مشروع هنري کامبل ۔ومشروع کوشنر ۔ وتقسیم المقسم فی الجغرافیا المقدسة ۔بقلم : محمد سعد عبد اللطيف

دراسات ….
بقلم : محمد سعد عبد اللطيف – مصر …
من حُسؒن حظ حکام الغرب ۔أن حکام العرب لا يقرأون ، وإذا قرأوا لا
يفهمون ، وإذا فهموا لا يستوعبون ، وإذا استوعبوا لا يطبقون ، وإذا طبقوا لا یفکرون ۔۔
فی عام 1905م عُقد مٶتمر فی لندن بدعوة سریة من حزب المحافظین ، وقد ضؒم الدول الاستعماریة فی الشرق الآوسط ۔وکان من أهداف المٶتمر إیجاد ألیة للحفاظ علی التفوق والمکاسب فی أطول آمدؒ ممکن ۔واستمرت جلسات المٶتمر لمدة عامین ۔ وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها “وثيقة كامبل” نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان وصاحب فکرة المٶتمر ۔۔ وهو أخطر مؤتمر حصل لتدمير ( الأمة العربية ) وكان هدفه إسقاط أی فکر أو نهضة وعدم إستقرار المنطقة العربیة
قدّم المؤتمر توصيات إلى حكومة الأحرار، بعد سقوط حكومة المحافظين عام 1905 برئاسة “أرثر بلفور ” برئاسة السير هنري كامبل بانرمان، لإقناع رئيس الوزراء الجديد بالعمل لتشكيل جبهة استعمارية لمواجهة التوسع الاستعماري الألماني، ولتحقيق بعض الأهداف التوسعية في آسيا وأفريقيا. وتأسست هذه اللجنة العليا، واجتمعت في لندن عام 1907، وكانت تضم ممثلين عن الدول الاستعمارية الأوروبية وهي: انكلترا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، بلجيكا وهولندا، إلى جانب كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول. واستعرض المؤتمر الأخطار التي يمكن ان تنطلق من تلك المستعمرات، فاستبعد قيام مثل تلك الأخطار في كل من الهند والشرق الأقصى وأفريقيا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادي، نظراً لانشغالها بالمشاكل الدينية والعنصرية والطائفية، وبالتالي بُعدها عن العالم المتمدّن. وأن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية، إنما يكمن في المناطق “العربية ” التي تقع تحت السیطرة من الدولة العثمانية، لا سيما بعد ان أظهرت شعوبها يقظة سياسية ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي والهجرة اليهودية. كما ان خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها: وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان. ولم ينس المؤتمر أيضاً، عوامل التقدم العلمي والفني والثقافي. والخوف من صعود دول فی النهوض ۔ ورأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا، وعلى ايجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها. ولذا أكدوا فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة الدولة العازلة، فی منطقة متجانسة جغرافیاؑ۔ ووضع جسم غریب داخل جسمها العربی ۔ وهكذا قامت ( إسرائيل )
ويعتبر مشروع ” بانرمان ” من أخطر المشاريع التي لها الدور الريادي في حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تمر بها منطقتنا العربية حتى الان وبالاخص شمال الجزيرة العربية العراق وبلاد الشام ، ومصر، بل اكثر من ذلك يعتبر إن صحة التعبير (الآب الروحي ) لكل الاتفاقيات
التي وضعت لتفتيت وتقسيم المنطقة العربية، بدءا من اتفاقية “سايكس بيكو ” عام ” 1916 ” ومروراً بكلاً من وعد بلفور عام ” 1917 ” ومؤتمر فرساي عام ” 1919 “ومؤتمر (سان ريمو ) عام “1920 ” ومؤتمر سيفر عام “1920 “ومؤتمر سان ريمو عام 1923 م ۔۔ وفی نهایة عام1907م
توصل المؤتمرون إلى نتاٸج آولاؑ : أهمیة البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للإستعمار ۔۔ لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية ۔۔۔وملتقى طرق العالم، وأيضا هو مهد الأديان ، والحضارات ويعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية ۔ شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان ( اللغة)
ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في (فلسطين ) تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق
وحدة هذه الشعوب الا وهي دولة إسرائيل ۔۔واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة. كما دعا إلى فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.
نعيشه منذ أكثر من ” قرن ” وكأنه تجسيد حرفي لهذه الوثيقة .
