المناصب مصائب

 

الرابط : القصة (::::)

سحر فوزي – مصر ( (::::)

أرجوك أن تذكرني عند ربك.. لأتبوأ منصبا يتصارع عليه كل من حولي ؟  ولك مني مكافأة كبيرة ؟ هكذا كان طلبه من صديقه.. فكر قليلا وقال له ناصحا : وهل ستتحمل ما يمكن أن تواجهه من جراء جلوسك على الكرسي ؟ قال مندهشا:  وماذا يمكن أن يحدث لي ، غير السلطة والجاه ، والأمر والنهي ، والشهرة والأضواء ، والتعظيمات والسلامات ، والسفر والرحلات ، والتشريفات وطبعا العز والجاه؟ أجابه : ان مايجري حولنا من أحداث متلاحقة ..وتطورات سريعة مخيفة .. وتناقضات في السلوك والإتجاهات…ينذر بضرورة توخي الحذر من أنفسنا قبل أى شئ..لأن النفس دائما أمارة بالسوء ، إلا من رحم ربي.. فقد تضطرك الظروف والمجاملات لفعل ما لا ترضى عنه ، إلا أن كل من حولك يدفعونك دفعا لفعله.. فيعطونك كافة الصلاحيات ليقنعوك بأنك  إله ، بيدك الملك ، وأنك المتحكم في مصير من حولك ، تعز من تشاء وتذل من تشاء، وهنا يكمن الخطر، فتجامل وتكافئ ، وترقي وترفع ، وتساعد وتدعم من وافقك ، وصفق لك ….وتقصي وتضطهد ، وتحرم وتمنع ، كل من اعترض عليك.. فتقع بين شقي الرحى تطحنك الشائعات ، وتطاردك السخرية ، والإنتقادات ، والاعتراضات ، والدعوات بالويلات واللعنات من كل صاحب حاجة لم تقضها له.. فتخسر من يحبك ويحرص على صالحك ، وتكسب من ينافقك ، متمنيا أن يطيح بك ويجلس مكانك في أقرب وقت..فتقعد ملوما محسورا .. يجافي النوم جفونك ، مبتعدا عن أقرانك ، تشتهي اللقمة بين أبنائك ..وجلسة رضا مع أترابك.. وياحسرتك عندما تجد المنتفعين ، وقد إنفضوا من حولك .. وشمروا سواعدهم ، وكشروا عن أنيابهم.. وتداعوا عليك ليأكلوا لحمك .. ويتجرعوا دماءك .. فتجد نفسك مسجى على الأرض في ظلمات السجون ، تقاسي ويلات الذل ، والحرمان من الحرية التي تمردت عليها  بطموحك وتطلعك لأخذ ما بيد غيرك .. وجريك وسعيك للإستحواذ على أكبر قدر من المناصب .. دون وجه حق.. والذي قد يوقعك في الجحود ونسيان ذكر الله ، قاطعه صديقه قائلا: إصرف نظرياصديقي تماما عن ما طلبته منك ..سأنتظر ماقسمه الله لي راضيا دون اللجوء إلى الإعتداء على حق غيري .. فصدق من قال (المناصب مصائب )  بقلم /سحر فوزي/ كاتبة وقاصة مصرية