منوعات في شؤون العباد بين السياسة والأدب – بقلم : بكر السباتين

منوعات ….:
بقلم : بكر السباتين – الاردن …
“الدنمارك تسخر من عرض ترامب العقاري”
وهل تباع الأوطان يا ترامب!.. المقامر الأشقر ترامب أصيب بالخيبة حينما قوبل عرضه الكوميدي التافه لشراء جزيرة غرينلاند بالسخرية من قبل الدانماركيين شعبا وحكومةً.. وتحول عرضة إلى مادة للسخرية والتندر؟وقد ظن أن رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسون التي تم انتخابها عبر صناديق الاقتراع لا كرامة لها كما هو حال بعض الزعماء العرب ممن وافقوا على صفقة القرن وتنازلوا عن القدس لكيان الاحتلال الإسرائيلي.. وكادوا ينجحوا لولا تصدي الشعب الفلسطيني والمقاومة لهذه المؤامرة الدنيئة.. فالدانمارك دولة أثبتت أنها لا ترضخ لصفقات السمسرة الترامبيّة.. إذ لم تتردد رئيسة وزرائها في السخرية من عرض الشراء هذا، ووصفه بالسخيف، مؤكدة على أن هذه الجزيرة التي هي ملك لشعبها ليست للبيع.
***
اعترف المشير عمر البشير يوم أمس أمام المحكمة بأنّه تلقّى مبلغ 90 مليون دولار من الأمير محمد بن سلمان (أبو الكرم والخير)، ولي العهد السعودي، وكانت من بينها مبالغ نقديّة قيمتها 113 مليون دولار بعملات مختلفة تم العثور عليها مكدسة في مقر إقامته أمام عدسات التصوير وذلك خلافاً لما كانت تصرح به جبهة الإنقاذ السودانية الإسلامية التي تزعمها الرئيس البشير وحكمت السودان لثلاثين عامًا، والتي كانت تؤكّد دائمًا نظافة اليد، والتزامها بمحاربة الفساد تطبيقًا لقيم الشريعة الإسلاميّة ونصوصها.
جاء ذلك في إعلان عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري، والمجلس السّيادي المختلط الذي من المزمع أن بحكم السودان في الفترة الانتقالية طبقاً لمواد الدستور السوداني.
طبعاً الثمن كان بتأجير الجيش السوداني للتحالف العربي ضد اليمن.. عجبي!
***
في البربوغاندا التضليلية في جانبها الفضائحي، عليك أن تتوقع من الآخر ما لا يرضيك أو ينسجم مع أخلاقك لأن من يهاجمك وهو يدور في فلك خصومك لا يخضع لمعاييرك والتأثير في الأطراف والهوامش لا يحدث تغييراً جوهرياً في طاقة التحريض التي تولدها الخصومة في المركز، فالحدث الذي يباغت مجتمعك من الخارج ويداهم عقله الجمعي سيبذر في فلسفة الرد من طبيعته ومالا يتناسب مع المثاليات التي تؤمن بها أحياناً وهذه طبيعة بشرية .. وهو يا عزيزي ما نتعرض له في ظل ما يكتنف المنطقة من أزمات وكوارث نعتبر جزء منها.. ورغم ذلك وفي ظروف المهادنات يمكنك تفعيل لغة الحوار مع المركز للتفاهم على الثوابت والحقوق، على مبدأ:
حافظ على صديق.. إصنع صديقاً.. حيد عدواً.. واجه من يعتدي على حقوقك دون امتثال للحوار..
***
الغريب أن بعض المثقفين يأخذهم الغرور والتنطع الأجوف إلى إصدار نشرات ثقافية إلكترونية (مجلات أو جرائد) تشرف عليها لجان استشارية من المتخصصين سواء كانوا مبدعين أو تقليديين.. ويركزون في تصميمها على الشكل والفخامة ويمارسون من خلالها نشاطات اجتماعية في إطار العلاقات العامة دون الاهتمام بجودة النصوص المنشورة..
إن مبدأ الاستشارة الفنية هو أمر جيد على أن تكون معايير التقييم فنية محضة ولا تحد من حرية المبدع وليست مزاجية تروج للولاءات.. فالتقنيات متفق عليها أما الأمزجة فميولها خلافية وتأخذها المآرب إلى مستنقع ثقافي نتن الرائحة ومليئ بنياشين الرياء والنصوص الهابطة وضمائر نخرها السوس وصكوك غفران منحها النقاد القديسين لكتّاب دون المستوى المطلوب سوى أنهم يمتلكون صوتاً انتخابياً يليق بالسبورة التي تفرز عليها أسماء الناخبين.
فهيئة التحرير التي تتعامل مع النصوص بمزاجية فتنشر الغث والسمين من باب توافقها مع توجهات أصحاب النشرة وتحويل كل ما ينشر لديهم ، كأنها نصوص مقدسة، أنزلت في ألواح محفوظة من السماء على هيئة تحرير تضم في رحابها الطاهرة نخبة “نبوية” من الأدباء الجهابذة المعصومين من الخطأ، وتزف آراءهم الملائكة.. دون أن يدركوا بأن قيمة أي نشرة ثقافية تكمن في النصوص المنشورة التي تنبض بروح الحرية وتحلق فيها الأسئلة كأنها نوارس بحرية تنقب في البحر عن المعنى، وقد تخضع هذه النصوص لمعايير فنية صرفة متفق عليها يعتمد عليها المستشارون في تقييمها بعيداً عن شراء الذمم والولاءات؛ وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على سياسة الجهة المالكة للنشرة ومدى استقلاليتها بعيداً عن الاستقطابات الانتخابية. فالمجلة ليست سنارة لصيد الناخبين وإدخالهم نفق الاستغلال..
من هنا يبدأ الخلل الذي يصيب المشهد الثقافي بالارتباك ويحوله إلى سوق للمواقف والولاءات على حساب جودة النصوص الإبداعية “عنجد قرفنا”..
***
الفلسفة ترصد حتى تقاسم الزمن في عمق الفكرة، وهو يرتب جزيئاتها على قاعدة إشغال الوقت بالحدث المنتظم فلكل حركة وقتها ومخرجاتها.. فالإلكترونات وهي تدور حول الجوهر الذي تمثله النواة ستستهلك وقتاً يقاس بالفيمتوثانية لا ترصده إلا الفلسفة ومن هنا .. الفلسفة تفسر ما يحدث في جوهر الفكرة قبل التعاطي مع الشكل حتى يفهم في السياق العام للفكرة الكلية .. الفلسفة تبدأ بقصف الجزيء بالأسئلة حتى يطل العقل على الجوهر.. صارت المعرفة عند الناس كهدير سيارة تعبر دون أن تبعث في عقولهم الأسئلة العاصفة فتنطوي كذكرى شكلية عابرة تتراكم في الذاكرة دون أهمية..
22 أوغسطس