الفاسدون يسرقون … والشرفاء يحاربون و “اللاهطون يجعجعون ” !!

اراء حرة (:::)
عدنان الروسان  – الاردن (:::)
ها نحن قد وصلنا الى حافة الهاوية التي كانت تدفع بنا نحوها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أشهر طويلة أو ربما منذ سنوات ، وصلنا إلى إعلان الحرب على ” داعش” أو تنظيم الدولة الإسلامية  و مهاجمتها بقوات برية ، و سيكون الجيش العراقي في مقدمة المهاجمين لأنه لا يوجد غيره  بين الدول العربية والحليفة لأمريكا في المنطقة من يقبل أن يكون رأس حربة ، و سيقوم الأردن بدور الإسناد الأرضي بتشكيلات من قوات النخبة الخاصة الأردنية بينما يدعم الغرب و على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية بالطائرات من ارتفاعات شاهقة حيث لا يمكن أن يتعرضوا لأي أذى .
لقد تم توريطنا في الحرب بعد أن تمت تعبئة الشارع الأردني ضد داعش و بات الناس يقبلون بأي عمليات للثأر بعد عملية الإعدام الوحشية التي قام بها التنظيم للطيار الأردني الأسير ، و رغم موقفنا الواضح والصريح مما حصل للطيار إلا أن دخول الحرب بقوات برية لا بد أن نكون واقعيين و صرحاء في التعامل معه و لا بد أن نقوم بتحليل الموقف ليس من منطلق الفزعة ، ففي الفزعة لا نقول إلا كما قال دريد بن الصمة الشاعرالجاهلي  ” وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد ” و لكن الفزعة شيء و التعامل الواقعي مع ما يجري في الإقليم و ما تحاول الولايات المتحدة واليهود دفعنا نحوه شأن أخر لا علاقة له بالثأر ولا بالفزعة .
ولا أريد أن أدخل بالتفصيل في مقارنة من هو العدو الأكبر إسرائيل أم داعش ، اليهود أم الشيعة ، الشرق أم الغرب ، و ما هو أكثر قدسية حدودنا مع طريبيل و عرعر أم حدودنا مع المسجد الأقصى و الصخرة المشرفة التي يخطط اليهود لبناء الهيكل على أنقاضها ربما خلال أشهر قليلة ، ثم علينا أن لا نطيش على شبر ماء في قضية الابتسامات الكثيرة التي يوزعها البيت الأبيض والرئيس الأمريكي علينا و التربيت على ظهورنا لأننا قمنا و نقوم بقصف مكثف لمواقع داعش ، فمن يده في النار ليس كمن يده في الماء ، و إذا تطورت الأمور و اشتعلت نيران الفوضى أكثر مما هي عليه اليوم فإن المتضررين سنكون نحن وليس الأمريكيين في واشنطن و ليس اليهود في تل أبيب .
لا أريد أن أدخل في تفاصيل المقارنات ، من قتل أكثر من العرب والمسلمين داعش أم الولايات المتحدة الأمريكية ، من حرق بغداد و من قتل زعيما عربيا و نحره صبيحة ذات عيد أضحى ، و من مزق القرءان و بال عليه ، و من اعتقل المسلمين ووضعهم في سجن أبي غريب و أجبرهم على ممارسة الفاحشة واللواط فيما بينهم ، و من كذب وادعى ثم سرق نفطنا و احتل بلادنا و ذهب بعد ذلك يسكر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي و يتبادل الأنخاب معه ، و لا نريد أن نعدد الكثير من المواقف التي يقفها الغرب مع إسرائيل ضد الفلسطينيين في القدس و غزة و ضد الأردنيين و ضد المصريين و ضد العراقيين و ضد كل العرب في كل موقعة و مكان .
