دراسات …..
مهند إبراهيم أبو لطيفة – الاردن ….
أثناء مشاهدتي لأحد البرامج الحوارية التلفزيونية ، شعرت بالإستفزاز الشديد من تصريحات أحد الصهاينة وهو يتهجم على تاريخ العرب في مكة قبل الإسلام، ويتبجح بإستعلاء أنه ينتمي لشعب حافظ على عقيدة التوحيد على الدوام ومارسها طوال تاريخه، وبالتالي فلا مجال لمقارنة تاريخ العرب الوثني ، مع تاريخ “الشعب الفريد الموحد”، دون أدنى فهم أو إعتبار للتطور الإقتصادي الإجتماعي للشعوب، وتاريخ التوحيد في الجزيرة العربية، وجاء حديثه في سياق الحط من قدر العرب في العصر الحديث، مفارنة بما سماها إنجازات الكيان.
ومع الوعي بأن الخليط الغير متجانس في الكيان الإسرائيلي ومعظمهم من الخزر، لا يعني لا إثنيا ولا تاريخيا ولا حتى عقائديا، الإمتداد الطبيعي لنسل النبي إبراهيم أوللعبرانيين أو لبني إسرائيل الذين تتحدث عنهم الديانات الثلاث، إلا أن هذا التبجح يؤكد على مركزية توظيف الدين المستمر لتبرير الإحتلال الصهيوني لفلسطين، مما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع.
وطبعا لا يقتصر توظيف المعتقدات الدينية على العناوين الكبيرة في الدعاية الصهيونية، كأسطورة الشعب المختار وأرض الموعد أو الوعد الإلهي، أو لتبرير التحالف الوظيفي مع الامبريالية وتشجيع الهجرة، ولكنه يمتد حتى أدق التفاصيل في عمل كثير من المؤسسات وايدولوجيتها، وفي مقدمتها العسكرية والأمنية.
ولعل التدقيق بالأسماء التوراتية لعدد كبير جدا من العمليات العسكرية والحربية والأمنية، تدلل على مدى تغلغل الموروث الديني في فكر الصهيونية ، بالرغم من ادعائهم للعلمانية وتوافقهم مع الحضارة الغربية.
مع التأكيد أن الكتابة عن التاريخ، يجب أن لا تعتمد فقط على الموروث الديني ، دون البحوث الأثرية المتخصصة لتكون أكثر دقة وعلمية، إلا أن ما بين ايدينا من معلومات مسجلة في العهد القديم، تكفي لتسليط الضوء على عنوان الموضوع الأساسي، وهذا ينطيق أيضا على جغرافية الحدث التوراتي. فماذا يقول التاريخ المدون عن بني إسرائيل؟ هل كانوا على دين التوحيد طيلة تاريخهم؟
مرحلة الآباء ابتداء من حوالي 1700 ق.م
من الأهمية بمكان، ملاحظة أن نشأة الكيان السياسي التوراتي، هي مرحلة متأخرة جدا، سبقتها حياة البداوة والترحال المستمر على هوامش المدن الكنعانية (من زمن النبي ابراهيم وصولا الى شاول الملك الأول)، وأن تاريخ الكيان القديم كان مهلهلا وهشا ، تسوده الإنشقاقات والأزمات والحروب الأهلية، وانقسم على نفسه (مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل)، ولم تكن فترة “المملكة الموحدة” إلا مرحلة عابرة من التاريخ السياسي، ولم تشهد إتساعا كبيرا كما تزعم الدعاية الصهيونية، بل هي أشبه بممالك المدن القديمة المنتشرة في الشرق وتحديدا في بلاد الشام ،أو دويلة صغيرة، وأن عملية التحول من حياة الترحال والبداوة والقبلية، لم تأتني إلا تقليد واستنساخا لشكل الكيانات السياسية المحيطة واستنادا على إرثها الحضاري وتحديدا الكنعاني.
