اراء حرة (:::)
طلال قديح – كاتب فلسطيني من السعودية (:::)
وهكذا تتوالى في مصر إنجازات بحجم المعجزات، وكأن قدرها أن تبقى سباقة في كل المجالات ، تتحدى الصعوبات وتتجاوز بكل ثقة العقبات مهما بلغت.
وفي هذا السياق كان افتتاح قناة السويس الجديدة في احتفالية عملاقة ومراسم غير مسبوقة حضرها معظم زعماء العالم أو من يمثلهم، ليتبارى الجميع في الإشادة بدور مصر الريادي الممتد عبر التاريخ لأكثر من سبعة آلاف عام. بلغ الاحتفال الذروة إعدادا وتنظيما ومشاركة واستقطب كل وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية ، في سباق واضح من المصورين والمعلقينس، وهذا ما عزز فرص النجاح لتبلغ حد الكمال.
ظلت قناة السويس- منذ بدأ حفرها سنة 1859م بأيدي مليون عامل مصري، مات منهم خلالها أكتر من 120 ألفا ، ويبلغ طولها 193كيلو مترا ، وافتتحت عام 1869م- شريان حياة للشرق والغرب، إذ اختصرت المسافات ، وهيأت الأسباب لسرعة اللقاءات ..وفي نفس الوقت ، اتخذها الأعداء ذريعة للحرب والخصومات.
قناة السويس منذ حفرت تمثل جزءاً مهما في مسيرة تاريخ مصر، وظلت مطمعا للأعداء، لكن ذلك كله تحطم على صخرة إرادة مصر التي تظل شامخة شموخ الإهرامات عصية على كل الغزاة. وهنا لا بد من وقفة مع تأميم قناة السويس في يوليو عام 1956، حين وقف الزعيم الخالد جمال عبد الناصر على منبر الأزهر ليعلن- بكل الشموخ والعزة- تأميم القناة وإعادة ملكيتها بالكامل لمصر، فقامت قيامة الأعداء وكان العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في اكتوبر عام 1956م، بكل ما ترتب عليه من تداعيات كلفت مصر والعرب الكثير الكثير.لكن في النهاية اندحر الغزاة وهُزموا هزيمة ساحقة وانسحبوا يجرون أذيال الخزي والعار، وانتصر الحق على الباطل ، وسطعت شمس الحرية، واستأنفت مصر مسيرتها تطورا وبناء، بل وتزعمت العالم الثالث المناهض للاستعمار.
قناة السويس شريان الحياة للعالم كله ، لذا بقيت تحافظ على هذه الخصوصية بل تتضاعف يوما بعد يوم، ومن هنا أدركت مصر، ومن منطلق ما يشهده العالم من تطور أسطوري، ورأت أنه لا بد من توسيع قناة السويس وتعميقها لتتناغم مع مستجدات العصر، ولتظل قادرة على الاضطلاع بدورها الحيوي الذي حفرت لأجله.
ولم يأت هذا الإنجاز المعجزة ، إلا ثمرة دراسة واسعة ومعمقة لعلماء مصرالمشهود لهم بطول الباع في ميادين العلم والتجارة والاقتصاد.. قررت هذه الدراسة أن هذه القناة الجديدة ستقفز بمصر قفزة عملاقة في كافة الميادين ويفتح الباب أمامها على مصراعيه لتنافس من سبقها من الدول النامية في البناء والإعمار والتطور والازدهار، وهي أهل لهذا بكل تأكيد. وهي ستوفر ملايين فرص العمل لأبنائها وتفتح المجال أمامهم لينطلقوا نحو آفاق أرحب تناسب الطموحات لكل الفئات.
كل الدلالات تؤكد أن مصر تنطلق بثقة كبيرة نحو وجهتها في العودة لمركزها المميز والظفر بكل ما يمكّنها من تسنم ذروة التقدم والتربع على سدة الريادة والقيادة.
هذه ليست نبوءة ، بل هي نتيجة حتمية لانطلاقة مصر المظفرة نحو بناء حاضر زاهر بالعطاءات ويلبي الرغبات..ففي كل يوم إنجاز وبناء وعطاء، يعزز الثقة أن هذه المسيرة لا ولن تتوقف مهما كانت التحديات.
حفظ الله مصر أم الدنيا ، وسدد خطاها على طريق التقدم والرفاه، وأوصل شعبها إلى أمله ومبتغاه.. ، ومحروسة يا حبيبتي يا مصر..أمين ..أمين..وادخلوها بسلام آمنين.
*كاتب ومفكر عربي
*8/8/2015م.