الشعر ….
شعر : محمد آيت علو – المغرب ….
البَابُ: بابُكَ…!
وهَذا القَوْسُ المُتَهالَكُ،
وسَط المَبْنى الأثَرِيِّ،
والأسْوارُ: أَحْجار ٌعَتيقَةٌ،
ومِزْهَرِيَّاتٌ عَلى الجِدَارْ
أَكَاليلُ عِشْقٍ،
نبَتَتْ بيْنَ الشُّقوقِ،
ومن الحنين والشوق
نَبتَتْ على القُرمُودِ الأخْضَر ِ
وَالأَحْمَرِ مِنَ الجَمْرِ
نَبَتَتْ فَوْقْ…!
عُنْوَةً نبَتَتْ،
زَهْراً، عَوسَجاً و زِنْبَقْ…!
²²²²²²²
الفَانُوسُ: فانوسُكَ…!
وهذا الزُّجَاجُ البِلَّوْرِيُّ،
يَترَاقَصُ نَشْوَةً،
ويكْبُرُ في العُيُون ِكَوَرْدٍ تـَفَتَّقْ،
أَوْ نَجْمٍ فِي الأَعَالِي تَأَلَّقْ،
وهَدِير ِالبَحْرِ يُدَوِّي الصُّخورَ،
مِنْ شِدَّةِ العِشْقِ…
يُناغِي في مَدِّ وجَزْرْ
ومِنَ الإرْتِطامِ،
أَمْواجُهُ تتَفَجَّرْ…!
وكأنَّها تَرنُو إلى الحَالِمِينَ
غَرْباً و شَرْقْ،
مَنَاراً ، قوْساً…
منَ الزرْقَةِ والزَّبَدِ الأيْيَضْ
تَشْدُو بِالحُلْمِ المُتَماسِكِ فِينا وَشْماً،
لاَحِبْراً على ورَقْ،
وَشْماً في أجْسادِنا المُشْبَعَةِ…
بالسَّفَرِ البَعِيدِ…!
تَنْطَلِقُ،تَنطلِقُ…
تنطَلِقُ بِلا أَرَقْ.
²²²²²²²
الوقْتُ: وقْتُكَ…!
فَاخْلَعْ نعْلَيْكَ…
وادْنُ، اقْتَرِبْ أَكْثَرْ،
وادْلُفْ،
لِتَصْفَعَ وجْهَ الصَّباحِ فِينا…!
لِتُكَسِّرَ واجِهَتَنا النَّائِمَةَ
على الأمَانِي ِّالعِتاقْ
كَسِّرْها رعْداً،
إعصاراً وَميضاً وبَرْقْ…!
وضَعْ أَشْلاءَك،َ…
وَكأَنْ لاأحَدْ، والْحَقْ…!
إلحَقْ بالحَالِمينَ،
فالكَأسُ بلا قَرارْ…!
طَبعاً…! فَلا أحَد سيُبالي!
لاأحد سيَسأَلْ…!
وحَتَّى وإنْ سألتَني …!
عنِ الَّذِي سيَكُونُ…!
فلا تسْأَلْنِي عنِ الذَّهابِ والإِيَّابِ،
لا تَسْألْني عنِ الغِيَّابْ…!
لاتسألني عنِ الدِّفء،
عنِ الأحْبابِ، عن السُّهادِ
عنِ الأرَقْ،
عن الانْحِسارِ…
والكُسُوفِ وإدْمَان ِ القَلَقْ،
طبعاً…وَفِي نِهايَةِ الطَّريقِ لَا أحَدْ…!
قَد يَعبُرونْ، سيَسكُنُونَ
القَلْب، ويظِنُّونَ…!
بفُضُولٍ…
سيَذْكُرونَ فِي المَقاهِي والدروبْ…
وبيْنَ الأَحْيَاءْ
فِي هَذِهِ الحيَاهْ،
والَّتِي مَا عَادَتْ حياهْ…!
سيَذْكُرُونَنا في هَذِهِ الحيَاةِ،
الَّتِي خَبَرتْنا جِيراناً أصْدِقاءَ ورِفَاقَ دَرْبٍ،
لمَّا كُنَّا نَتَطارَحُ الهَمَّ كَالأَحِبَّهْ.
سيذْكُرُونَنا لحْظَةَ غَفْوَةٍ…!
سيذْكُرُونَنا…
لَكِنْ ، مُجَرَّد نَقيق سُؤالْ…!
مثلَ شَايٍ باردٍ،
مَنْسِي المَوعِدِ…
والفَرْحَهْ…!
أجلْ! سيَذْكُرونَ… ثُمَّ مَاذا سَيحْدُثْ؟!،
سَنتَمَدَّدُ على الأرضِ
العَراءْ
عَلى الأَرْضِ الباردةِ
الخَلاَءِ
ونَنامْ…
ننامُ بعمق،
ثم يَنْسَوْنْ…!
