تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا .. بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة ….
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
” آفة بلدنا النسيان ” ويمكن أن يكون الإنكار فالعلاقة بينهما قريبة وقد يكون لها نفس المعنى ، هل أدمنت هذا العنوان ؟! ، من الجائز!! ، لكن للفائدة وليس للإساءة . الموضوع الذي سأطرحه هام جداً ، فالكتاب والقراءة هما هدف لكل مثقف والهدف الوحيد بالنسبة لي الآن ، وعندما يتعلق الموضوع بهما ، لا بد أن أكون أمينا ، لا بد أن أكون صادقا ، لا أنكر عمل من قدم أي شئ يضئ به العقول ، وأبدا لا أنسى أو أُنكر فضل السيدة ” سوزان مبارك ” في هذا المضمار كما أنكروه لإسباب سياسية بحتة ولأنها زوجة الرئيس حسني مبارك الذي يصرون أيضاً على انكار دوره كبطل من أبطال حرب أكتوبر ، لا شك إنها سقطة لا  يجب أن تكون في بلدنا . لكن الأهم بالنسبة لي هو دور السيدة سوزان مبارك وشعار ” القراءة للجميع ” ومكتبة الأسرة التي تعد من المشاريع القومية بحق وحقيقي ، لكننا نسيناه وأنكرناه تماما لأن النفاق يريد ذلك ويظن أنه لكي يرضي النظام الحالي يجب أن يدوس على رقبة كل عمل قُدم في فترة الرئيس مبارك حتى لو كان في صالح البلد . كنت معتادا في كل مرة أكون فيها بالوطن أن أقوم بزيارة مكتبة أوأكثر من مكتبات الأسرة التي نشرتها السيدة سوزان مبارك من الإسكندرية حتى أسوان ، كم كنت فخوراً وأنا أجدها عامرة بزوارها ، وفصول بأكملها من تلاميذ وطلبة المداراس في رحلة إليها يجلسون ويقرأون ، وبالرغم من وعكاتي المتتالية هذه المرة صممت أن أزور ولو مكتبة واحدة ، ذهبت إلى مكتبة كبرى بالجيزة ، دائما كانت مليئة بروادها ، دخلت وخرجت في مدة لا تزيد عن ثلاث دقائق وكآبة حقيقية اعترتني ، خاوية من الرواد إلا من ثنائيات ، فتى وفتاة من طلبة المدارس لم يجدوا مكانا للدردشة سواها ، المسئول ومساعده يجلسان إلى طبق من الفول ورائحة البصل تفوح على بعد عدة أمتار ، أما الحزن فهو على الأرفف الخاوية من الكتب وقد احتلتها خيوط العنكبوت ، أين القراءة للجميع ، أين مكتبة الأسرة ، أين الكتاب ، إين العمل الجميل والعظيم الذي قامت به هذه السيدة . إذا كان النفاق السياسي أملى عليكم أن تنسوها وتنكروها فلماذا تنكرون بل تقتلون هذا العمل العظيم الذي قامت به ، هذا العمل الذي بدأ عام 1994 وكان بداية  لمرحلة ثقافية مهمة ، إذ انطلقت مكتبة الأسرة حاملة الفكر والوعي لجميع أفراد المجتمع المصري ، تدفق الإبداع وتمكن قطاع كبير من متوسطي الحال والفقراء من تكوين مكتبات قوية ، شعار القراءة للجميع كان صحوة ثقافية ، ووصلت نسبة القراءة وقتها إلى درجة كبيرة  ، ما الذي حدث لمشروع مكتبة الأسرة ، هل تحول شعار القراءة للجميع إلى سبة وشتيمة ، هل نعيب على الإخلاق انحطاطها ، هل نعيب على الشباب تسكعهم وتحرشهم ، هل نعيب على الفكر انهياره ، لا والله لا تعيبوا سوى على أنفسكم سواء الدولة أو الشعب وقد أصبح لا يبحث عن الكتب قدر بحثه عن الطماطم والبطاطس ، عيبوا على أنفسكم محاولة طمس أو نسيان أو انكار حتى الأعمال القيمة والرائعة لمجرد أنها من النظام السابق ، هل حولتكم السياسة إلى قطط تأكل وتنكر ؟! .