– عاش النبي إبراهيم وسط عالم من الأوثان، ولكنه ابتعد عنه، وترك موطنه الأصلي في اور الكلدانيين جنوب وادي الرافدين لتمسكه بالوحدانية ورفضه لعبادة الأوثان، ويسجل العهد القديم أن أسرة إبراهيم كانت تعبد الأوثان. (يشوع 24: 2، 14 ، قارن مع سورة الأنعام 74 ، والأنبياء 51- 54)
– ركزت الوصية الاولى والثانية من الوصايا العشر التي اعطيت لموسى النبي، على تحريم عبادة الأوثان، في خروج 20: 3-5 : “أنا الرب إلهك لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، ولا تذكروا اسم ألهه أخرى” وقال لهم أيضًا: “لا تسيروا وراء آلهة أخرى من آلهة الأمم التي حولكم وان نسيت الرب إلهك وذهبت أمام آلهة أخري وسجدت لها وعبدتها أشهد عليكم أنكم تبيدون لا محالة فاحترزوا من أن تهوى قلوبكم وتميل وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها” تثنية 6: 14.
وقضت الشريعة باعدام من يقدم الذبائح للأوثان، قارن أيضا : (تثنية 4: 15- 19 ، هوشع 4: 12 ، اشعيا 44: 9 و10، مزمور 115 ). كما أكد القرآن الكريم على توحيد أنبياء بني إسرائيل في آيات كثيرة مثل: النحل 36 ، الأنعام 79-80، الأنبياء 56 ، الشعراء 77- 84 ، البقرة 133 ، يوسف 47، طه 9- 4 ، طه 49- 53 ، الشعراء 23-28 ، طه 98 ، وغيرها الكثير .
-أول ذكر للأوثان في العهد القديم نجده في تكوين 31: 19، ويسجل حادثة سرقة أو إخفاء راحيل(زوجة يعقوب وابنة خاله) لأصنام أبيها لابان :”وأما لابان فقد مضى ليجز غنمه، فسرقت راحيل أصنام أبيها”
الخروج من مصر وزمن موسى حوالي 1250 ق.م
– في الطريق إلى فلسطين، وهم بعد في أرض سيناء، وعندما صعد موسى على جبل سيناء لأخذ الشريعة وتأخر بالنزول،أجبروا هارون أخا موسى أن يصنع لهم صنما لكي يعبدوه، مع أن الرواية التوراتية تسجل أنهم عبرو البحر بمعجزة إلاهية عظيمة، لم يكفهم شق البحر لهم كآية، فعبدوا العجل الذهبي، الذي يعتبر سيد آلهة ممفيس حسب الميثولوجيا المصرية القديمة (خروج 32: 1، قارن مزمور 106: 19 و 20).
ويتحدث العهد القديم عن إفتتانهم بآلهة المصريين. ( يشوع 24: 14، حزقيال 20: 7- 8)، بالرغم من تحدي النبي موسى لهذه الآلهة (عدد 33: 4).
– شواهد أخرى على الأوثان في زمن النبي موسى ، وعبادة بني إسرائي للعجل من القران الكريم : (الأعراف 138 ، البقرة 92- 93، طه 90- 91 ، الأعراف 148 ، البقرة 54 )
مرحلة القضاة 1010-1210 ق.م
يذكر الكتاب المقدس أسماء اثني عشر قاضيا (زعيما) لبني إسرائيل
– في مرحلة إشراف القضاة على الجماعة العبرانية، وكانت عبارة عن تحالف قبلي(أسباط)، خلطوا ما بين التوحيد والوثنية إلى أبعد حد، فبنوا المذابح للآلهة المختلفة، ومارسوا طقوس العبادة لها.
– عند مراجعة الاصحاحين السابع عشر والثامن عشر من سفر القضاة، نجد أنه كان يوجد لعائلات بأكملها وأفراد أصنامهم الخاصة (قضاة 17: 1- 6) وتتحدث عن التماثيل والأفود والترافيم وبيت الآلهة.
– بعد موت جدعون وهو أحد القضاة، رجع بنو إسرائيل لعبادة الأوثان ومنها البعل.( قضاة 8: 3 ، 9: 4).، وكان في بيت يوآش الأبيرزري( أبي جدعون) مذبحا للبعل، وأمر الرب جدعون بأن يهدمه (قضاة 6: 25- 32) ” وكان في تلك الليلة، أن الرب قال له: خذ ثور البقر الذي لأبيك وثورا ثانيا ابن سبع سنين، واهدم مذبح البعل الذي لأبيك ، واقطع السارية التي عنده…”
– لما تولى صموئيل القضاء، طلب منهم نزع الأوثان والآلهة الغريبة من صفوفهم (1. صموئيل 7: 3 و 4).
