“خازوق بالانتظار” قصة : بكر السباتين

القصة ….
قصة : بكر السباتين
بعد أن توقف المرشح عن إلقاء كلمته الطنانة الرنانة؛ سأل رجلٌ مثقفٌ أحد الجالسين إلى جواره:
” أليس هذا المرشح هو القوّاد ( الأزعر) أبو الريش، صاحب الذراع الموشومة! فكيف تصفقون له!”؟!
لكن الرجل أخرسه بعينيه المتوقدتين متوعداً:
“في النهاية ما دام هذا الفاسد (في نظرك) من عشيرتنا فهو إذن شريف رغم أنفك! فمن دسّك بيننا يا هذاحتى تفتري على الرجل! لا تدعني أحرض شباب العشيرة عليك!”.
فأسقط المثقف على الأرض ما تعثر من كلمات في طرف لسانه، وداس عليها والغيظ يعتصر قلبه الواجف.
لكن المثقف تحول بالسؤال إلى ذات الرجل مرة أخرى، بخبث ودهاء:
“ألم تكن هذه الأرض الأميرية التي تقيمون عليها مهرجانكم موقوفة على وعود النواب السابقين؛ لتحويلها من قبل البلدية إلى متنزه لأطفال الحي!؟”.
فأكلت الدهشة حماسة الرجل تجاه المرشح الذي تحول في الخطابة إلى شكسبير عصره، وتدلى لسانه كأن فرط كلامه الملظوم تطاير مع الرياح، متحرراً من عقدة العشيرة لوهلة، صارخاً في وجه المثقف:
” السبب أننا ننتخب نواباً فاشلين ثم نعيد انتخابهم من جديد! ويلي على حالنا”.
لكن المفاجأة التي طعنت عقل المثقف قد باغتته حينما أكمل الرجل رده هامساً متلعثماً بعض الشيء:
” ولكن مرشحنا هذا صادقٌ في وعوده، فبالأمس وعدنا بمناسف تتوسطها رؤوس الخرفان المشوية، فسل هذه البطون المندلقة من حولنا كيف أوْلمَها أبو الريش حتى الشبع، أما اليوم! وها أنت حاضر بيننا، فعساك تغنم بنصيبك، إذ وعدنا سعادته بصواني الكنافة النابلسية لتدور ساخنة بيننا، فسيصدق وعده.. هذا عهدنا به.. ويكفي أنه من أبناء العشيرة المعصومة من الخطأ”.
وفجأة لفتت انتباه الرجل جلبة في آخر الصيوان، فاستدار يخبر المثقف قبل أن يستدير مندفعاً إلى حيث هناك:
” ألم أقل لك بأن وعد هذا المرشح قد صدق! فهلم واستلحق لك نصيباً قبل أن تُسَفُّ الصواني”.
لكن خازوقاً كان ينتظره، فالصواني كما يبدو قد جاءت بالخطأ إلى غير صاحبها، وهو مرشح آخر من كتلة منافسة، ومن لحظتها اختفى الرجل عن ناظري كأنه فص ملح وذاب.