اراء حرة (:::)
بقلم : شوقية عروق منصور – فلسطين المحتلة (:::)
في مدينة لندن – لم تعد مربط خيلنا ، اليوم مربط افلامنا – كان العرض الأول لفلم ” يا طير الطاير ” للمخرج النصراوي هاني أبو أسعد ، الذي يروي قصة حياة الفنان محمد عساف الفائز ببرنامج – أراب أيدل – وحياة محمد عساف تلخص حياة كل فلسطيني ولد في المخيم وشق طريقه عبر الاحتلال و المعاناة والفقر والجوع والحصار والبطالة ، وأصبح وجهاً فنياً مشهوراً رغم الظروف الصعبة .
تم تصوير فلم ” يا طير الطاير ” في مناطق عديدة في الوطن الفلسطيني ، وكانت المفاجأة أن الفنانين الأجانب الذين حضروا العرض الأول في لندن صدموا من مشاهد الفقر والمعاناة وبؤس الحياة التي يعيشها الناس في المخيمات ، وكيف يلتقطون لحظات الفرح والانتصار من رحم الارادة والتصميم ، حتى لو كان انتصارهم على الاحتلال بالتفاصيل الصغيرة ، مثل نجاح مطرب أو فوز فلم أو تألق كاتب أو رسام ، اصيبوا بصدمة بعد رؤيتهم مشاهد الفلم المؤلمة حتى دفعت البعض منهم للبكاء مثل الممثل الشهير “هير غرانت ” الذي لم يخف تأثره لدرجة ان دموعه ظهرت بالصور الملتقطة له .
في يوم عرض فلم ” يا طير الطاير ” والشاشة البيضاء في لندن تحاول تأمل الجرح الفلسطيني المصاب بالتورم الزمني ، يسقط الشعب الفلسطيني تحت عجلات دبابة نتنياهو اللفظية ، يدخل نتنياهو الشعب الفلسطيني الى قفص ثعابين التاريخ ، يصنع من قضبانه الاتهام المباشر .
نعرف لكل زعيم ورئيس ووزراء مستشارين ، لذلك نريد أن نعرف أسماء مستشاري رئيس حكومة اسرائيل نتنياهو ، لأن تصريحاته دائماً تدل على الأفق الضيق وتأجيج النار ، ولكن حين يمسك التاريخ ويضعه تحت الأضواء نكتشف أنه يعاني من الغباء اللفظي وعدم دراسة التاريخ جيداً ، هو سوبر مان اليوم الذي يعتقد أنه يستطيع امتلاك المنصات التاريخية والعبث في الصفحات ويمزق ويكتب ما يشاء .
لم تعد العبارات الرئاسية حبيسة البروتوكلات والجلسات السرية والثرثرة السياسية ، اليوم لا يوجد شيء يبقى في طي الكتمان ، كل كلمة يطلقها سياسي قد تتحول الى شاهد على التاريخ ، لأن التاريخ يصنعه هؤلاء الذين يجلسون ويقررون ويصدرون التصريحات ، ونتنياهو من هؤلاء الذين يحاولون اللعب بحبال التاريخ ، يصرح ويقرر ويمسح ويضيف وينكر حق الفلسطينيين ، يقف في سوق المزايدة السياسية ويحاول أن يكون الأشد والرافض والضاغط ، سابقاً اللذين كانوا قبله من السياسيين مارسوا لعبة السياسة بطريقة العربدة المزيفة ، ولكن هو يريد الرقص على الحبال ، ولكن لا يعلم أن هذه الحبال قد تتحول الى مشانق تلف حول رقبته ، واتهامه الأخير الذي يحاول ضرب الفلسطينيين به ( مفتي القدس الحاج أمين الحسيني أقنع هتلر بحرق اليهود .. حيث هتلر كان يريد طرد اليهود ولكن الحاج أمين الحسيني أقنعه بإزالتهم وحرقهم ) لقد حوله هذا الاتهام الى أضحوكة تاريخية ، لأن مؤرخي التاريخ الذين تعمقوا في خلايا الصفحات والمحادثات والمباحثات لم يتطرقوا الى هذا التفوه الخطير والاتهام المباشر بطريقة – رمتني بدائها وانسلت – .
على اليهود في كل بقاع الأرض رفض هذه التهمة البشعة ضد الفلسطينيين التي تصل الى حد وضع نتنياهو في إحدى المصحات النفسية ، لأن هذه التهمة ليست لها علاقة بكذب الاستيطان والحق التاريخي في فلسطين كما يحاولون التغطية عليه وعلى الذين قبله ، انما لها علاقة بخيانة البكاء والدموع والارقام والمتاحف والصور والأموال التي تتدفق على أشكال مساعدات وتعويضات تطلب العفو والمغفرة والتوبة ، لها علاقة باعترافات وكتب ومجلدات وأفلام وأغنيات ورسومات ولوحات وتماثيل أغرقت العالم بصرخات ضحايا النازية ، حتى وصل الاحساس العالمي بالجريمة النازية النكراء أن فرض على شعوب العالم زرع عقدة الذنب تحت جلد كل فرد وبين ثنايا ملابسه الداخلية حتى لا ينسى ، لأن غياب عقدة الذنب معناها أنت غير متضامن مع الشعب اليهودي الذي تعرض للكارثة .
نتنياهو في المؤتمر الصهيوني العالمي الذي عقد في القدس القى بصخرة الاتهام على الفلسطينيين لطحنهم تحتها حتى يتخلص منهم عالمياً ، حيث أخرج المفتي الحاج أمين الحسيني من قبره وانهال بالفأس على ظله .
نعرف أن نتنياهو يحترف اضرام النيران ولكن ليس بأسلوب مصاصي الدماء وطاردي الأرواح ، وأسلوب مجنون رمى في البير حجر الف عاقل ما بطلعوا .
قبل فترة نعى الانكليز موت ببغاء طاعنة في السن ، كانت تعيش في منزل تشرشل ، من مميزاتها أنها تردد أصداء لأصوات قديمة أصحابها رحلوا وهم من أبرز قادة ومحاربي الحرب العالمية الثانية ، لعل نتنياهو أصابه داء الببغاء هذه ، أو تقمص روحها .