– ذكر العهد القديم عبادتهم للبعل وعشتاروت ( قضاة 2: 11، قضاة 3: 7).
– سجل سفر القضاة 10: 6 : ” وعبدوا البعليم والعشتاروت وآلهة ارام وآلهة صيدون وآلهة موآب وآلهة بني عمون وآلهة الفلسطينيين ، وتركوا الرب ولم يعبدوه ”
– وسجل أيضا مدى تأثرهم بمعتقدات الكنعانيين: ” سكنوا في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحوريين واليبوسيين ، واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء ، واعطوا بناتهم لبنيهم وعبدو آلهتهم ” قضاة 3: 5- 6 .
عهد الملوك 1020 ق.م (تنصيب شاول كأول ملك)
– في أيام سليمان بن داود ، ارتدوا لعبادة الأوثان، بل أن سليمان الملك نفسه ، نتيجة لكثرة زوجاته من الوثنيات- حسب الرواية التوراتية-، احتفل بمعتقداتهن وبنى لآلهتهن الوثنية المذابح.(1.ملوك 11: 4)
ويسجل الكتاب كثرة وانتشارالزواج المختلط مع شعوب أخرى: قارن ( خروج: 24: 14- 16 ، تثنية 7: 3 و4 ، عزرا 9: 2 ، عزرا 10: 18 ، نحميا 13: 23- 27)
وظهرت في فترة حكم الملك سليمان عبادة الإله الموآبي “كموش” ، والعموني “ملكوم” وغيرها.
(1.ملوك 11: 5،133).
” وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة، مع بنت فرعون موآبيات وعمونيات وادوميات وصيدونيات وحثيات ، من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: ” لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم، لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم”. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه، وكان في زمن شيخوخة سليمان، أن نساءه أملن قلبه، وراء آلهة أخرى ، ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود أبيه.
فذهب سليمان وراء عشتورت إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين، وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما، كداود أبيه. جينئذ بنى سليمان لكموش رجس المؤابيين على الجبل الذي تجاه اورشليم، ولمولك رجس بني عمون، وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن.
فغضب الرب على سليمان ، لأن قلبه مال عن الرب، إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين، وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى، فلم يحفظ ما أوصى به الرب.
فقال الرب لسليمان: من أجل أن ذلك عندك، ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيك بها،فأني أمزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها لعبدك،إلا أني لا أفعل ذلك في أيامك، من أجل داود أبيك، بل من يد إبنك أمزقها، على أني لا أمزق منك المملكة كلها ، بل اعطي سبطا واحدا لأبنك لأجل داود عبدي، ولأجل اورشليم التي اخترتها.”
– بعد وفاة سليمان، انقسمت المملكة ورفضت القبائل الشمالية تنصيب إبنه رحبعام ملكا، فتمردت وأقامت مملكة شمالية عرفت بإسم ” مملكة إسرائيل” ، وهي مملكة مدينة لا أكثر تركزت في السامرة أو شكيم (نابلس حاليا)، وأقامت لها معابدها المستقلة.
– انتشرت عبادة الأوثان بكثرة في مرحلة حكم الملوك، بدعم وإشراف بعض الملوك ، حتى شاع تعبير ” طريق يربعام” للدلالة على الإنحراف والوثنية ، وهو أحد ملوكهم. (1.ملوك 15: 34 ، 2. ملوك 16: 3 ، 2. ملوك 17: 7- 8).
– أدخل آحاز ملك يهوذا عبادة الأوثان إلى المملكة الجنوبية، وبنى مذبحا في داخل الهيكل نفسه ، وقدم ذبائح لآلهة دمشق. (2. ملوك 16: 10- 15 ) ، (2. أخبار 28: 23)، ويعتبر آخاب أكثر الملوك تشجيعا على الوثنية في تاريخ بني إسرائيل، هو وزوجته الصيدونية (من صيدا) ايزابيل.(قارن 1. ملوك 21: 25 و 26 ) حتى أنه اضطهد الأنبياء ولاحقهم ( 1. ملوك 16: 31- 33)
– مارس منسى ملك يهوذا أيضا الوثنية قبل توبته وعبد البعل. ( 2. ملوك 21: 1-9 ، ارميا 32: 34 ، 2. أخبار 33: 10- 17 )، وبعد موته أعاد إبنه آمنون طقوس العبادات الوثنية من جديد (2. ملوك21: 19- 22 ، 2 أخبار 33: 21- 24).
