اراء حرة (:::)
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك (:::)
تحدثت في العدد الماضي عن هويتنا في المهجر ، وقلت أن اللغة هي الرابطة التي تجمعنا جميعاً كدول عربية ، وأنه لا يجب أن ينفرط عقد لغتنا بل يجب أن نحفظه ونسلمه لأولادنا وأحفادنا ليواصلوا المسيرة أيضاً مع أبنائهم وأحفادهم حتى لا يضيع العنوان الرئيسي للهوية ونصبح مجرد كائنات تابعة لا أكثر ولا أقل . العامل الثاني بعد اللغة والذي يستوجب المحافظة عليه هو العادات والتقاليد ، عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها ومارسناها في بلادنا ، هل يمكن أن نطمسها في بلاد المهجر ونسير بعاداتهم وتقاليدهم ، بالتأكيد لا أنتقد عاداتهم وتقاليدهم التي يمارسونها ويحترموها إلى حد التقديس ، فقط أقول انها بالتأكيد لا تناسبنا ، كل شعب له عاداته وتقاليده الخاصة أو المنفردة به ، حتى في دولنا العربية نجد أن كل شعب له عاداته وتقاليده ، الشعب المصري أبو العادات والتقاليد التي تمتد إلى أيام الفراعنة والي من يستهول هذه الكلمات أقول له نعم إلى ألاف السنين، ولن أتوسع في الشرح لكن سأكتفي بأن أقول اننا لا نزال نحتفل بعيد شم النسيم الذي تنتظره كل مصر كل عام وتملأ فرحته الجميع والدولة تقرره عطلة رسمية منذ ألاف الأعوام ، خمسة ألاف سنة ، أي حوالي عام 2700 قبل الميلاد ، هذا عدا التقاليد الخاصة بكل مناسبة سواء في الأفراح أو الأحزان أو حتى المعيشة اليومية ، العادات والتقاليد لا تتجزأ عن الهوية ، وفي كل البلاد العربية التي زرتها شاهدت ولمست عاداتها وتقاليدها الخاصة بها والمميزة لها في كل المناسبات والحديث عنها يطول ، كما يطول الحديث عن هويتنا في المهجر التي تتأرجح بين التمسك بها والضياع وإن كانت كفة الضياع أكثر ثقلاً وهذا ما دعاني أن أكتب هذه الكلمات ولو إنني أشعر بالتقصير بنفس الدرجة التي أوجه بها اللوم إلى الجالية جميعها واختص بها هؤلاء الذين تفرغوا للمشاحنات والهجوم الذين لا ينقطع بين بعضهم البعض بدلاً من أن يكرسوا جهدهم المتنابذ للمحافظة على هويتنا وكل ما يحيط بها من عادات وتقاليد المفروض أن نرسخها في الأجيال الجديدة ونستحلفهم أن لا يفرطوا فيها وأن يكونوا قدوة أمام أولادهم وأحفادهم وخاصة اننا لا نوصيهم بشيء غير مقبول أو قبيح ، فقط أرجو أي يقارنوا بين عاداتنا الجميلة وما شاهدوه في المهجر من عادات وتقاليد وأنا متأكد لو أُخذ الموضوع بصورة جدية سيعرفون كم هي جميلة هويتنا وكم هي جميلة عاداتنا وتقاليدنا ، عادات وتقاليد لا تنصب على ناحية واحدة فقط بل شاملة لكل نواحي الحياة وعلى سبيل المثال العري في بعض البلاد من الأمور العادية بالنسبة لهم لكن بالنسبة لبلادنا نرى فيه خلاعة بل ننظر إليه على أنه أخلاقيات هابطة ولا يقفز إلى ذهن أحد إنني أنتهج نهج التخلف فالحضارة ليست هي العري واللباس المحتشم الذي اعتدنا عليه في بلادنا هو الاحترام قبل أن نقول أنه وصية الأديان ومن يريد أن يخالف فليخالف ويتحمل تبعية عمله ، العادات والتقاليد هي السلوك الذي يميز كل مجتمع عن الآخر ، بل هي تراث يورث من الأجداد للأبناء والأحفاد ومن بعدهم فإذا ضممنا اللغة إليها تبلورت أمامنا كلمة هوية يجب التمسك بها كالتمسك بالمعتقد الديني ومن وجهة نظري الشخصية التفريط فيها لا يقل عن الإلحاد !!!!.
edwardgirges@yahoo.com