الجالية العربية … مختارات
بقلم : وليد رباحعندما تنقلب الامزجة .. وتختلف المقاييس تصبح الاشياء عكسية كما ترى من عنوان هذه الكلمة ..
فمن المفترض ان يعض الكلب الانسان وليس العكس .. ولكن الزمن قد انقلب في هذه الايام فاصبحت المرأة تضرب الرجل .. والانسان يعض الكلب .. والقطة تأكل الاسد .. والنمر يخاف من الارنب ..
وبالرغم من ان ذلك يحدث كثيرا هذه الايام .. فاننا نترك لانفسنا التصور بان الكلب عندما عض الانسان اعطاه البيطري 21 حقنة ضد داء الصرع .. فغدا الكلب مطواعا كأنه خاروف او حمل وديع .. وان المرأة عندما ضربت زوجها استرجلت وغدا زوجها يتلقى الصفعات على وجهه وقفاه من خلال صياحها وزعبرتها وطلبها اليه ان لا يضع الاحمر على شفاهه وان لا يلبس القصير حتى لا تبين فخذاه فيغري الاخرين بارتكاب الموبقات .. وان القطة عندما اكلت الاسد دب فيها نشاط عجيب فغدت كالذين يأخذون الابر المقوية في الافلام الامريكية ثم يهدون الجبال بيد واحده .. ويقتلون الالاف كالصراصير ويلين امامهم الحديد ويستخدمون المتفجرات كما يستخدمون الكبريت لاشعال سيجاره .. ثم غدا الاسد بعد ذلك كأنه حمار يركبه الجميع دون ان يقول لا .
وأن النمر عندما يخاف من الارنب يصبح الارنب ملك الوحوش ويخشاه القاصي والداني ولا يستطيع احد ذبحه الا بصاروخ سكود او صاروخ بولاريس امريكي .. كل هذا يمكن ان يحدث .. ويمكن ان تصدقه لاننا في زمن العجائب ..
ومن زمن العجائب ايضا ان يتبرع امير عربي بمبلغ خمسين مليونا لجمعية القطط في فلوريدا مثلا قبل سنوات .. في الوقت الذي يعاني فيه اهله في البلاد من جوع حقيقي .. ومن العجائب ايضا ان يتبرع امير عربي آخر قبل سنوات لحدائق الحيوان في انكلترا بمبلغ عشرة ملايين دولار لتحديث جهاز ( التدفئة ) للكلاب والحمير والقرود والافاعي .. في وقت يأكل بعض شعبه اعشاب الصحراء لسد قوت يومهم ..
واذا ما لم نصدق ذلك .. فكيف نصدق ان الملايين التي تصرف في مواخير لندن وباريس واتلانتك ستي يمكن ان تشبع جوع شعب عربي يموت اطفاله جوعا ..
الم نقل ان هذا زمن العجائب ؟ فالرجل الذي عض الكلب رجل عاقل .. فلو لم يعضه فلربما ذهب هذا الكلب الى حديقة الحيوان في لندن لينال من كرم صاحب الكرم امير البلهاء ما يمكن ان يقيم اوده .. فالمال العربي الذي يأكله الحكام هو حق للشعب .. ولكنهم يبعثرونه على الكلاب الضالة والقطط الهائمة لأن الشعب في نظرهم اقل قيمة من هذه الحيوانات التي يجب ان تعيش
ومن سوء طالعنا ان الله منحنا وطنا في البلاد العربية ينضح بالخير والنفط والمال والمواد التي تنفع في صناعات هذا العالم .. ونقول سوء الطالع لان الشعب لا يستفيد منها غير العمارات العالية .. والجسور الانيقة .. وناطحات السحاب المتطوره .. في وقت عندما يهاجم العدو ارضا عربية .. فان اول من يهرب ( دعنا نخمن)..
ان المال العربي الذي يضيع بين البارات والبغايا هو مال الناس وليس مال اولئك الجهلة الذين ارسلهم الله لعقابنا .. ولا راحة لنا الا بدوسهم بالجزم وضربهم بالاحذية .. ان اولئك الجهلة هم الذين اوصلونا الى هذا الحال من العدم .. وليتنا نرضى بذلك فقط .. بل اننا نقوم بالتصفيق لهم حتى تهترىء اكفنا .. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم .. ونحن لم نغير شيئا .. وان غيرنا فنحو الاسوأ .
لن تقوم لنا قائمة ما دمنا نسكت على الضيم .. ولن نتقدم في هذا العالم الا اذا امتلكنا ناصية المال بانفسنا .. فالمال مال الله .. ينفقه كيفما شاء لمنفعة الامة .. اما اولئك الذين يظنون انفسهم انهم آلهة يتصرفون بهذا المال وفق ما يرغبون فيجب ان يتوقفوا عن ذلك .. وان يغيروا ما بانفسهم ..
لقد انقلبت الموازين في هذا الزمان .. وغدا العالم يركض بسرعة عجيبة نحو تحسين احوال الشعوب .. الا الشعوب العربية .. فانها لم تزل تعاني .. ولم نزل نرى اللصوص قد ازدادوا .. والسرقات قد كثرت .. ومع كل ذلك فقد زاد التصفيق وزاد التأييد لؤلئك الذين يقتلوننا ..
فهنيئا للمرأة التي تضرب زوجها .. وللقطة التي تأكد الاسد .. وللنمر الذي يخاف من الارنب ..
فنحن في زمن اصبح فيه كل شىء مقلوبنا .
ولا يستبعد في مقبل الايام ان يحمل الرجل العربي ويبقى في البيت ثم تعمل المرأة جهدها لكي يعيش الزوج والاطفال ..
فحالتنا ربما قلبت موازين هذا العالم .. والا .. ما الذي يجعل كل العرب من اقصاهم الى ادناهم لا يفعلون شيئا سوى التنديد والصراخ وارسال برقيات الاستنكار والنوم على اعتاب الامم المتحدة