آراء حرة …..
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
كنت أود أن يمر هذا الكابوس ، كنت أود أن أنساه أو أتناساه ، كنت أشتهي أن يقفز شهر مايو إلى شهر يوليو مباشرة، رحبت بالعملية الجراحية قبل أن يبدأ هذا الشهر وما يتبعها من مسكنات مخدرة يمكن أن تأخذني إلى عالم آخر فأتخيل أن الأرض قد تراكمت عليها الثلوج بما يوحدي بأننا لا زلنا في شهر يناير ، لكن هناك أشياء نافذة تخترق العقل وترفض إلا أن تضعه في نقطة الصحوة ، وهل هناك ما يوجع العقل والنفس أكثر من الخامس من يونيو ، وهزيمة ستظل ذكراها حتى دخولي إلى مرقدي الأخير . نعم وحقيقي ودون مبالغة أقولها لو انتصرنا كل يوم فهذه الهزيمة لن تذهب مرارتها من جوفي أبداً ، أعجب من أحدهم طالب بأن ننسى هذه الهزيمة ولا نذكر سوى انتصار أكتوبر ، ولا توضع في المناهج الدراسية حتى لا تعرفها الأجيال الجديدة ، وأحدهم هذا وبدون ذكر أسماء أحد الذين اعتادوا التدليس كنوع من التبرير لكل الذنوب ، حتى لو كان تدليساً على الشرف . حقيقي حاولت أن يمر هذا الشهر دون أتذكر ذلك اليوم وما تلاه من أيام لم تشرق شمسها ، وكأنها ترفض أن تكشف عن الخزي والعار الذي لحق ببلدنا وكل من تسببوا فيه ، لقد عشت هذه الأيام بكل ألمها الموجع إلى الموت ، والتحقت بعدها بالقوات المسلحة ولم أتركها حتى نصر أكتوبر ، لن أبكي الأعوام الطويلة التي ضاعت من عمري ومستقبلي وأنا أخوض حرب الأستنزاف إلى اليوم الفاصل وهو السادس من أكتوبر من مبدأ أن الموت في سبيل الوطن شرف، لكن في نفس الوقت أردد لولا هزيمة يونيو ما كنا اضطررنا لهذه الحرب الطويلة التي راح ضحيتها الألاف المؤلفة من شباب الوطن ، وما انقصم ظهر الوطن ولا اقتصاده ، وأردد أيضا المقولة الشهيرة أن الرؤساء يسوقون الجنود للذبح كالأغنام وهم في أبراجهم العاجية . من المؤكد أنه لا يستطيع أحد أن يشكك في وطنيتي وشهادة العبور للنصر احتفظ بها كشاهد على إننا أبدا لا ندخر وسعا في سبيل الدفاع عن أوطاننا ، لكن من حقي أيضا أن أبكي وأسأل الدموع الحمراء لماذا يحدث هذا ؟! ، لماذا يحدث هذا والحناجر تهتف بأننا سنلقي باليهود في البحر ؟! ، لماذا يحدث هذا والرئيس يصور للشعب أننا فقط نلاعب إسرائيل لعبة القط والفأر ؟! ، لماذ يحدث هذا وكنا نظن أن جيشنا في أيدي أمينة بالرغم من أن جميع المؤشرات السابقة منذ حرب 56 تقول أن اليد غير أمينة وأن القيادات يجب تبديلها؟! ، لماذ يغمض الرئيس الذي عشقه الشعب عينه عن الأخطاء الواضحة جدا من أجل صداقة انتهت بخيانة ، انتهت على حساب شعب ليس له فيها ناقة ولا جمل ، شعب مسكين وثق إلى النهاية لكن ثقته كانت بمثابة قطرات ماء تبخرت وقت الظهيرة . هل يجب أن ننسى هذه الذكرى كرأي هذا المدلس الأحمق لكي لا تعرفها الأجيال القادمة ، بالتأكيد رأي فاسد كصاحبه ، يجب أن نتذكرها ونذوق مرارتها كل عام ، يجب على الرئيس الحالي وقواته المسلحة أن تضعها نصب عينها دائما كدرس لا ينسى ، فلا تزال إسرائيل كما هي ، ولا تزال أمريكا خلفها ، ولا أمان أمام مصالح يمكن أن تدوس كل الشرف والأخلاق .
edwardgirges@yahoo.com