فلسطين (:::)
عمر أمين مصالحة- الناصرة – فلسطين المحتلة (::::)
ان ثقافة النظافة ليست موروثة، بل مكتسبة، نكتسبها من بيئتنا، من حولنا , فمن اعتاد الحفاظ على مفردات النظافة بكل ما تحمله من معنى، فسوف تنتقل من عقله الواعي إلى عقله اللاواعي وتصبح بذلك خبرات وعادات يمارسها بإتقان، وأنا هنا أقصد النظافة بمعناها الحقيقي البيئي وليس الجسدي، وهي نظافة البيوت والشوارع والمدارس والأماكن العامة، دونما أدنى تلاعب بالألفاظ والكلمات . ولكن مع الأسف ما نراه من الأوساخ في بلداتنا العربية الفلسطينية هو عكس ذلك . فمع أن الدين عمل على تكريس مفهوم النظافة البدنية والمكانية حيث ذكر أن النظافة من الإيمان عند الجميع، وكان الإسلام قد فرض الوضوء خمس مرات في اليوم حرصاً على النظافة، وهناك الحديث الشريف الذي يقول: ( نظفوا أفنيتكم …) وهناك الحث على التطيب، ولكننا كمسلمين أو بعضنا، وإن كنا بالغنا بمظاهر الأناقة والنظافة ومظاهر بيوتنا , ولكن هناك جانباً آخر مهم للغاية قد تركناه وتخلينا عنه كلياً، ألا وهو نظافة شوارعنا، حاراتنا ومدارسنا وكل الأماكن العامة من حدائق ومنتزهات… ففي الوقت الذي تفرض فيه قوانين صارمة للغاية في الغرب على النظافة وفرض غرامات على من يلقي القمامة، وهم ينفذون القانون بحذافيره دونما تقصير، وقد تكون بيوتهم نظيفة أم لا (ليس شأننا ). ما يهمنا ذلك المظهر الحضاري والجمالي لشوارعهم وطرقهم. وكل أماكنهم، في حين أننا نغفل نحن هذا الموضوع في بلادنا. بيوتنا من الداخل نظيفة جداً وأنيقة جدا، لكن ما خارج أسوار بيوت كل واحد منا، لا علاقة لنا به، وهذه المشكلة تتفشى، عندما نتعامل مع تلك الأماكن العامة وكأنها ملك خاص لنا ويحق لنا التصرف فيها كيفما نشاء، مع العلم أننا في ملكنا الخاص الحقيقي لا نفعل ذلك، فهذا يرمي الأوساخ وآخر يبصق في الطريق… فلان يربي المواشي والطيور في بيته وحديقته،علان يفتح ورشة بيع مواد بناء في الشارع العام وتلك تلقي حفاظات الصغار من شباك “المارسيدس” لتحافظ على نظافة سلة المهملات امام بيتها.
وسأسرد عليكم ما لمسته في الأسبوع الأخير من خلال مشهدين، لأشرح ما تقدمت به، ولكي لا أتهم بالتنظير وصك الكلام. الأول : في مدينة العفولة اليهودية المحاذية لبلدي دبورية، أقيم في السنوات الأخيرة منتزه جميل تشرح له الصدور، بما يحوي من العاب وخضرة ومساحة الى ما لا نهاية.
لقد زرت المكان مع ابنتي يمامة، وهناك شد انتباهي انضباط الزوار العرب وحفاظهم على النظام الهدوء والنظافة.
المشهد الثاني : اسمحو لي التوجه لسعادتكم بالسؤال. هل في بلداتكم مثل بلدنا دبورية، فيها شباب وأناس، يجوبون البلاد بطولها وعرضها ولا يتذكرون رمي القمامة من سياراتهم، الا عندما يصلون الى مدخل قراهم وبلداتهم العربية؟
لقد منح الله تعالى، بلدي دبورية الجليلية الجمال في موقعها على سفح جبل الطابور امتداداً الى جبال الناصرة ومرج ابن عامر، لكنها مع الأسف والحسرة محاصرة بالقمامة من جميع اطرافها، خاصة في ايام المناسبات، حيث يلقي اصحاب الأفراح ببقايا الولائم في اقرب نقطة بعيدة عن اعين الناس، وقد مررت بأحدهم يلقي العشرات من أكياس الطعام على قارعة الطريق، هذا الشخص حظي بلقب الشرف، كونه ذبح كذا من الخراف، وكم من العجول في سهرة ابنه وحيده.