فن وثقافة …
بقلم : د سمير ايوب – الاردن …
الطمأنية
على الرغم من تحديات العصرالرقمي والهندسة النانوية ، فإنَّ بُغْضَ وحِقدَ مرجعياتِ بعضِ المُعاصرين من زعماء العرب ، وأتباعهم وأشياعهم ، على العقل الفردي والعقل الجمعي ، قد إستفحل . إغتالَهُ بعضُهم بالمنشار البدائي ، وبعضهم بِمال السُّحْتِ . والبعض الأخر بالميِّتِ من الموروث البشري . وإعتقله جُلُّهُم في غياهِبِ الجُبِّ وزنازينه ، وإختزله معظمهم فيما بين الساقين . ووظفه الجميع في المُجاكَرَةِ والمُقاهرة والمُناهدة ، وبالقطعِ إستفادوا منه ، في تحسين وسائل القمع والإحتواء والتفريق والتحقيق والغسل والكي ، وفي تدوير أطياف من الموالين ، وإعادة إنتاج أشباه من المعارضين .
إنْ تَلَفَّتُم بقلب سليم ، في كلّ إتجاه من حولكم ، ومددتم البصر والبصيرة بعيدا في الأفاق ، سترتطمون كثيرا بظواهر تكفير العقل والتفكير والتدبير . حتى إنحط المشروع العربي للنهضة ، بكل مضامينه . وضمر التيار العقلاني بكل مرجعياته ، الطائفية والمذهبية ، القطرية والإثنية .
وفي ظل تقاقم أزمات هذا الإنحطاط ، أضحت الخزعبلات والأوهام وصغائر الأمور تستأثر بالحضور الفاقع . وتتصدر مقدمات المشاهد وكواليسها .
مع ترقيد العقل العربي ، في سبات عميق ، تعطل النظر العقلي . وإنتفت الجرأة على طرح الأسئلة الجادة ، والمساءلة الموضوعية . وتم إيقاظ الشخصنة الكيدية . و شُرِّعَت الأبواب للغرائز البدائية المنتنة ، والانفعالات السلبية . وتم تجفيف منابع الطاقات الايجابية ، عند الفرد والجماعة والمجتمع والأمة . وبات كل شئ في مهب الفساد والدونية . ونبت للمفسدين مخالبُ وأنياب ، وتناسلوا مُريدينَ وأتباع ، وتشظوا صبيانا ما زالوا في المهد يرضعون .
هذه المقالة ، عتبةٌ لباقة من المقالات التالية . تعول كثيرا ، وبلا خوف أو تردد ، على كلِّ ما هو إنساني ، في الإنسان السَّوِي المتكامل . للحثِّ وفقَ المقاصد الربانية المؤكدة ، على إستعادة العقل لأكثر وظائفه الأساسية أصالة وجذرية ، لتحسين قدرتنا على الحياة البسيطة حيث نحن الآن ، في مختلف الظروف ، وحتى في أسوأها إحتمالا ، بالإنتصار على الخرافات والخزعبلات والتهويمات ، والتخلص من توتراتها ، ونشر الطمأنينة النفسية بعيدا عن أي وهم . من دون التخلي عن فضائل الشك الإيجابي . فالشك المشروع ، هو المدخل الضروري والطبيعي والسليم إلى الطمأنينة المبدعة والمتجددة .
وهنا كما يقولون ، مربط الفرس : كيفية توظيف العقل لخدمة كل احتياجات الإنسان السوي ، دون ان يتغول العلم عليه ، بديلا عن تغول الخرافة . وتلك بالتأكيد ، سيرورات متعددة طويلة الأمد ، لا تكتمل إلا بالتراكم المتصل