التهمة: مؤيد للفلسطينيين! بقلم : جيمس زغبي

اراء حرة …..
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن …
لم أكن أنوي الكتابة عن هذا الموضوع، ولكن شيئاً ما حدث بالأمس أثناء تناولي الغداء دفعني إلى تغيير رأيي. فقد كنت أتناول وجبة غداء مع زوجتي، بينما جلس رجلان في المقصورة المجاورة، وبصوت مرتفع، بدآ يناقشان وضع المنافسة الرئاسية. ثم قال أحد الرجلين الجالسين خلفي مباشرة: «واختار ساندرز كورنيل ويست، وذلك الرجل رئيس الجامعة العربية الذي يكره إسرائيل». وهنا طفح الكيل. فالتفت وقلت بنبرة مهذبة لكن حاسمة: «أنا ذلك الرجل، ولست رئيس الجامعة العربية، وأطلب منكما تغيير الموضوع الآن». ورد أحدهما بعد أن بدت عليه الصدمة: «أنت هو!»، وبدأ يطرح أسئلة. ولكنني قاطعته، وأوضحت له أنني أتناول غدائي ولست مهتماً بمتابعة الأمر. وعلى الفور، غيّرا الموضوع، مثلما طلبت. وبعد أن أنهينا طعامنا، التفت مرة أخرى إلى الرجلين، وأوضحت لهما من أكون، والسبب الذي جعلني أعتبر الوصف الذي نعتاني به فظاً.
ومن أوجه شتى، أعيب على صحيفة «واشنطن بوست» ووسائل إعلام أخرى إثارة زوبعة عقب تعييني مؤخراً في لجنة صياغة برنامج الحزب الديمقراطي. وفي البداية عندما سمعت من رئيس اللجنة «ديبي ويسارمان شولتز» أنه قد تم اختياري في اللجنة، توقعت هجوماً معتاداً من الجماعات اليمينية المتطرفة والمناهضة للعرب، والمتعصبين الموالين لإسرائيل. وبالطبع، هم لا يكلون ولا يملون، فقد نُعت بأنني «كاره محترف لإسرائيل» و«مدافع عن الإرهاب» ووصفت زوراً بأنني «اتهمت إسرائيل بارتكاب هولوكوست».
ولسوء الحظ، هذا ما تعلمت أن أتوقعه من ذلك الحشد. وعلى رغم هذا، كان أكثر شيء مزعج هو العنوان الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»: «ساندرز يكسب نفوذاً أكبر في البرنامج الديمقراطي ويعين ناشطاً موالياً للفلسطينيين». وبذلك سبق السيف العذل، إن جاز التعبير، وحذت صحف كبرى ووسائل إعلام أخرى حذوها مؤطرة المناقشة عن البرنامج وتعييني بأسرها بربطها بقضية إسرائيل وفلسطين، وقد بلغ الأمر ذروته باتصال هاتفي تلقيته أمس بعد الغداء مباشرة، من صحافي سألني عما إذا كان محقاً في افتراض أن «بيرني ساندرز» عينني لأكون «عصا له» ضد إسرائيل.
وبالطبع، أنا مؤيد بقوة لحقوق الفلسطينيين، وكذلك «بيرني ساندرز» وغالبية الديمقراطيين، بحسب استطلاع حديث أجرته مؤسسة «جالوب». ولكن المحاولة الوقحة الرامية إلى تقليص حملة «ساندرز» بأسرها وجل عملي في محاولة «النيل من إسرائيل»، تمثل خيانة وتحيزاً مزعزعاً للاستقرار ضد العرب وهوساً غريب الأطوار وجب الرد عليه. وهو يضر بالفعل بـ«ساندرز» وبي، وبقدرة دولتنا على إجراء حوار مشرف بشأن قضية ذات أهمية كبيرة.
ومن خلال التركيز على إسرائيل وتجاهل كافة القضايا الأخرى التي ألقى «ساندرز» الضوء عليها في حملة الانتخابات الرئاسية خلال العام الجاري، تسبب الصحافة ضرراً بالغاً لجهوده بشأن طرح قضايا الرعاية الصحية العالمية والرسوم الدراسية المجانية ورفع الحد الأدنى للأجور والاستثمار في الطاقة النظيفة وإعادة بناء بنيتنا التحتية المتداعية وحمل «وول ستريت» على دفع حصتها العادلة من الضرائب. ولا تبدو هذه محاولة ذكية لشيطنة الرجل والتقليل من شأن ترشحه.
وينطبق الأمر ذاته عليَّ أيضاً، ففي رد على سؤال من المحرر بشأن السبب الذي دفع «ساندرز» إلى تعييني، ذكرت له القليل من سيرتي الذاتية. وبالطبع، أتشرف بأنني أسست عدداً من المنظمات الأميركية العربية، ولكنني أيضاً عملت في «اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي» لمدة 23 عاماً، وعملت في اللجنة التنفيذية لمدة 15 عاماً، وشاركت في رئاسة لجنة القرارات خلال العقد الأخير، وترأست «المجلس العرقي» في الحزب منذ عام 2009. وعينني الرئيس أوباما مرتين لفترتي عامين في المفوضية الأميركية للحرية الدينية.
ولذا، عندما تجتمع وسائل الإعلام والجماعات اليمينية المتطرفة على تحويل حياتي العملية إلى «رسمة كاريكاتورية» من بُعد واحد وهي أنني «ناشط مؤيد لفلسطين»، فهي بذلك لا تجاملني. وإنما تخذلني. وعلى رغم أنها لم تخطئ، وأنا فخور بكوني مدافعاً عن حقوق الفلسطينيين، ولكن في ضوء هذا المناخ السياسي الذي نعيشه، فإن هذا الاختزال الفظ يؤصل للإقصاء والعنف السياسي. وعلى مدار سنوات، عانى الأميركيون من ذوي الأصول العربية من كافة هذه التحديات، وأعلم ذلك، بل وكنت شاهداً عليه.
وعندما أيدت حل الدولتين في عام 1988، قبل أن يحظى هذا الموقف بتأييد واسع النطاق، أخبرني قادة الحزب الديمقراطي بأنه لن يكون لي مكان في الحزب مرة أخرى. وعقب مؤتمر الحزب في ذلك العام، رفض «مايكل دوكاكيس» تأييد «اتحادنا الديمقراطي الأميركي العربي» معللاً ذلك بأنه «مثير للجدل بشكل كبير». وعندما جاء «رون براون» في عام 1990، الذي كان آنذاك رئيساً للجنة الوطنية الديمقراطية، للتحدث في فاعلية أقامها المركز العربي الأميركي، في ضيافتي، أخبرني بأنه قد تعرض للتهديد بخسارة الدعم المالي «إذا اجتمع مع هؤلاء القوم تحت سقف قاعة واحدة