آراء حرة …..
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك
الدعوة لتجديد الخطاب الديني ، بدأ الدعوة الرئيس السيسي ثم تفشت في الجميع ، وأصبحت الشغل الشاغل للقنوات الإعلامية بصفة عامة وخاصة ، لا تشاهد قناة إلا وتجد الإعلامي ومعه أحد الضيوف يتحدثون ويفيضون وكأن الموضوع كان تائهاً ثم وجد ، وأراهن أن الكثيرين يتحدثون وهم لا يفهمون ما هو المقصود أو مفهوم العبارة ، الموضوع لا يمس من قريب أو بعيد عمق الدين نفسه أو حتى يقترب منه ، ولذا أقول وأنا مطمئن إلى صحة قولي أن جميع الأديان تحتاج إلى تجديد الخطاب الديني وليس تختص بالخطاب الإسلامي فقط ، نعم كل خطاب له دوافعه ومقتضياته ، لكن كلها تحتاج إلى التجديد ، المشكلة إننا جميعاً نصل إلى درجة التقديس بل التقديس ذاته لأراء بشرية اجتهادية ، ولا نريد أن نعترف أن البشر مهما بلغت درجاتهم لا يصلون إلى درجة العصمة من الخطأ سواء الخطأ الفكري أو الخطأ الفعلي ، وأن زمن هذه الأراء أو الاجتهادات يختلف اختلافاً بيناً عن زمننا الحاضر ، وأن بعض هذه الأراء لو راجعناها على الديانة نفسها ستجد أنها قد تكون خرجت عن صحيح الدين ، في كل الديانات أراء واجتهادات يجب تعديلها بما يتناسب مع الزمن وهذه التعديلات من المستحيل أن تمس جوهر الدين لأنها كما قلت مجرد أراء واجتهادات بشرية قابلة للخطأ والصواب ، حتى في أداء بعض الطقوس الدينية سنجد بها بعض الاختلافات ، الأمثلة كثيرة ومتعددة وكل الديانات تقول أن هناك بعض التعديلات يجب أن تُجرى لتناسب الأزمنة المتقدمة ، زمننا هذا يختلف اختلافاً شاسعاً عن زمن وضع هذه الأراء ، وقد يأتي الزمن القادم بتغيرات قد تختلف اختلافاً شاسعاً عن زمننا هذا مع الوقوف دائماً امام نقطة لا مساس بجوهر الدين . النقطة الأهم التي أود أن أوردها في هذا السياق ، أن الجميع يفكرون في تغيير الخطاب الديني كأراء مختصة بالأراء الدينية فقط ، وهذ أورده مورد مقولة ” كأنك يا أبو زيد لا رحت ولا غزيت ” ، فقبل أن نغير في الخطاب الديني هناك الكثير من الخطابات يجب أن تُغير وهي الأساس الأول الذي يبنى عليه تغيير الخطاب الديني ، الخطاب التعليمي الذي يدرس للنشأ وقد أصبح لا يمت للتعليم بشيء ، لكنه كلمات عقيمة لا تصلح في العقول بل تصنع منها أدوات غير نافعة للمجتمع بل وتحرض على الفتنة ، الخطاب الثقافي ، الخطاب الفكري ، الخطاب الأخلاقي ، الخطاب الحضاري ، الخطاب الفني أي الفنون بجميع أنواعها وخاصة المرئية التي تحولت إلى أسوأ ما يمكن أن يُعلم للنشأ ، الخطاب السياسي ، وأعتقد أن التاريخ يعُج بخطابات دفعت إلى تحويل الخطاب الديني إلى مجرد تطرف وتعصب ، كلها خطابات تحتاج للتعديل أولاً ثم ننظر بعد ذلك إلى تعديل الخطاب الديني ، إنسان غير متعلم وغير مثقف وبالتالي غير مفكر والقدوة التي أمامه ليست سيئة بل السوء نفسه ، ماذا ننتظر منه ، من المؤكد أنه سيتحول إلى الضياع بأي صورة من الصور. من يحاول أن يوهمنا بأن الإرهاب هو نتاج الخطاب الديني المتطرف فقط ويعالج الموضوع على هذا الأساس ، أقول له مجهودك باطل ، سيتغير الخطاب وسيبقى الإرهاب ، إبنوا الإنسان أولاً ومن السهل بعد ذلك أن نغير ونبدل ونعدل ونجدد .
edwardgirges@yahoo.com