القنبلة ليست داخل حذاء خورتشوف

اراء حرة (:::)
شوقية عروق منصور  – فلسطين المحتلة (:::)
أمسك الوردة أقطف أوراقها ورقة ورقة .. ليست صورة لذكرى أيام المراهقة حيث كانت الوردة الجسر الواصل لقصة الحب ، وعند اللوعة تكبس الوردة بين صفحات الكتاب أما في حالة الاشتياق والشك فتتحول أوراق  الوردة الى موال يبعث في العتمة الضوء الخافت للفرح وتبدأ المناقشة مع الأوراق التي تحمل عطر الوردة والحظ – يحبني أو لا يحبني – وتنتهي الحكاية بأوراق مرمية على الأرض والحظ قد أختبأ خلف الذاكرة .
هذا ما خطر ببالي وانا أنتظر قنبلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو الخطاب الذي سيحمل صورة حد السيف القاطع في مبنى الجمعية العامة  للأمم المتحدة  ، هل سيقول الرئيس كل ما يدور في صدر الشعب الفلسطيني ؟ أم سيحجم عن القول ؟ هل سيبقى صامداً أمام الزوابع ؟ أم سيتراجع ؟   مع أننا لا نعول على الجمعية العامة وعلى مجلس الأمن وباقي المؤسسات العالمية التي تحاول ارتداء الأقنعة الانسانية والوجوه التي تخطط لسعادة ورقي البشر ومسح الآمهم ودموعهم  ، لكن في الحقيقية تمارس العهر السياسي على أرضية الحقوق والزنى الفكري على واقع المبادىء والشعارات .
منذ عدت أسابيع ونحن ندنو يومياً من حالة انفجار القنبلة الفلسطينية ، حيث كان مقر الرئيس أبو مازن في المقاطعة في رام الله خلية نحل لصنع عسل أسود من الكلمات  ، وقد جهزنا أنفسنا لرؤية ذاك الطبق العباسي الخاص  ، حيث كانت التوقعات عديدة ووجهات النظر اتخذت أشكال الدورة الدموية الثائرة ، كل وجهة نظر تحمل في تفاصيل توقعاتها صوراً لشظايا القنبلة التي ستخرج من مبنى الأمم المتحدة الى الشوارع والطرقات وتتسلق بغضبها البنايات والجسور والأرصفة  والاعلانات الضخمة واشارات المرور .
رُفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة .. وأخيراً أصبح لدينا علم يرفرف بين أعلام الدول المغروسة المستقرة في أوطانها ، وجميع الشعوب تعرف أن العلم ليس فقط قطعة قماش ملونة ، أنه الجذور والقوة والقرار ، أنه الماضي والحاضر والمستقبل ، أنه الارتباط والأرض والحرية والانتماء ، أنه رائحة الأجداد وحكايات الأطفال وعطاء الأمهات ، أنه الشهداء والسجناء والتحدي والغضب وهتاف المظاهرات ، أنه الاطمئنان والأمان ووفاء النظام الحاكم لمسيرة الشعب وخياطة أحلامه على مقاس كرسي الرئاسة ، وليس على مقاس “دعاسة الأرجل ” الموجودة على مدخل المقر الرئاسي .
رُفع العلم الفلسطيني ، في غابة الأعلام الدولية  المرفرفة،  لم يلحظ المارة ووسائل الاعلام الدماء التي كانت تسيل من الخيوط وجثث الشهداء التي كانت تنسل من بين ثنايا القماش ،لم ينتبه أحد لعيون الامهات وزوجات الأسرى  ، لم يسمع أحد صراخ الأطفال وبكاء الشيوخ ، لقد كان ثمن ارتفاع العلم الفلسطيني غالياً ، مهره كان سنوات طويلة من النضال والكفاح .
ثمة من يغرس في لحمنا أنياب القهر ، وفي مباني مسالخ الأمم المتحدة ( الجمعية العامة ومجلس الأمن ) يسنون السكاكين لذبحنا ، دائماً هناك بلطات وسكاكين حادة مجهزة لذبحنا وتعليقنا على جدران الاهمال ، كأننا خراف قاموا بتربيتها على وقع موسيقى التجاهل .
وقف الرئيس  الفلسطيني  محمود عباس وفجر خطابه  القنبلة ، وكانت البرقيات تشق وداعة الوجوه الجالسة ، كل دولة تحاول زرع حوض من نعنع الانسانية حولها .
لقد  أكد الرئيس محمود عباس أنه لن يلتزم بالاتفاقيات الموقعة ، يعني الغاء اتفاق اوسلو ولا نعرف ماذا سيكون مصير الأبن المدلل – التنسيق الأمني – أي بالمعنى العام  دولة فلسطين أصبحت  تحت الاحتلال ..الخ ولا نعرف متى خرجت من تحت الاحتلال ؟؟ فالحواجز العسكرية على أبواب المدن والقرى الفلسطينية والمداهمات الليلية واليومية والملاحقات والاغتيالات جميعها تبصم على وجود الاحتلال تحت غطاء الدولة الفلسطينية .
الأسئلة التي ستلملم شظايا قنبلة خطاب الرئيس ..هل سيرضخ للتأثيرات الخارجية ؟ هل سيتحمل الضغط العربي والدولي ؟ هل ستقوم اسرائيل باحتلال المناطق الخاضعة للسلطة وحصار الرئيس في المقاطعة ؟ هل هناك آليات لمواجهة وحشية الاحتلال ؟ هل الشعب الفلسطيني يحركه زر يضغط عليه الرئيس بعد أن دخل الشعب في حالات الترهل الوطني نتيجة التنسيق الأمني والتعاون مع المحتل ؟
تاريخنا مع الصمت العربي في مباني الأمم المتحدة له طعم التواطؤ والمرارة ، له رائحة الخذلان والتربص ، نحن الصيصان المحشورة في القن العربي الامريكي .
الأيام القادمة ستخبرنا عن مصير شظايا قنبلة خطاب عباس ، لكن نحن ننتظر أن يقف في مبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة  أحد الزعماء أو الرؤساء العرب ويخلع حذائه ويدق به على منبر الجمعية العامة محتجاً على المسرحيات الساذجة والسخيفة التي تُعرض فوق جثة أحلام الشعب الفلسطيني الذي أصبحت قضيته آخر قضايا التحرر في ذاكرة العالم .
بحاجة لصورة الرئيس الروسي نيكيتا  خورتشوف  الذي في 12 تشرين الأول عام 1960  الذي خلع حذاءه ضرب بقوة على الطاولة ، لقد كتبوا أن خورتشوف تصرف بصورة لا تليق بالعصر ، تصرف كفلاح وليس كسياسي عليه أن يتحلى بالدبلوماسية الناعمة .
لا .. نحن نبحث عن رجل مثله ، فالسياسة لم تعد تلك السلوكيات الحريرية التي تنطوي تحتها الأفكار والتصرفات الشيطانية ، الدبلوماسية الحقيقية هي أن يكون لك أنياب تغرزهم وقت الضرورة في جسد خصمك . الدبلوماسية الحقيقية أن تملك حذاء خورتشوف وتدق بكعبه في أكبر وأعلى مبنى سياسي .. فدقة الكعب هي الطرقة الأولى على باب الكرامة .. كرامة الشعب