سيذْكُرُوننَا مُجَرَّدَ نقيق سُؤالْ،
²²²²²²²
ألاحِقُ في الأزِقَّةِ السَّاعاتِ،
فَأَغْدُو خَلْفَها،
هذِهِ الحيَوانَاتِ الجَمِيلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ حِقْدَ الإِنْسَانْ،
والسَّاحَاتُ غُولاً في وجْهِي…!
ومِنْ بابٍ إلى بابٍ، أَشْدُو كَحالمٍ،
ــ أنا الَّذي أغْوَتْنِي هَذه الأبوابُ بمَساحيقِهاــ
ضيَّعَتْني خِلالَ تَسَلُّقِ هَاماتِها…!
وجوهاً غَزيرةً تُطْلِقُ عِنانَها للرِّيحْ…!
وها أندا أصْعَدُ هَـــــذي التِّلالْ،
كما أفْعَل كُلَّ يَوْمْ،
والسَّنَواتِ الخَالِيَهْ
كَيْ أتَسَلَّى قليلاً…!
ثُمَّ أقِفُ على قِمَّةِ التَّلَّةِ هُناكَ…!
كَكُرَةِ ثَلْجْ،
أتَحَلَّلُ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدْ،
أتَحَلَّلُ، وَأَنا كُلِّي عِشْقْ…!
أَتَوقَّدُ جمراً، وأحْتَرِقْ،
أتَحَلَّلُ مِنْ جَمْرِ الشَّوْقِ…
ثُمَّ أتَدفَقْ…!
أتدَفَّقُ، شَلَّالاً زُلاَلاً….!
ماءً عَذْباً فُراتاً
ومِنْ شِدَّةِ البَوْحِ أغْرَقْ…!
ثُمَّ أنْسابُ مِنْ غَيرِ وَعْيٍ،
في مَهَبِّ الرِّيحِ المَجْنونةِ،
تقْذِفُني نَحْو الهَاوِيــَـهْ..!
العَلاماتُ، واللافِتاتُ تُحرِّكُها الرِّياحْ،
وأنا المُتَدحْرَجُ، لاأقِفُ !
تائهٌ في مَهَبِّ الرِّيحِ.
كفِكْرةٍ مُتَحِّررَةٍ،
أهْتِفُ عنْدَ كُلِّ بابٍ ،
أَدُقُّ…،
أصِيحُ: أَيْنَ الإنْسانْ…؟ أَيْنَ الإِنْســــــانْ؟
أينَ الإنْســــــانْ؟
ياأيُّها الأَخْرَقْ…
فلا ألْقى لَديَّ سِوى فَحيحَ سُؤالْ،
حيثُ أَدُوبُ كالجَليدِ أَمامَ النَّارْ،
ثُم أَحْمِلُ غَصَصي الحَرَّى وكُل مَا سَكَنْ،
مِنْ وَحشَةٍ،
من غربةٍ، ومِنْ أرَقْ
مِنْ كَمدٍ ووَجعٍ، وحَزَنْ،
أَصيرُ جُثةً هامدةً،
تهاوَتْ على الأرْضِ،
تغرَقُ الوَحْشَةُ…،
تَغْرَقْ،
في بِحارِ دماءٍ بريئـــــــةٍ تتعَمَّقْ ….
تغرَقُ، بِلا قَرارْ…!
فلا تُغْريكَ الأسْوارُ، ولا تَهُمُّكَ الأَخْطارُ،
سِوى ثِقْل الهَواجِسِ الإنْسانِيــــــَــهْ.
²²²²²²²
فَتَحْتُ البابَ، فانْدفَعتْ…
رياحٌ قوِيــــــهْ،
غالبْتُها سائراً باتجاهِ البَحرْ،
أحسَسْت بعَياءٍ،
التفَتْتُ…
رأيتُ إنساناً تفكَّكْ…!؟
رأيتُ خواءً…!
وصياحاً بَل عُواءً…!
ثُم غُولاً فَاغِراً فاهْ…!
ويا لَيْتَني ما رَأيْت ولَا أَبْصرْتُ…!
رأيتُ إنساناً تحَوَّلْ…
سقطَتْ منهُ الأكُفُّ، والأصابِعْ…!؟
انْهَمرَتِ الأطْرافُ…،
تَخَلْخَلَتِ العُيُونُ والأنْفُ…!
انْسَلَّتِ الأَدْرُعُ،
الْتَفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ …
ثُم تَبَخَّرَ الجَسَدُ…،
لَمْ يعُد شَيئاً…!
أَحَقا كَانْ…؟!
وهَلْ كَان…؟
دَبَّ في رَحِم الأَرْضْ…!؟
²²²²²²²
خَلْفَ الأَبْوابِ، هُناكَ،…
كانَتِ الفتَياتُ يصْدَحْنَ بالغِناءِ ،
والمُنْتَزَهاتُ والخُضْرةُ!
والحفلاتُ…
وَ الفُروسِيةُ، والزَّغاريدُ الآسِرَهْ!
والماءُ العَذْبُ الزُّلاَلُ ، والرَّوَابِي،
وَالمُروجُ، والغِدْرانُ…!
