تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا – بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك
قررت أن أكون متطرفا ، متشدد ، بل سأضع فوق رأسي طاقية تقول أن الثقافة خانتني وأنا والجهل جمعتنا صداقة لا ينفرط عقدها ، سأكون كل هذا حتى انتهي من كتابة هذا العمود ، أفضل لي من أبيع عقلي للشيطان!! . لقد اندفعت الأفكار إلى رأسي ككريات البلي المتوهجة  المندفعة من قنبلة بعد زيارة ” الروبوت صوفيا ” إلى مصر . إمرأة كاملة يمكن أن تجيب عن الأسئلة ، يمكن أن تتزوجها ” والحديث للرجال ” ، وتدخل بها إلى غرفة النوم دون أن يخنقك المأذون أو القس ، دون أن ينتفوا ريشك تحت مسمى شبكة ومهر وشقة وعفش ودربكة وطبلة ورقص ومعازيم يأكلون طعامك ويخرجون يسبونك ، ستفعل معها  كل ما يحلو لك دون أن تنكد عليك أو تتدلل ، جارية بين يديك ، لكنها جارية من الزمن الحديث تذيقك الهوى أشكال وألوان ، وعلى الشق الآخر أحدث النساء بما حدثت به الرجال ، ” الربوت الرجالي ” واطلقي عليه أي أسم ؟! ، لكنه أيضا سيوفر لك المتعة . حقيقة ، المرة الأولى التي أقف فيها أمام العلم ولو  بيدي لشهرت في وجهه حذائي الذي أكله الطريق ولم يبق منه سوى ما يشبه الهيكل العظمي لحذاء . لست متخلفا أمام العلم أو الثقافة أو كل ما ينتمي للرقي أو الحضارة ، لكن أمام هذه الروبوتات ، كل الروبوتات وليست الجنسية فقط ، فأنا أحب أن أوُصم بأنني من العصر الحجري ، عجيبة !!، العالم كله مشغول هذه الأيام بالبحث عن الكيفية التي يتم بها توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي للاستفادة منه في كل المجالات وحتى فوق الفراش ، اختلف العلماء بشتى أطيافهم وانقسموا حول حساب الفوائد والخسائر الناجمة عن إطلاق طاقات البحث العلمي في هذا المجال الشائك ، وإذا تركنا هؤلاء العلماء وذهبنا إلى بلادنا بعد زيارة ” الروبوت صوفيا ” ، أول ما سأتعرض له الفتاوى التي انهالت تحرم الروبوتات الجنسية ، وسواء صدرت هذه الفتاوى من دار أفتاء الأزهر الشريف ، أو مشايخ الجماعات السلفية ، أو حتى بؤر التطرف ، فأنا كما قلت قررت أن أكون متطرفا لأقصى الحدود وأُطلق فتوى ” الحرام ” ضد هذه الروبوتات وبصوت أعلى من كل أصواتهم . لكن ما أثار انتباهي أن الكثيرين سواء من له دلو أو من لا دلو له تصدوا لهذه الفتاوى وكتبوا عن العقول واللاعقول التي لم يشغلها سوى توجيه العملية كلها نحو الجنس ولم يتطرقوا إلى مجال الذكاء الاصطناعي ومختلف تطبيقاته في الصناعة والطب والهندسة والتطبيقات الفنية ، ولاموا علي كل من يترك هذه الاختراعات لفتاوى ” الحلال والحرام ” ، نعم أنا معكم في هذه الاتجاه ، ففي بلادنا تركنا كل شيء لهذه الفتاوى حتى صبغت الكثير من العقول باللون الأسود ، لكن في هذا الصدد ، إذا كانوا هم أفتوا بما يتعلق بالجنس فقط فأنا معهم وسأُفتي أيضا ضد الجانب الآخر من هندسة وطب وغيرها ، أنا ضد أي فكر يلغي الشخصية البشرية في أي مجال ، ليس عن جانب ديني ، لكن من جانب أخلاقي ، بدلا من اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي ، اطلقوا العلم والاهتمام ليرفع ذكاء البشر بدرجة أكبر من الذكاء الاصطناعي ولا تهدروا قيمة الإنسان حتى في المشاعر والأحاسيس .
edwardgirges@yahoo.com