فن وثقافة (:)
بقلم : عبد القادر رالة – الجزائر (:)
سألوا ناقدا كبيرا :لماذا تكتب فقط عن الموتى؟ ولا تلتفت الى الأحياء ،وانت الناقد الكبير! ابتسم ثم أجاب بهدوء :أنتم تعلمون أننا لا نعيش في هذا العصر الا بوجهين! لا نستطيع ان نحيا الا بالمجاملات ومن نقول له الحقيقة، يغضب، ويخاصمنا ،هذا اذا لم يفكر في إيذائنا! وفي الأغلب يفسر نقدنا على أنه غيرة وحسد وضيق نظر وعدم تذوق للعبقرية المبدعة! …وهذا ما لا أتحمله ،لذلك تراني أفضل العيش مع الموتى، والذكي هو الذي يجب ان يفهم ان كلامي موجه الى الاحياء، لأن قضية الابداع قضية واحدة، الابداع هو ألم يخالطه أمل والحياة ما خلت منهما أبدا منذ أن وجدت والى أن ينهيها رب العزة والجلال! وما أخطأ فيه السابقون يخطئ فيه اللاحقون!
لكن الميت لا يستفيد من نقدك!…الأديب الكبير لا يموت أبدا وإن دفن جسده تحت التراب! وأي كاتب كبير راحل الا وله الأتباع والمحبون من الأحياء! عندما أكتب عن الاموات فإني لا أجامل، لكن الحي إني مضطر لمجاملته لأني سألتقيه في المقهى، في النادي الأدبي، أو في التظاهرات الادبية والثقافية.. وأصعب المجاملات تكون مع الكتاب الصغار الذين يتملكهم الغرور وهم في بداية الطريق.. وأنتم تعرفون أن طريق الابداع طويل وصعب…رواية واحدة تجعلهم يعتقدون أنهم أصبحوا مثل وطار أو محفوظ! هذا إذ لم يقولوا أنهم تجاوزوهما!!
وإني أستطيع أن أقول للناس أشياء عديدة ومفيدة كان المبدعون الأموات يودون قولها لكن الظروف لم تسعفهم والوقت لم يمهلهم.. أشياء أكتشفها في قصاصات الصحف والمسودات وبين الاسطر…فأحاول أن أبث في تلك الكتابات روحا جديدة ومعاني يكون لها في الاحيان التأثير الكبير الذي يتجاوز تأثير الكتاب الأحياء!