ورغم ذلك لم نتعلم جزء من التاریخ ۔ففی عام ۔”1979 م ” تم توقیع معاهدة کامب دیفید ۔بین مصر وإسراٸیل وأصبحت إسراٸیل أمر واقع لکثیر من حکام العرب من عقد إتفاقیات تجاریة وثقافیة ۔بعد حرب تحریر الکویت وعقد مٶتمر ” مدرید ” للسلام فی الشرق الآوسط ۔
الذی تمخض عن توقیع اتفاقیات ثناٸیة مع الجانب الفلسطیني والاردني ۔من کامب دیفید ، الی أوسلو ، ووادي عربة ۔وفی نهایة حکم الرٸیس الآمریکي ( بیل کلینتون ) وقبل الإنتخابات الرٸاسیة آراد آن تکون ورقة المفاوضات لصالحه فی الضغط علی السید/ عرفات ،،للبقاء فترة ثانیة علی “دم جغرافیة فلسطین ” هکذا یعید التاریخ نفسة قبل الانتخابات الآمریکیة نهایة العام کذلك الانتخابات الإسراٸیلیة۔۔ومصیر کل من : ترامب ۔ونتنیاهو العزل والسجن ۔۔والورقة الرابحة لهم مصیر شعب فلسطین فیما یعرف “بصفقة القرن ” التي تتضمن منح السيادة الإسرائيلية في جميع أنحاء القدس، بما في ذلك المدينة القديمة مع الحفاظ على “تمثيل فلسطيني رمزي فقط۔۔۔
إذا قبلت إسرائيل الصفقة، ورفضها الفلسطينيون، فإن إسرائيل ستحصل على دعم الولايات المتحدة للبدء في ضم المستوطنات بإجراء أحادي. الخطة ستمنح الفلسطينيين دولة، ولكن مقابل شروط تعجيزية تتعلق بتجريد قطاع غزة من السلاح وتخلى حركة حماس عن ذراعها العسكري، مع ضرورة إعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية عاصمتها القدس. والغریب فی الأعلان عن الصفقة ۔هذا الأسبوع یغیب الطرف الثاني ۔ السلطة الفلسطینیة التی قطعت علاقتها بترامب منذ اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل في نهاية عام ” 2017 “وهو قرار أحدث صدمة أعقبته قرارات أخرى تصب في مصلحة إسرائيل وتضر بالفلسطينيين الذين باتوا يعتبرون أن واشنطن لم تعد قادرة على لعب دور “الوسيط الحيادي”.
فبدلا من جمع قادة طرفي النزاع لعرض الخطة دعا دونالد ترامب إلى المكتب البيضوي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وخصمه السياسي في اقتراع شهر مارس (بيني غانتس ) للإعلان عن “الصفقة” التي تخص طرفين ۔ ویلعب الرٸیس الأمریکي ” ترامب ” في ترسيخ شعبيته بين الناخبين المسيحيين الانجيليين المتأثرين بكل ما له علاقة بإسرائيل كما يريد أيضا على الأرجح إعطاء دفع لنتنياهو “صديقه” الذي بات مستقبله السياسي على المحك.
ويتوقع بعض المحللین السیاسین بأنه إذا نصت الخطة على قيام دولة ستكون بالاسم فقط ومنزوعة السلاح” لا ترقى إلى تطلعات الفلسطينيين الراغبين في استعادة كامل الأراضي التي ضمتها إسرائيل في 1967م . هل الصفقة الاقتصادیة المالیة التي تقدر ب” حوالي 50 ملیار دولار ستکون ورقة ضغط علی السلطة الفلسطینیة من قؒبل بعض البلدان العربیة لتوقیع الصفقة
وعشية التسریبات من الجانب الإسراٸیلي عن بنود الصفقة و الإعلان نفى ترامب في “تغريدة ” على حسابه في تويتر صحة التقارير الإعلامية الإسرائيلية وصحة بنود الصفقة. وكتب قائلا “التقارير حول تفاصيل وتوقيت خطتنا للسلام هي مجرد تكهنات فقط”. هل ترامب یبحث عن حبل النجاة قبل الآنتخابات القادمة علی حساب شعب وأرض فلسطین للبقاء فی البیت الآبیض ۔؟
۰
محمد سعد عبد اللطیف
کاتب مصري وباحث فی الجغرافیا السیاسیة