والرَّوابي الحالمَةُ…
وأعْشاشُ الطُّيُور،
وَالبَلاَبلُ تَصْدَحُ…
وأَجْرانُ الحُبوبِ المُتْخَمهْ،
والنَّوايا الحِسَانْ…
كانَ الإنْسانُ حَقا إِنْسَانْ…!؟
²²²²²²²
وَراءَ هَذا البابِ،
قِطَطٌ لَامعَةُ العُيونِ…!
وَشيءٌ مِنْ بَريقْ…
تَموءُ بيْنَ الخَرابْ،
وأُخرَى هائِجَةٌ تتَقاتَلُ..
بيْن صفائِحِ القُمامـَـــــهْ،
والجُرْذانُ، والغِرْبانُ، والجَماجِمْ،
وهَياكِلُ رُؤُوسٍ ، أَقْبعُ خَلْفَها،
مِثْلَ غُرابٍ في الأَنْقاضِ يَنْعَقْ.
ثُم أسِيرُ في وَحْشَتي…
أسيرُ وحدي
وحدي أسيرُ
أسيرٌ في هذه الحياهْ
والقلبُ يقطرُ أوجاعا على الطريق
طريقي التي طالت
والغم مطبقْ
وبالطريق ألف حكاية
أسير كالأخرقْ
ضارِباً في زَحْمَةِ الأَزِقَّةِ وَالدُّرُوبْ،
وأَنْتَفِضُ ثائِراً كمَوْجِ البَحْرِ
أَوْ كالثَّلْجِ أَهِيمُ أَمَامَ إِشْراقَةِ شَمْسٍ حَارِقَة
أَدُوبُ في غُرْبَتي..شَلَّالاً
أَتَفَتَّتُ مِنَ المَلَلْ..
أَتلَمَّسُ الطَّريقْ…
وأشتهي
سفراً ورحيلاً
لكِنْ، سَرْعَانَ
وَكَأَنَّ جسَد الدُّنْيا شُحُوبُ جفَافٍ
في وَدَاعِ الغُرُوب…
فَجْأَةً…!
سُدَّت أَمَامي كُلُّ السُّبُلْ،
شَحَّتْ يَنابيعُ مَائي،
ولَيْلي صَار طَويلاً ثقيلاً،
بَرْدُ الكَآبةِ قاسٍ يَزْحَفْ،
أُوَجِّهُ خُطُواتِي نَحْوَ المَجْهولِ!؟
لا نِهايَةَ لِي، ولا بِدايـــــَــــــــــــــهْ…!؟
لا بِدايةَ لِي، ولا نِهايـــــــــَــــــــــهْ…!؟
فأَكْتشِفُ أن َّكُلَّ الأَبْوابِ:
مُزَيَّفَهْ…،
دَنِيئـــــَـــــــهْ…!
مُهْتَرئةٌ،
وَقاتِمـَــــــــــــــهْ….!
²²²²²²²
ثم هأنذا أجرُّ رِجلا
وأتعثر بالأخرى
أَتلَمَّسُ الطَّريقْ،
وأتحرى …
وأشتهي
سفراً ورحيلاً وأركبُ الوعرا
أعود بعده فجرا
أعود بعده
لا أعرفُ أحدا
أعود أسألُ ربي سؤدداً
ومددا
أعود أسألُ:
رب يا واحد، يا أحد
لاتكلني إلى أحد
رب لاتحوجني إلى أحد
واغنني عن كل أحد
يا من إليه المستند
وعليه المعتمد
يا فردُ، يا صمدْ.
²²²²²²²
غيرذَاكَ الباب المُشْرَعَ بالنُّورِ،
محاولَتِي الأخِيرَةُ
لأنْ أَفوزَ فَوْزاً عَظيما…!
وقَدْ هَيَّأتُ للتِّرْحالِ ــ منْ وَجَعِ الفُؤادِ ــ مَراكِبْ،
أَشُمُّ رائِحَة الاخْضِرارِ،
أَشُمُّ رائِحَةَ الطِّينِ تَخْتَلِطُ بِعَبيرِ المَطَرِ
أَسْتَنشِقُ الماءَ الزُّلالَ…
تَتَّسِعُ الرِّئَتانِ،
يَتَّسِعُ القَلْبُ…
يَسْكُننِي النُّورُ مِنْ بِدايَتهِ…!
أَراهُ بِرُوحِي، وبِقلْبي أُبْصِرُهُ…
ويَأْسِرُني…!
يَحْمِلُني إلى آفَاقِهِ الرَّحْبَهْ،
ولَنْ أَخيبْ،
سَيَكُون ُذاكَ البابُ…!
كما صَوَّرَتْهُ مُهْجَتي
فِطْرَتِي..
فِراسَتِي، مَقاماتِي…
هُوَ البابُ الحَقِّ…
إليْهِ أفيءُ …
ِينَ تُسَدُّ في الَوَجْهِ كُلُّ الأَبـــْــوَابْ…!