جنيف والمراوغات المكشوفة – بقلم : لحسن بولسان

آراء حرة …..
بقلم : لحسن بولسان – الصحراء الغربية ….
لم يكن بمقدور الدولة التي إجتمع على حوافها طرفا النزاع في الصحراء الغربية جبهة البوليساريو والمغرب بالإضافة إلى البلدين الملاحظين موريتانيا والجزائر، أن تتخطى الحدود التي إفترضتها القراءات التي سبقت انعقاد المباحثات ، رغم نبرة التفاؤل  التي ميزت تصريحات الوفود عقب انتهاء  اللقاءات  التي تركت انطباعاتها الحذرة ورسمت خطوطاً افتراضية لم تستطع أن تحدث ما هو خارج سياق المنتظر.
وإن كان من الصعب الجزم بالنتائج مسبقاً التي تبقى رهنا بجدية المجتمعين من جهة و الجهات التي تأمر  من خارج القاعة بالنسبة للوفد المغربي من جهة ثانية،إلا أن طاولة جنيف لم تتمكن ‏من أن تغلق الثغرات التي سبق أن حالت مرارا وتكرارا دون تحقيق اختراق يمكن البناء عليه،بل إن كل المعطيات المتوفرة أثبتت مرة أخرى أن الطرف المغربي لا زال وفيا لنهجه القديم بدليل تلك التصريحات  التي لا تزال تجتر الموقع ذاته مع بعض التعديلات الطفيفة في نبرة الخطاب  والطرح ازديادا أو نقصانا،كحلقة في سلسلة مناورات أصبح العالم مطلع عليها ،لن تنتهي عند حدود التبدلات في الخطوات التكتيكية,حتى يوصل الأمور مع كل مساعي دولية لتكريس حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير إلى المراوحة في المكان ذاته ،مع اللعب على حبال الشد حين يشعر أن المأزق قد خفت حدته ،والرخي مع الأمم المتحدة  حين يجد أن منفذا ما يمكن أن يكون طوق النجاة.
وفي وقت لا يزال من المبكر الجزم بالمآلات الأساسية التي قد تفضي إليها المشاورات التحضيرية  لعقد  الجولة المقبلة  من المحادثات  في الربع الأول من السنة القادمة ، وما هي حتى فرص انعقادها؟ والظروف الموضوعية لنجاحها؟ وهذا ما جعل الطرف الصحراوي يدعو المغرب إلى رفع الحصار عن المنطقة واحترام حقوق الإنسان و إطلاق سراح المعتقلين الصحراويين كعربون حسن نية ، لأنه وبالتجربة  اعتاد  المغرب الإغراق في التواءاته ، وليس هذه المرة الأولى التي يحاول فيها الإيحاء برغبته الخروج من المأزق الذي حاصر فيه نفسه منذ غزوه العسكري للصحراء الغربية ،ويبدو أنه ما زال لم  يتحلى  بصدق النوايا وبجدية إرادة احترام الشرعية الدولية ، والدليل  هذا  اللغو المغربي المتزايد واللغط  المقصود  ، وارتفاع وتيرة ثرثرته  التي عقبت انتهاء أشغال الطاولة علها تفرض في النهاية مشهدا ضبابيا.
أخيرا , لا ننكر على  السيد هورست كوهلر المبعوث الأممي   إلى الصحراء الغربية ،  نجاحه  في جمع الأطراف وأياً كانت العوامل التي دفعت بإتجاه محاولة تضيق شق الخلافات وتقريب وجهات النظر، لكن لن يتحقق  النجاح المرجو  دوليا ،إلا عندما  يحصل انعطاف واضح وحقيقي في الموقف المغربي ويجسد تصريحاته ونواياه  إلى أفعال جادة وصادقة تحترم قرارات المجموعة الدولية المشددة على حتمية  احترام حق الشعب الصحراوي  في إختيار مستقبله السياسي بكل حرية وديمقراطية ،والتخلي عن التلويح بحلول قسرية والمتاجرة بالوهم ،مع الحرص على ضرورة تقديم الهيئات الدولية  وتحديدا ،الإتحاد الأوروبي كامل الدعم لمجهودات  السيد كوهلر   قصد إشاعة السلام و استتباب الأمن وضمان التعاون والفائدة للجميع بضفتي البحر الأبيض المتوسط، مع أنه بات واضحا ومعلنا وعلى رؤوس الأشهاد  ،بعد سلسة قرارات المحكمة الأوروبية  ،  لن يكون ثمة كعك صحراوي  بعد اليوم في الأفواه الأوروبية الجشعة إلا بموافقة الشعب الصحراوي ممثلا في جبهة البوليساريو وإذا كان فهو لمن وقف إلى جانب الصحراويين في كفاحهم وأخلص لهم الصداقة وشد أزرهم.
أما المحسوم هوأن جبهة البوليساريو،كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي ، القادمة من منبر الأمم المتحدة ومن قاعة شرعيتها المعترف بها عالمياً  ، تصوغ مواقفها الثابتة و الصارمة  التي لا تزول بالتقادم على وقع المبادئ الأممية ،تجسيدا لمطالب شعب يخوض كفاحا مريرا عنيدا منذ عقود من أجل حريته وكرامته ،إنخرط فيه  أبناء شعبنا كل من موقعه  بعيدا عن من دس يداً قذرة من الأذناب وصبيان الخدمة الذين قبلوا أن يكونوا أزلاما بأيدي رعاتهم . ويقينا أن وفد الشعب الصحراوي المفاوض ، الذي ظل يمد يده للسلام ، ليس بغافل عن تلك العبوات الناسفة التي يحاول وفد الاحتلال دسها بلغة المهادنة .الصحراويون وعلى مدى عقود خلت أسسوا  لكفاحهم بتضحياتهم ودمائهم ،ليسوا بوارد المساومة   أو المجادلة في مسلمات ثابتة  لا يصح تجاوزها تحت أي مسمى ولا ذريعة أو حجة من أي نوع كان .وقد قطع رئيس الوفد الصحراوي المفاوض الأخ خطري أدوه الشك باليقين لما ذكر في الندوة الصحفية بقصر المؤتمرات للأمم المتحدة وعلى نحو هادئ مطمئن وواثق وثوق شعبه المؤمن بالنصر الأكيد  “أن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ،حق ثابت وغير قابل للتصرف  “