الجريمة …
بقلم : محمد بونوار – المانيا ….
عبر موقع التواصل الاجتماعي – الفايسوك – والذي يعتبر الاعلام البديل للاعلام الرسمي في جميع العالم وبدون مبالغة . انتشر بسرعة البرق فيديو يدون تحرش فتيان مراهقيين من الدار البيضاء الكبرى بفتاة معاقة وسط حافلة عمومية , مع تغاضي الساءق عن الحدث بشكل مقزز حيث لم يتحمل مسؤلية التبليغ أضعف الايمان , أو الاتصال بالامن الوطني , أو أي شكل من اشكال التدخل لفك الفتاة من يد المراهقين .
بعد نشر الفيديو تدخل الامن الوطني المغربي بعدما أمرت محكمة بالدار البيضاء بفتح تحقيق في الموضوع . كما تدخلت على الخط جمعيات مدنية للدفاع عن الفتاة المعاقة , علاوة على تعليقات بعض المثقفين والغيوريين واصفيين أن ما يسمى بالقيم في المغرب وصلت الى الحضيض بدون نقاش .
نحن أمام ظاهرة تحرش مراهقيين بفتاة تم تجريدها من ملابسها الداخلية التي تغطي صدرها , والادهى من ذالك أن شاب من المجموعة قام بتصوير الحادث و نشره على الفايسبوك بدون تفكير وبدون مراعاة للحساسية التي يمكن أن يخلقها الفيديو وسط المغرب والعالم , حيث أصبح اليوم الفايسبوك هو جريدة العالم .
هناك من يطالب باٍعدام الفتية ,وهناك من يبرئهم من جانب آخر , بحكم أنهم تربوا في كنف أسر منشقة , أو مهمشة , أو منحلة أخلاقيا . لكن فئة كبيرة ترى أن المسؤولية الاولى تتقاسمها الدولة بحكمها الراعي الاول لتربية وتعليم الشباب من خلال المدرسة ومعاهد التكوين وغيرها , وبين الاسر التي تتكلف بتربية الابناء , علاوة على الاعلام الذي يعتبر المؤثر الكبير في التحسيس والتوعية . أما المجتمع المدني فيرى أن تراجع القيم يرجع بالاساس الى تفوق وثيرة الاجرام مقارنة مع تدخلات الامن , وهو ما يجعل المقاربة الامنية محط نقاش كبير , دون أن ننسى الفئة التي تلح على دور تطبيق القانون بالحرف دون خروقات , أو تغاضي , أو تساهل مع الفاسدين والخارجين عن القانون .
مشكل فتيان الدار البيضاء جعل بعض المحلليين يربطون حدث التحرش بحراك الريف الذي لم يخرج بنتيجة مقبولة رغم تدخل شخصيات وازنة , وهناك من يرى أن الحدث جاء لتغيير الراي العام الى مشكل آخر , لئلا يقع احتقان كبير في نفسية المواطن المغربي , جاء هذا بعدما تطوعت مؤخرا مغنية مغربية معروفة على الساحة بتسجيل فيديو عن مدينة تدعى الخميسات , غير بعيدة عن الرباط عاصمة المغرب , سجلت فيه بعض البنيات التحتية المهملة في مدينتها , خاصة وأن الفيديو لاقى انتشارا واسعا على الفايسبوك .
كيفما كانت الاحوال , فمشكلة البنيات التحتية مشكل قائم يضع الدولة في قفص الاتهام , بينما حدث تحرش فتيان الدار البيضاء يجعل جزء من الدولة فقط في قفص الاتهام , والذي هو التعليم , ثم تأتي الاسرة , ثم المجتمع , وبالتالي تراجع القيم .
نعم , القيم , لآن القيم لا تصنعها الدولة بوحدها ,ولا الاسرة ,ولا المجتمع , لكنها حصيلة مشتركة يساهم فيها الجميع كل بنصيبه .
المشكل الكبير والذي لم يخطر على بال أحد , هو تغيير الذاكرة الجماعية لشعب بأكمله , لآنه حينما تضيع القيم يصعب بناءها من جديد . وهو الامر الذي جعل بعض المثقفين يثورون على الوضع الحالي الذي وصل اليه المغرب فيما يخص تراجع القيم , خاصة بعدما تزامن هذا الحدث مع مشاركة بعض الشباب من أصول مغربية في جل الانفجرات التي همت عواصم العالم .
الموضوع طويل ويحتاج الى تجنيد طاقات تربوية وفكرية وسياسية لتفادي ماهو قادم .