عكاشة وحق الشعب المصرى – بقلم : ماجد ضيف

دراسات ….
بقلم / ماجد ضيف  : مصر  ….
فى عام 2006 نشر لى فى صحيفة القدس العربى مقالا تحت عنوان ” مصر / إسرائيل .. من سيردع من ؟! ” ، وقد تناولت فى هذا المقال المخاطر المتوقعة على حصة مصر فى مياه النيل بعد أن تصاعد النفوذ الإسرائيلى فى أغلب دول حوض النيل وبالأخص فى إثيوبيا ، كانت حينها تلك المخاطر متوقعة ، ولكنها اليوم وفق تصريحات الخبراء والمسئولين بل ووفق الواقع المؤسف الذى تعانيه الزراعة قى العديد من المحافظات باتت مؤكدة !!

كنا نأمل من أبواق الإعلام الرسمى والخاص أن يكون اهتمامهم الأول والأولى بهذه الكارثة ليس باعتبارها أهم وأخطر قضايا الأمن القومى فحسب ، ولكن باعتبارها دون أدنى مبالغة قضية وجود .. قضية حياة أو موت .. قضية انهيار دولة من أقدم دول العالم .. قضية تجويع وتركيع للدولة رسميا وشعبيا ، إلا أن هذه الأبواق لم تفعل ، ويبدو أنها لن تفعل ، لأنها صارت أبواقا آلية لروبوتات آلية لاتملك من أمر نفسها شيئا ولا تملك رأيا ولا رؤية ولا حسا ولا إحساسا !!

وفجأة يظهر عكاشة فى بؤرة الحدث وتأخذه الجلالة ويغرد خارج السرب الذى ينتمى إليه ويتناول العديد من المشروعات الرسمية بالنقد والتحليل واصفا إياها بأنا إخفاقات وليست إنجازات ، لم يكتف عكاشة بهذا القدر ولكنه تجاوزه مطالبا بعمل استفتاء شعبى على أمرين أولهما  إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وثانيهما حل مجلس الشعب ، وهو مطلب شديد الجرأة من أحد صناع وداعمى 30 يونيه وما تلاها من أحداث !!

ومن الطبيعى أن يحدث ما كان متوقعا ، هجمات شرسة ومتتالية ومتصاعدة من أركان النظام يبدو وأكرر يبدو من وجهة نظرى الشخصية أن عكاشة شعر معها بالخطر ، ومن الطبيعى أن يبحث من يستشعر الخطر عمن يؤمنه ، ومن المؤكد أن عكاشة له أنصار ومحبين ، إلا أن عكاشة يبدو وأكرر يبدو من وجهة نظرى يعلم أن مناصريه ومحبيه ليسوا من الصنف الذى يواجه المخاطر دفاعا عن حق يؤمن به ، لذا فقد بحث عمن يملك القدرة المؤكدة على تأمينه ، ويبدو وأكرر يبدو من وجهة نظرى أن عكاشة وجد ضالته فى بنى إسرائيل باعتبارهم وفقا لقوله بمثابة المفتاح الحصرى للأبواب الأمريكية والأوروبية وأنهم يمتلكون القدرة على التأثير فى القرارات العالمية العليا بدرجة لا ينازعهم فيها أحد .

إذن فقد وجد عكاشة ضالته ولكن بقى له أن يجد مبررات للتواصل ، ويبدو وأكرر يبدو من وجهة نظرى أن عكاشة وجد أن المبررات التى يمكنه اعتمادها دونما أن يتعرض لحملات التشويه والتخوين تتمثل فى بعض قضايا الأمن القومى التى أخفق النظام الحالى فى تحقيق أية إنجازات بشأنها وفى مقدمتها قضية المياه .

فى البداية أعلن عكاشة عن دعوته السفير الإسرائيلى فى مصر للقائه فى منزله ، هاجت أركان الدولة وأبواقها واتهموه بالخيانة والعمالة والتطبيع ، إلا أن عكاشة نفذ ما أراد وتم اللقاء بينه وبين السفير الإسرائيلى ومرافقيه الذين حضروا إلى منزل عكاشة فى ظل حماية أمنية صرح عكاشة بأنها تشكلت من 20 أمين شرطة وضابط !!

إلا أن ما صرح به عكاشة مساء السبت 27 فبراير 2016 فى رده على ما وجه إليه من اتهامات وتفنيدها لا ينبغى التعامل معه بأقل من كونه قنبلة إنشطارية ، فحينما يؤكد بكل ثقة أن الكاتب مصطفى بكرى وغيره قد حصلوا على أموال من القذافى وصدام حسين وغيرهما فمن حق الشعب على النائب العام أن يفتح تحقيقا فى الأمر لمساسه بالأمن القومى ، وحينما يهمز ويلمز عن عشرات الأفدنة التى خصصت لمشاهير الصحافة ومنهم مصطفى بكرى فمن حق الشعب على النائب العام أن يفتح تحقيقا فى الأمر لمساسه بالأمن القومى ومبادئ العدالة والمساواة ، وحينما يؤكد بكل ثقة أنه فى اجتماع رسمى أفتى للدولة باللجوء إلى إسرائيل ( باعتبارها مفتاح أميريكا والغرب ) لدعم شرعيتها ، وأن الدولة بالفعل أخذت بفتواه وطلبت من إسرائيل مساندتها ، وأن إسرائيل قد استجابت ومهدت طريق الشرعية للنظام المصرى فى الخارج وبالأخص فى أميريكا فمن حق الشعب على النائب العام أن يفتح تحقيقا فى الأمر لمساسه بالأمن القومى وبالسيادة المصرية .

لقد أثبت عكاشة أنه يعرف الكثير ، وأنه يعلم متى يتكلم ومتى يصمت وكيف يواجه وبمن يحتمى ، لقد حقق عكاشة انتصارا واضحا حتى الآن على كل من تربصوا به ، لا يشغلنى الآن وأظنه لا يشغل أحدا طبيعة هذا النصر ، وهل هو انتصار شريف أم غير شريف ، إن ما يشغلنى وأظنه يشغل الملايين ممن تابعوا قنابل عكاشة هو معرفة الحق ، والحق الآن من وجهة نظرى فى ملعب واحد فقط ، إنه ملعب النائب العام .. نائب الشعب الذى وجب عليه اليوم كما لم يجب من قبل وربما من بعد أن يفتح تحقيقا بل تحقيقات لرد الحقوق إلى مستحقها الوحيد ألا وهو الشعب المصرى .
maged.daif@hotmail.com