تخفيض الضغوط أثناء كورونا – بقلم : محمد عبد الكريم يوسف

دراسات …..
بقلم محمد عبد الكريم يوسف – كاتب سوري ..
قد يسبب الضغط المتواصل والإجهاد المتواصل الأذى للدماغ والجسد على حد سواء . وما مرحلة الحجر الصحي خلال أزمة وباء كورونا إلا من المصادر الأساسية للضغط النفسي والعقلي والمادي للكثير من البشر . لقد خلق الله الإنسان كائنا اجتماعيا ينتعش بالتواصل ويعتبره وسيلة من وسائل الحياة . لكن خلال فترة انتشار كورونا المتصاعدة ، طلب من الناس جميعا التقيد بالتباعد الاجتماعي الأمر الذي زاد الضغط النفسي سوءا وأشعرهم بانعدام الأمان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
يمكن أن يزيد الخوف من المجهول التوتر والقلق. و يمكن أن يؤثر الإجهاد الطويل على جهاز المناعة وقدرة الجسم على مكافحة العدوى مما يجعل الإنسان أكثر عرضة للفيروسات وأقل مقاومة لها . إن الحرب الشعواء ضد الجراثيم والفيروسات داخل الجسد أو هروبه منها أو تجميده لها و الذي يحمينا من الخطر والتهديدات ، يمكن أيضا أن يلحق الأذى والدمار والتخريب بجسدنا وعقلنا على المدى الطويل.
قد يسبب الخوف والاجهاد التوتر والقلق والحزن والاكتئاب والغضب والعجز والاندفاع في غالب الأوقات. ويمكن أن يسبب الإجهاد على المدى الطويل أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم وتفاقم الأمراض الصحية المزمنة وتعطيل عادات النوم وزيادة احتمالات تعاطي الكحول أو المخدرات وإضعاف جهاز المناعة لدى الإنسان. وقد توجب على الإنسان البحث عن طرق شتى للتخفيف من الضغط النفسي أثناء أزمة كورونا المتفاقمة منها :
تقليل الاستماع للأخبار :
إن سماع الأخبار قد يسبب الضغط النفسي والاجهاد المستمر للدماغ والجسد خاصة وأن الكثير من المحطات تستخدم التعاطي مع فيروس كورونا وتستغله لأسباب سياسية . تحاول بعض الوكالات الإخبارية التهويل والترهيب من المرض لأغراض دعائية وتسويقية ولجذب أكبر عدد من المشاهدين والمتابعين بهدف التسويق الإعلاني وزيادة أجور البث التجاري . الطريقة المثالية هي أن يضع الإنسان هاتفه النقال جانبا خوفا من الوصول لدرجة الادمان على سماع ما يجري والارهاق العقلي والجسدي والشعور بالضيق وزيادة التوتر واستبدال الاستماع للأخبار بسماع الموسيقى الكلاسيكية أو الموسيقى المحببة للشخص ويكتفي المرء بسماع موجز الأخبار لمرة واحدة في اليوم مساء لتلخيص حصيلة ما يجري . وينصح الأفراد والأسر بالتقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة وعدم تصديق كل ما ينشر عليها من أخبار والاكتفاء بالاستماع لشبكات الأخبار الرسمية .
النوم :
على المرء أن يتأكد من الحصول على قسط كاف من النوم يوميا . يمنح النوم الدماغ والجسد الفرصة الذهبية للإصلاح والتجديد والنضارة . ينصح الطب الإنسان بالنوم من سبع إلى تسع ساعات يوميا لتحقيق الأداء الأمثل . وإذا كان الإنسان يواجه مشاكل في النوم يمكنه أخذ حمام ساخن أو بارد قبل موعد النوم والاستماع للموسيقى المناسبة المريحة للأعصاب والنوم في غرفة معتدلة البرودة ومظلمة .
الرعاية الذاتية :
تحتاج الأجهزة الإلكترونية التي بين أيدينا إلى الشحن واعادة الشحن والصيانة بشكل متكرر . لكن الإنسان للأسف نادرا ما يخصص وقتا لإعادة شحن البطاريات الخاصة به والتي غالبا ما تسبب الإرهاق والإجهاد العقلي وضعضعة جهاز المناعة الشخصي والانحدار نحو المرض .
