اشكاليات الانتخابات الفلسطينية – بقلم : د. ناجي صادق شراب

.
آراء حرة ….
بقلم : د . ناجي صادق شراب – فلسطين المحتلة ..
بعيدا عن أهمية الانتخابات كآلية لتوسيع حق المشاركة السياسية ، وترسيخ مبدأ تداول السلطة ،وتقوية منظومة القيم التي تقوم على مبدأ المواطنه الواحده والحق والحريات التى يكفلها الدستور والقانون،وألإنتخابات أحد مكونات البناء الديموقراطى الشامل، فالديموقراطية ليست انتخابات فقط ، ولا الانتخابات غاية في حد ذاتها ـ بل إن تكرارها الهدف منه تأصيل وتقوية البناء الديموقراطى ، وهى شكل من أشكال التدريب،والحيلولة دون إحتكار السلطه حتى لا تتحول إلى بنية إستبداديه. البناء الديموقراطى مثل اى بناية كبيره تحتاج إلى اساسات ، ومن ثم مراحل ،وأخيرا تعايش وتوافق بين ساكنيها. بالبحث في إشكاليات الانتخابات وألأصح الديموقراطية الفلسطينية نجد أن هذه الإشكاليات كثيره ومعقده ومتشابكه ، وهى عبارة عن بيئة داخليه وخارجيه شائكه.بداية لا بد من إستبعاد بعض المبررات مثل ان الاحتلال لا يسمح بالإنتخابات، على أهمية هذا الرأى، ولا أحد يقلل من تأثير الاحتلال، لكنه ينبغي ان يكون دافعا قويا لإجراء الانتخابات، والتمسك بالخيار الديموقراطى على إعتبار أن الديموقراطيه أحد الخيارات لإنهاء الاحتلال كأى خيار آخر إن لم تكن أهمها وخصوصا في الحالة الفلسطينية .والإشكالية ألأولى التي أضعفت من الديموقراطية الانتخابية ، انه في الانتخابات الأولى التي أجريت عام 1996 وأستمرت عشرة سنوات ، وهذا الجمود وعدم الإلتزام بالإنتخابات لا شك أوجد تداعيات سياسية على الممارسة الديموقراطية ، وادى إلى تراجع في مقوماتها لحساب سلطة وتنظيم واحد حاكم، وحرمت الشعب من ان يمارس حقه في إختيار من يمثله ويفوضه الحكم، وفى الانتخابات الثانية التى فازت فيها حماس عام 2006، وهى التي كان يفترض ان تشكل مرحلة تحول مهمه وكبيره في عملية البناء الديموقراطى بفوز حماس التى تفائلنا بفوزها ، والكثير منحها صوته ليس عقابا لفتح والسلطه كما قيل وقتها ولكن بهدف ان مشاركة حماس وبناء على برنامجها السياسى الذى تقدمت به ولم تلتزم به بعد ذلك، ان هذه المشاركة تعنى تطبيق لمبدأ تداول السلطة ولبناء شراكه سياسية فاعله ستمتد لكل المؤسسات السياسية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير، ولو تحقق هذا الهدف لكان لدينا الآن منظمة تحرير قويه وفاعله/، وسلطه فلسطينيه ترقى لمكونات الدولة الفلسطينية ، وما وصلنا إلى حالة الإنقسام والتفكك السياسى والصراع الدموى الذى أفقد المواطن الفلسطيني الأمل في اى انتخابات قادمه، هذه الانتخابات الثانية لم تستمر أكثر من عام ، وهذه كارثة سياسية لأنها إنتهت بسيطرة وإنقلاب شامل على السلطة في غزه من قبل حماس لنصبح امام واقع سياسى مناهض للإنتخابات والديموقراطية ، والذى زاد الطين بلة كما يقال إستمرار هذا الإنقسام إلى أكثر من ثلاثة عشر عاما تأسست فيها بينة إنقسام وزرعت فيها قيم سياسية تشكيكية تخوينية رافضه لأى شكل من أشكال الشراكة ، وتأسست بنية غير ديموقراطيه لا في غزة ولا في الضفة .ففى إسرائيل مثلا أجريت انتخابات مرتان في أسابيع قليله وإحتمال قيام الثالثه في الشهور القادمه ، لا مشكلة لأن إنهاء الانتخابات وإجرائها يتم بالطرق القانونية والتوافقيه وهذا غير قائم في الحالة الفلسطينية ،من هنا كانت خطورة إلغاء الانتخابات بأسلوب مناقض للديموقراطيه، وهو الإنقلاب، وحتى نكون موضوعيين وحياديين كل ما يترب على ذلك يعتبر غير شرعى ، لكن مع التسليم بالأمر الواقع ومحاولة تصحيحه وإيجاد الحلول له تأتى أهمية ألإنتخابات لتصحيح كال ما ترتب على ألإنقسام من قرارات وسياسات وبنية غير شرعية , واعتقد جازما ان الانتخابات في صالح حماس وهى المستفيد منه الآن ، لأن من شأن الانتخابات وضمان إجرائها بنزاهة يعنى دمج كل ما ترتب على الإنقسام من لا شرعية سيدمج في بينة الشرعية وهذا أكبر المكاسب لها، وفى الوقت ذاته الإعتراف بالشرعية السياسة الانتخابية والإلتزام بها. الإشكالية الأخرى لعدم إجراء الانتخابات في مواعيدها القانونية ، اننا أضعنا الهدف الإستراتيجى من إجراء الانتخابات وهو أولا البناء السياسى الديموقراطى او بناء نظام سياسى فلسطينى قادر على إستيعاب وإحتضان كل القوى السياسية، ومن لا يريد ان لا يشارك عليهأ الإلتزام بالمخرجات الشرعية لها النظام، وهو ما يعنى التأصيل للمؤسساتية السياسية على حساب الشخصانية والفصائلية الفلسطينية وهما من أكثر نقاط الضعف اوالأمراض التي عانينيا مهنا وحولتنا لحالة من الهشاشة السياسية.والهدف الثانى صياغة مشروع وطنى اى ما يقابل الشرعية السياسة الملزمة لكل من يريد ان يحكم من منطلق أن الكل ساهم في هذه الرؤية الوطنية . هذان الهدفان أضعنا فرصة تحقيقهما على مدار اكثر من عقدين كانت فترة كافية لتحقيقهما والإقتراب كثيرا من إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية. لهذه الأسباب إجراء الانتخابات الفلسطينية القادمه حتمية سياسية تفرضها اولا الحاجة للشرعية ، وثانيا التوافق حول أولويات المرحلة ،وثالثا مراجعة وإيجاد حلول لكل ملفات ألإنقسام وهى كثيره ومعقده، ورابعا بداية لبناء آلية مشتركه للتواصل السياسى بين الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات والمخيمات عبر مجلس وطنى منتخب يبعث الحياة من جديد في جسد منظمة التحرير الذى يوشك على الإحتضار والموت، وأخيرا لا فتح ولا حماس ولا اى فصيل يمكنه ان يستمر بدون الشرعية الانتخابية التي يقررها الشهعب الفلسطيني وقوة اى منها بقوة القضية الفلسطينية وليس بقوتها. ولننتظر الانتخابات القادمه وماذا ستفرز؟
drnagishurrab@gmail.com