حتى أنهم نشروا العبادة الوثنية لمدن أخرى، حكم منسى من 638- 643 ق.م ، وتقبله الشعب هو وابنه ووثنيتهما على مدار ما يزيد عن 55 سنة. ( 2. ملوك 21: 18 ، 2. أخبار 33: 12 ، 23 ).
– سجل العهد القديم ، أن ثلاثة من الملوك الموصوفين بالأتقياء، بدؤا عهدهم بتحريم الأصنام المنتشرة بين العبرانيين، ومنع الطقوس الوثنية وهم : يوسيا، اسا، حزقيا، إضافة إلى التنديد الدائم للأنبياء الذي يملأ صفحات الكتاب، وهناك رواية شهيرة عن تحدي ايليا النبي لأنبياء البعل على جبل الكرمل.قارن مع ( 1.ملوك 18).
– كانت أم رحبعام بن سليمان عمونية وتأثروا بديانتها. (1. ملوك 14: 21- 24)
– أقام يربعام بن نابط عجلي ذهب في بيت ايل ودان ( 1. ملوك 26: 33)
– اقيمت على ثلاث قمم من جبل الزيتون، مرتفعات للآلهة الوثنية، وسميت القمة الرابعة “جبل الهلاك”.( 1. ملوك 11: 5- 8 ، 2.ملوك 23: 13 و14).
– ذكر العهد القديم في سفري الملوك أسماء آلهة وثنية كثبرة :
اله العمونيين “ملكوم” 1. ملوك 11: 7 ، اله الصيونيين ” عشتاروت” 1. ملوك 11: 15 ، اله العمونيين ” ملكوم” 1. ملوك 11: 7 ، اله الآراميين ” زامون” 2. ملوك 5: 18 ، اله الاشوريين ” نسروج” 2ز ملوك 19: 19- 37 ، اله الشمس المصري ” رع ” ارميا 43: 13 ، إضافة إلى “مردوخ” اله البابليين.
– ركز سفر الجامعة، في الإصحاحات 13،14، 15، على سيكولوجيتهم في عبادة الأوثان، ناهيك عن إرتباط العبادة الوثنية بالإنحلال الخلقي والإنغماس بالملذات (الإباحية والسكر).
وأشار الكتاب المقدس إلى عدد كبير من الآلهة المعروفة لديهم ، قارن : 2. ملوك 17: 29- 31 ، 1. صموئيل 5: 10 ، 2. أخبار 25: 14 ، 2. أخبار 28: 23 ، ارميا 43: 14 ، ارميا 46: 25 .
فترة السبي، بدأ من 586 ق.م
– يوجد عدة مراحل تعرضوا فيها للإحلاء القصري أو السبي ، وجاءت ضمن صراع الامبراطوريات القديمة من آشورية وبابلية ومصرية على النفوذ والسيطرة على بلاد الشام ، كان اولها السبي الآشوري. وجاء السبي البابلي مثلا- حسب العهد القديم – عقابا لهم على عبادتهم للأصنام. (2. ملوك 24: 1- 4 ، 2. أخبار 36: 15- 20 ) ، ومارسوا الوثنية أيضا بعد السبي ( قارن سفر الملوك الأول و زكريا 10: 2)
– قاد عزرا الكاتب (كاهن من نسل هارون) حركة سميت بالتصحيحية بعد العودة من السبي البابلي.، قام بتجميع وترتيب الأسفار ووضع شريعة للشعب تستند على الإرث الديني للشعب، وغير أسماء بعض الأماكن بأسماء جديدة (مثال تكوين 14: 14 ، كان إسم دان : لايش) ، وكان يتمتع بصلاحيات خاصة مُنحت له من ملك فارس.
الترافيم
” لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَيَقْعُدُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً بِلاَ مَلِكٍ، وَبِلاَ رَئِيسٍ، وَبِلاَ ذَبِيحَةٍ، وَبِلاَ تِمْثَال، وَبِلاَ أَفُودٍ وَتَرَافِيمَ ” هوشع 3: 4.