يمكن أن يجعل المرء من استراحة كورونا نقطة لإعادة النظر والابطاء وتخصيص الوقت الكافي للعناية الشخصية . يمكن القيام برحلة على القدمين أو رحلة في الهواء الطلق والحصول على الهواء النقي والاستماع للموسيقى ومشاهدة الأفلام التي لم يشاهدها من قبل . يمكن اعتبار فترة الاستراحة الناجمة عن كورونا خطوة نحو إعادة تهيئة الجسد والروح .
الوجبات الصحية والمتوازنة :
إن تناول الوجبات الصحية والمتوازنة في البيت مصدر من مصادر السعادة والراحة للجسد والروح . يجب أن يبتعد الإنسان قدر المستطاع عن وجبات السوق والوجبات السريعة . يمكن للنظام الصحي الغذائي المتوازن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق والاكتئاب وتعد الكربوهيدرات الصحية المتناولة باعتدال عامل استقرار فعال للمزاج لأنها تساعد في إنتاج السيروتونين ، كما يجب البعد عن السكريات والكافيين .
إعادة صياغة التفكير :
يمكن للمرء البدء بإعادة صياغة أفكاره وترتيبها بحيث تسود الروح الإيجابية في الحياة و النظر إلى النصف المليء من الكأس وليس فقط النصف الفارغ . يمكن التركيز على الأشياء الجيدة في الحياة وليس الأشياء السلبية ويجب استبدال الشكوى الدائمة والسلبية بالامتنان والشكر والأفكار الطيبة .
البقاء في حال اليقظة والانتباه:
يمكن للمرء التفكير في حاضره والابتعاد عن التفكير في المستقبل وعليه أن لا يقلق بما قد يجري في المستقبل وعدم التفكير في المسائل والقضايا الخارجة عن الإرادة . لا أحد يعلم الغيب إلا الله .
الحرارة العاطفية :
على الإنسان قياس درجة الحرارة العاطفية أكثر من مرة في اليوم وعليه أن يراقب مشاعره فإذا شعر بالقلق والتوتر يمكن أن يستفيد من تقنيات التأريض التي تستخدم في عالم الكهرباء وأن يبدأ بالتأمل وممارسة التنفس البطيء والاهتمام بالمشاهد التي تجري حوله وتأملها .
التواصل الاجتماعي عبر الشبكات :
يمكن للمرء التواصل مع أفراد العائلة عبر الرسائل النصية الهاتفية ومنصات التراسل وسكايب ليدرك أنه ليس وحده في هذا الوقت العصيب ويمكن تبادل المناقشات والآراء والحصول على الدعم العاطفي من الأصدقاء والعائلة والاختصاصيين .
التأمل :
يساهم التأمل في تهدئة العقل والتقليل من الاجهاد . التأمل امتداد للتنفس العميق حيث يصبح انتباه الإنسان مركزا ويصبح العقل هادئا . يمكن ممارسة التأمل في الداخل والخارج وفي أي مكان يمكن الاسترخاء فيه دون مقاطعة أو تشتيت . إن الغرض من التأمل هو البقاء في الحالة الراهنة والوقت الحاضر واعادة التوازن إلى الجهاز العصبي واستعادة الشعور بالهدوء .
تجنب الكحول والمخدرات :
قد يجد البعض في الكحول والمخدرات وسيلة للهروب من المشاكل الشخصية والضغط النفسي ولكنهم من حيث لا يدرون يسيرون بأنفسهم نحو الهلاك إذ تسبب المخدرات والكحول الكآبة وسوء الحالة المادية والمعنوية وتقلل من فرص التكيف مع الوسط المحيط في أزمة كورونا .
التباعد الاجتماعي من الوسائل الناجعة في محاربة الأوبئة رغم قسوته أحيانا وقد مارسته الشعوب عبر التاريخ لتقليل الإصابة بالأوبئة وتجاوز الأزمات لا يأتي بضغطة زر أو قرار سياسي . يجب تحمل الضائقة النفسية والاقتصادية رغم قسوتها لأن انفجار الوباء في أي لحظة قد يكون أقوى بكثير من قدرة الحكومات على التصدي له . وننصح بعدم الاستعجال في العودة للحياة الطبيعية لأن الانتكاسة في الجائحة قد تكون أسوأ بكثير من البدء في التصدي لها .