرائد في الحوار,
التي يُراد لها أن تعلو الفهلوة والبكش على الجد والعمل بها,
الخطيب هو إنسان يُخطئ ويُصيب, ويستحق هو وغيره كل النقد والتعقيب على أخطائه.
ولكن الخطيب الذي أعني,
هو حالة.
في مجتمع أصبح يرى المؤدب المحترم الذي لا يخرج منه العيب ضعيفًا مهزومًا,
ويرى البذيء سليط اللسان اللعان الطعان الذي ينسج الأكاذيب هو النموذج والقدوة,
لا أدري لأي درك وصلنا؟!
لا نجاه لنا جميعًا إلا في عصمتنا بالأخلاق والقيم.
استقيموا يرحمنا ويرحمكم الله.