الرابط : اراء حرة (::::)
سحر فوزي – مصر (::::)
تعجب عندما تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ، ووجدها مكتظة بما لذ وطاب من أخبار ، وشائعات ، ومناسبات ، واحتفالات ، ووفيات .. فهذا ينقل عن مصدر غير موثوق منه ، شائعة عن خيانة عظمى لأحد كبار رجال الدولة ، قبض خلالها حفنة من الدولارات ، مقابل بيع أسرار جزء هام من بلده ، يقع تحت قبضته .. فيرد آخر مصححا لقيمة مبلغ الرشوة المقبوض ، مع تفاصيل الصفقة حسب ما قرأ على أحد المواقع الإلكترونية ، التي تبث أخبارها المسمومة لتسري في شرايين الوطن المأسوف عليه.. وهذه صديقة أخرى تؤكد تسرب الامتحانات ، وتعرض الطلبة لظلم بيّن ، لا يمكن السكوت عليه ، وعلى الفساد المفسد لكل من لم يفسد .. وتنهال التعليقات ، و الحوارات الساخنة مع إذاعة تفاصيل المهزلة كما أوضحتها مصادر سرية خاصة بها ، لا يمكن الإفصاح عنها لأنها حلفت أيمانات مغلظة ألا تكشفها مهما حدث .. وبعدها بسطور قليلة خبر زفاف مع كم لا يستهان به من الصور الخاصة جدا ، تتبعها التهاني ، والتبريكات.. وما أن تهدأ النفوس قليلا حتى يخرج صديق آخر بخبر مؤكد عن صفقة سرية مشينة نقلا عن صحيفة صفراء لا يعلم بها إلا الله.. هنا يحتد النقاش وتنفلت الألفاظ ، والعبارات النابية ، لترشق كل مدافع أو معترض في صميم أفكاره فيتهاوى ، ويصارع أمواج المعارضة العاتية حتى يوشك على الغرق في مستنقع الشائعات ، والأحاديث الملفقة الكاذبة ( كذب المنافقون ولو صدقوا) ، وهذا صديق آخر يكتب نبأ وفاة والده منذ لحظات ، وبالطبع تنهال عليه التعازي ، وعبارات المواساة ، والسؤال عن موعد الجنازة ، ومكان الدفن ، والعزاء ، وهو يرد على جميع المعزيين تاركا المرحوم في رقدته دون الجلوس معه في لحظات وداعه الأخيرة ، (فالمهم أولا أن يعمل شات).. فهو لا يفكر إلا في جمع أكبر قدر ممكن من الردود ، والتعليقات ، والتواصل مع الأصدقاء ، الجالسين ليل نهار ينشرون الأكاذيب ، والشائعات ، يكتبون ، ويتلقون الردود والإعجابات والتعليقات ، والتهاني ، والتعازي ، سواء كانت من صاحب مصلحة ، أو مجامل ، أو منافق ، لا يعرف قيمة الوطن ، ولا يقدر أدق أسراره ، ولا قيمة العلاقات الإنسانية ، والاجتماعية التي ذابت في بحور الإنترنت ، دون أن يخشى على بلده ، و نفسه ، وأهله ، الفتن ، وخراب العقول ، والذمم ، والبيوت العامرة.. فيلعب لعبة المثقف الفطن الورع ، (أبو العُريف.. العَريف).. الذي ينفرد بنشر أدق الأخبار قبل حدوثها ، فيجذب أكبر عدد من القراء ، ممن فتحوا الموقع ، لا لقراءة ما يكتبه من درر ، وإنما للبحث عن كلاب للبيع ؟! بقلم / سحر فوزي / كاتبة وقاصة مصرية /13/6/2013