سخرية كالبكاء …
بقلم : عدنان الروسان – الار دن …
قصة بقرة سيدنا موسى تعرفونها كلكم بالتأكيد ، فهي القصة التي تروي مفاوضات بني اسرائيل مع الله عز وجل من خلال الوسيط النزيه سيدنا موسى عليه السلام ، حيث يقول الله عز وجل على لسان موسى عليه السلام ” وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون * وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ” صدق الله العظيم.
هل لاحظتم التفاوض ، إذا كان بنو اسرائيل قد فاوضو الله على بقرة كل ذلك الوقت فهل تتوقعون أن يفاوضوا على بعض بعض فلسطين أقل من الف سنة مما تعدون لولا أن وعد الله أنهم سيزولون قريبا و ستعود فلسطين حرة عربية كما كانت منذ خلق الله الأرض و ما عليها.
صديقي العطعوط فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة ، و هو ممن فتح الله عليهم فذهب الى أمريكا بعيدا و صار أمريكيا و استراح من عناء البقاء قريبا من الوطن العربي الذي تمزق حتى بات خرقة بالية لا تصلح حتى لمسح الأحذية بفضل نظامنا الرسمي العربي.
ذهبنا العطعوط و أنا الى سويسرا في زيارة و كنت أقود السيارة و بسرعة عالية على إحدى الطرق الخارجية حينما صرخ صديقي وقف وقف وقف ، و توقفت بصورة فجائية لا أدري ماذا حدث ، قال ارجع للوراء و رجعت بالسيارة للوراء ثم توقفت بناء على طلبه و نزل من السيارة و ترجلت أنا أيضا لأرى ما خطب الرجل ، و وجدته واقفا ينظر الى مزرعة ابقار سويسرية و الأبقار تأكل من خشاش الأرض و لكنها لا تدوس على أحواض الورود و الأبقار نظيفة جدا و لا ذباب على جسمها كما هو الحال عند ابقارنا ، و كأنما انتبهت واحدة من الأبقار لوجودنا نرقبها و نقتحم عليها خصوصيتها فاقتربت من السلك الشائك المحيط بالمزرعة الخضراء و نظرت الينا نظرة سياحية و ليست نظرة عداوة كأبقارنا و تيوسنا على حد سواء .
قال صديقي ، مين أنظف هاي البقرة و لا ولادنا في الوطن ، قلت ، و الله البقرة أنظف بالتأكيد و وقف صديقي يتغزل بالبقرة و يقيم المقارنات بين احوال البشر في العالم العربي و أحوال البقر في سويسرا ، و وجدنا أن البقر في سويسرا في المحصلة النهائية هو افضل حالا من العرب في عالمنا العربي ، و صديقي خريج امريكا بشهادة عليا و قد طاف االعالم و أنا كذلك الا أن البقرة السويسرية أثرت فينا أيما تأثير.
نحن نشكر زعماؤنا العرب الذين جعلوا المواطن العربي يتمنى لو أنه بقرة أو ثور في سويسرا و ليس مواطنا عربيا في وطنه ، لأن البقرة في سويسرا لها من الحقوق ما يفوق حقوق كل شعوب الأمة العربية جمعاء ، ركبنا السيارة و لم ننظر في وجوه بعضنا البعض لفترة لأن الدموع كانت تملأ عيوننا و الزفرات تحتبس في حناجرنا و لا نقوى على النطق و لا مغالبة الدموع .
أيها السادة الزعماء سنكون فرحين جدا حينما نراكم في نار جهنم تتقلبون بين أوديتها و انتم تسألون عن النعيم ، عمر يخشى أن يسأل عن بغلة عثرت في العراق فكم بغل و بغلة من ابناء الأمة تعثروا و أنتم في غيكم تعمهون ، دولة العدل باقية و لو كانت كافرة و دولة الظلم زائلة و لو كانت مسلمة ، و ستزولون يوما و ستقوم قيامتكم و لو كنتم لا تؤمنون بها الا أننا نؤمن ايما ايمان بذلك.
أما السويسيون …
فألف هنئيا لكم دولتكم العادلة و سأكتب لكم عن سويسرا مرة أخرى ان شاء الله حيث زرتها عشرات المرات و لدي منها ما يكتب عنه