الترافيم هي عبارة عن أصنام صغيرة جدا، أو تماثيل تعبر عن آلهة ، اكبرها على شكل إنسان، كان الناس يعتقدون أنها تجلب الحظ، ويستشيرونها قبل إتخاذ القرارات الصعبة. ( 1. صموئل 19: 13 ، حزقيال 21: 21 ، زكريا 10: 2 ).
تروي التوراة أن يعقوب عندما وصل إلى شكيم ( نابلس) طلب من بنيه وكل من معه أن يعزلوا ” الترافيم” من بينهم. ( تكوين 35: 2- 4). ” فاعطوا يعقوب كل الآلهة الغريبة التي في أيديهم، والأقراط التي في آذانهم ، فطمرها يعقوب تحت البطمة التي عند شكيم”
وفي أيام القضاة كان لميخا وهو من جبل افرايم ترافيم منحوتة وتمثال مسبوك ( قضاة 17: 4 و 5 ، قضاة 18: 4 ، قارن مع قضاة 18: 65). ” رد الفضة لأمه، فأخذت أمه مئتي شاقل فضة ,اعطتها للصانع، فعملها تمثالا منحوتا وتمثالا مسبوكا، وكانت في بيت ميخا”
كان يوجد في بيت داود نفسه، ترافيم تعود لزوجته ميكال: ” أَخَذَتْ مِيكَالُ التَّرَافِيمَ وَوَضَعَتْهُ فِي الْفِرَاشِ، وَوَضَعَتْ لُبْدَةَ الْمِعْزَى تَحْتَ رَأْسِهِ وَغَطَّتْهُ بِثَوْبٍ ” ( 1. صموئيل 19: 13).
وأباد يوشيا الترافيم مع غيرها من الأاصنام التي كانت بين الجماعة الإسرائيلية. ( 2. ملوك 23: 24).حتى بعد عودتهم من السبي، وجد وسط الشعب من امتلك نرافيم(زكريا 10. 2).
الإله ايل
يعتبر الإله الكنعاني ” ايل” ، الإله الأعلى ، خالق البشر وباقي المخلوقات، الإله الأسمى، ويرد ذكره في ألواح أوعاريت ، المدينة السورية الأثرية، وفي مكتشفات المكتبة الملكية في “اابلا” القديمة.
لم يكن الإله “ايل” في الميثولوجيا الكنعانية، هو الإله الواحد الوحيد، بل الأعظم وسط مجمع الآلهة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما علاقة الأسماء العبرية بالإله الكنعاني ايل؟.
اسرائيل: من يشرائيل، وتعني يجاهد مع الله، أو الله يصارع، أو أمير الله وعبد الله.
لموئيل: مكرس لله
عمانوئيل: قد أعطى الله
اسماعيل: يسمع الله، أو إستجابة الله، الله يستجيب.
مهلئيل: حمدا لله
عثنئيل: الله قوة
صموئيل: الله سامع
يوئيل: يهوه هو الله
وغيرها عشرات من الأسماء التي تنتهي ب “ايل” التي ترد في العهد القديم.
النجمة السداسية
تسمى نجمة داود و درع داود، وهي أهم الرموز الإسرائيلية، واختارت الحركة الصهيونية في عام 1879 هذه النجمة، رمزا لها باقتراح من تيدور هرتزل في مؤتمر بال.
يقال أنها تمثل الحرف الأول والأخير من اسم داود بالعبرية، أو انها على شاكلة درع داود، ولكننا نجد – على سبيل المثال- أن النجمة السداسية حسب الميثولوجيا الفرعونية ترمز للإله ” امسو” أول إنسان تحول إلى اله، وأصبح إسمه ” حورس” ، وهي رمز لأرض الأرواح. وايضا أنها رمز للعلوم الخفية (السحر العفاريت والتنجيم وما وراء الطبيعة)، وفي الهندوسية هي رمز لإتحاد القوى المتضادة، مثل النار والماء، الذكر والأنثىى، وفي الزرداشتية الوثنية رمزا للخصوبة والإتحاد الجنسي، فالمثلث المتجه لأسفل يمثل الانثى والآخر الذكر.