داعش ليست مذهبا إسلاميا جديدا ولا هي مافيا تقتل و تنهب بقصد السرقة ولا هي تسرق النفط و تودع أمواله في البنوك البريطانية والأمريكية ، و نحن هنا لا ندافع عن داعش ، بل ندافع عن أنفسنا لأننا مضطرون في هذا الزمن الذي نعيشه أن نذكر بين كل سطر و أخر أو كل فقرة وأخرى أننا لسنا مع داعش لأن المبدأ اليوم أنتم أحرار فيما تقولون و حرية التعبير مكفولة في العالم العربي شريطة أن لا تغضب أي حاكم أو أي أحد من تابعيه و تابع تابعيه إلى يوم الدين ، نحن لسنا مع داعش ولكننا نقوم بالنصح لمن يريد النصيحة ، داعش هي نتاج الظلم والبطالة والفقر و الهزيمة ، داعش هي نتاج الأنظمة الرسمية العربية التي تودع الأموال في بنوك بريطانيا بينما شعوبها تعيش على مكبات النفايات و تتسول على أبواب المساجد ، داعش هي خلاصة التجربة العربية في الستين أو السبعين سنة الأخيرة و هاهو الحصاد المر للعفن الذي زرعته الأنظمة العربية على مدى كل ذلك الزمان.
داعش هي ما زرعتم أنتم ، و مولتم أنتم و غذيتم أنتم ، داعش هي الأداة التي أردتم استخدامها فانقلبت على كثير منكم في مجمع الحكم العربي ، و داعش هي النتاج الذي حذرنا مائة مرة بل ربما ألف مرة منه قبل أن يكون هناك داعش ، كتبنا و نشرنا و تحدثنا و لكن لا حياة لمن تنادي واليوم لا نريد أن نصمت فيقال أننا لم ننصح لأمتنا و وطننا ، اليوم هذه الحرب ستجر إلى تكاثر الفكر الداعشي و تناسله و سيكون يوم غد اسم جديد ، كان طالبان و القاعدة ثم فرخت القاعدة في بلاد الرافدين و في أفريقيا و في باكستان ثم جيش الإسلام و النصرة و غيرها الكثير ثم داعش و بعدها الله أعلم .
لماذا علينا أن نضع أنفسنا في موقف نخاف فيه من الذهاب الى الأسواق التجارية والفنادق والأماكن المكتظة و ربما إلى المساجد و دور العبادة ، لماذا علينا أن نخوض حربهم و نخسر اسرى و قتلى حتى نحظى بابتسامات ، ليت من يدفعوننا إلى كل هذا يقدرون تعبنا و جهدنا و تضحياتنا فينظرون في أمر مديونيتنا و عجزنا المالي والمائي و… الجنسي  ، فيخففوا عنا و يحلوا عن سمانا بعض الشيء .
لم نجد أمريكا متحمسة لقيام تحالف لمنع اليهود من قتل و جرح اثنا عشر ألف غزي في بضعة و خمسين يوما ، و لم نجد العالم يقوم ولا يقعد واليهود يسرقون القدس والمياه و يبنون المستوطنات و يضعون عشرات الآلاف من الفلسطينيين في السجون ، و لم نرى أحدا يريد أن يشن حربا برية على إسرائيل رغم أنها أخذت فلسطين كلها وسرقت أجزاء من الأردن و نهبت ربع سوريا و تعربد في نصف لبنان .
لست مع الحرب لوحدنا ضد أحد و إن كان لا بد فلترسل الولايات المتحدة الأمريكية جنودها ليخوضوا هذه الحرب وليأت الجيش البريطاني والفرنسي ، و ” خليهم يقلعوا شوكهك بيديهوم ” فقد مللنا أن نكون دائما جاهزين لإرسال جنودنا إلى كل مكان يحتاجون فيه لجيش يحل مشاكلهم و يحسم صراعاتهم.
لقد قرف الأردنيون هذا النمط من العيش ، الفاسدون يسرقون و الشرفاء يحاربون و بعض النخب يتاجرون بدماء من يحاربون و لا هم لهم إلا تسجيل المواقف على حساب الأردنيين .. الأردنيين الشرفاء…
adnanrusan@yahoo.com