تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا

اراء حرة (:::)
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك (:::)
عندما ينشق القلب إلى نصفين ، عندما تنقسم الذات إلى شطرين ، عندما يتجه الفكر إلى اتجاهين ، هل يتحول الإنسان إلى إنسانين أم ينقسم إلى نصفي إنسان ، ماذا أقول ودموع الفرح والسعادة في عين  ودموع الحزن والاكتئاب في العين الأخرى ، هل هو الهذيان إذا أنشد نصف اللسان أنشودة الفرح والنصف الآخر ردد مرثية ، لم أكن أتخيل أن أتحول أنا إلى إنسانين أو أنقسم إلى نصفي إنسان ، لا أعرف كيف أكتب بيدي اليمنى ويدي اليسرى في آن واحد ، ما أصعب الضحك والبكاء في ذات الوقت على المشاعر والأحاسيس . بينما أُعد نفسي للفرح وكتابة إنشودة النصر أُهديها إلى كل قطرة عرق ساهمت في أن تخرج قناة السويس الجديدة إلى العالم  فُجعت بخبر صبغ شمس النهار أمام عيني بقتامة الأحزان ، لم أتحمل النظر إلى شاشة التلفاز ، أغمضت عيني حتى اختفى أقسى ما يمكن أن ينظر إليه الإنسان ، لم أشاهد الصورة سوى للحظات لكنها اخترقت العقل والقلب والفكر ، لم تعد مجرد صورة بل تحولت إلى كلمات ملتاعة يحاول قلمي أن يترجمها ولا يجد ما يشفي الغليل ، وا رباه حرقوا الطفل الرضيع ، حرقوا الملاك سعد على الدوابشه ومعه عمره الذي لم يتعد العام ونصف ، هل حرق هتلر الأطفال في الهولوكوست ، مستحيل أن يكون فعلها ، لكن شياطين جهنم فعلوها ، كيف أفرح بقناة السويس وأكتب أشعاري وصورة الطفل المحترق أعادت كل الرمال ثانية إلى المجرى وطمست معالمه ولم أعد أرى سوى وجه الصحراء الملتهب ، لم أكتب يوماً عن القضية الفلسطينية وغفل قلمي أو نسى أن يقول رحمة بنساء وأطفال فلسطين ، جريمة نكراء ، هل ستكون الضربة التي نفيق بعدها أم سنملأ الدنيا بعويل الشجب والاستنكار ثم نسكب الماء البارد على رؤوسنا وننسى الموضوع وما قبله وما سيأتي بعده ، غافلون غافلون غافلون !!!! ، بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة استنكر وندد بهذا الفعل الإرهابي ، أما جامعة الدول العربية وأمينها نبيل العربي لم نر منهم حتى نظرة غضب ، ألتمس العذر وبدون تعليق فقط أقول ” الضرب في الميت حرام ” ، هذه البشاعة أظهرت أن الدواعش لهم إخوة يتبارون في منافسة شياطين جهنم للوصول إلى أقصى حد للتفوق الدموي ، قد يسأل البعض كم من الشهداء يتساقطون كل يوم وفي جميع أنحاء العالم فلماذا هذه الضجة التي تثيرها من أجل الطفل الصغير الذي تم حرقه بأيدي الصهاينة ، الإجابة لا تحتاج إلى تفسير أو مناقشة ، أغمض عينك وتخيل أن هذا الطفل البريء هو ابنك أو حفيدك وحاول بعدها أن تطفيء نيران قلبك . أيها العالم ، أيها العرب ، ألا من نهاية لهذه الإغماضة وكأن عيونكم خُلقت لتنظر وتتمعن في المخازي فقط ، ألا من نهاية لهذا الظلم الفادح وكأن الحق تحول في أذهانكم وضمائركم إلى شيء لا يصلح سوى نعال للأحذية تخوضون به في الأوحال ، وأي وحل أكثر من حرق الأطفال الأبرياء !!!!! . إسمحوا لي أن أحتفل بقناة السويس بنصف إنسان واتركوا النصف الآخر لإحزانه . آسف احتفلوا أنتم ، حتى النصف الثاني لم يبق ، لقد اغتال شياطين جهنم الطفلة “جاسي ” وأعوامها البريئة في مصر !!
edwardgirges@yahoo.com