تاريخ إسرائيل القديم ، حافل بالوثنية على مختلف أشكالها، وتأثر بشكل كبير بالمعتقدات الأاخرى للشعوب التي اختلطوا بها. وبرزت عندهم نزعة دائمة للتأثر بالمعتقدات والثقافات الأخرى كالإغريقية والهيلينستية ، فبعد موت الإسكندر الأكبر، عرف بعضهم عبادة الإله ” زفس” رئيس الآلهة عند اليونان، وآلهة الرومان ” جوبتر” ، وهو نفسه زفس اليوناني ولكن بإسم آخر، وكان مجتمعهم منقسما بين يهودي متمسك بتقاليده، وتابع للإغريقية في ثقافته ونمط حياته، حتى أنهم تسموا بأسماء يونانية، وتأثروا بالفلسفة اليونانية بشكل كبير.
وما الفكرة الصهيونية في حقيقتها، سوى نسخة كربونية من حقبة تنامي النزعات القومية والإستعمارية الأوروبية وتوظيفها للدين للوصول لغاياتها، وطبعا بحكم تلاقي المصالح الرأسمالية منذ إعلان نابوليون وتشجيع اوروبي، مع أن العهدين القديم والجديد، يرفضان وبشكل واضح فكرة الوطن القومي أو الحكم (الأرضي) المؤسس على الهوية الدينية.
لم يكن استحداث النظام السياسي الملكي، هو الشكل السياسي المؤسس على ” وصايا الرب” في العهد القديم، بل يؤكد الكتاب أنهم- وضد ارادة الله – طلبوا لأنفسهم ملوكا أسوة بباقي الشعوب حولهم:
” فاجتمع كل شيوخ إسرائيل وجاؤوا إلى صموئيل، إلى الرامة وقالوا له: هوذا أنت قد شخت وابناك لم يسيرا في طريقك، فالآن اجعل لنا ملكا يقضي لنا كسائر الشعوب، فساء الأمر في عيني صموئيل، وصلى صموئيل للرب، فقال الرب لصموئيل: اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك، لانهم لم يرفضوك أنت بل اياي رفضوا ، حتى لا املك عليهم ” (1. صموئيل 9: 4- 7 ).
وفي العهد الجديد قال السيد المسيح لهم : مملكتي ليست من هذا العالم (قارن يوحنا 16: 36)، ورفض أن يملكوه عليهم، ولم يطلب أتباعه في المجتمع المسيحي الأول إقامة مملكة دينية مسيحية،ولم ينُظروا لها ، بل تمسكوا بفكرة “الجماعة” على أساس أن ما لله لله وما لقيصر لقيصر.
يحتاج التتبع المفصل لتاريخ الوثنية “العبرانية أو الإسرائيلية أو اليهودية” لبحث كبير متخصص، ليشمل القبالاه (الكابالا) أو التفسير الباطني للعهد القديم،ومذهب المركبة الأكثر قدما، وهي تتعارض كليا مع الوحدانية وجوهر العقيدة، ناهيك عن أن “اليهودية” كمعتقد تختلف اختلافا كبيرا في تشريعاتها وتعاليمها المؤسسة على التفاسير الشفهية وشروحات الحاخامات عن نصوص العهد القديم، ويعتبرها البعض ديانة جديدة وامتدادا للوثنية.
حتى في الكيان الصهيوني القائم حاليا، نجد انتشار نسبي للوثنية في صفوف جيل من الشباب، وسبق لصحيفة “هآرتس” الإشارة إلى هذا الموضوع، وتحدثت عن مجموعات من الشباب، انجذبوا لمعتقد “الويكا” الذي يقوم على عبادة قوى الطبيعة والآلهة القديمة كإعادة إنتاج للمعتقدات القديمة.
وتعتبر ” الويكا” من أشهر المعتقدات الوثنية الجديدة واشتهرت منذ عام 1954 على يد جرلد غاردنز، أما التسمية “ويكا” فتعني الحكيم أو العراف و المشعوذ، وهناك شعب أنجلوساكسوني عرف بنفس الأسم في انجلترا.
إضافة لانتشار معتقدات من شرق آسيا وغيرها مستحدثة، من مثل التترا ، حركة العبرانيين ، وجماعة ” حراس الروضة”.