فلسطينيون “وطنيون” في خدمة نتنياهو وليبرمان وترامب – بقلم : سهيل كيوان

دراسات ….
بقلم : سهيل كيوان = فلسطين المحتلة …
يقوم فلسطينيون كثيرون بخدمة رئيس حكومة دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ومعه الأنظمة العربية الأكثر سوءًا، وذلك بصورة بسيطة جدًا، عندما يقومون بتوجيه الشتائم والكلمات النابية والردح في تعميم مخجل للشعوب العربية، وذلك في وسائل التواصل الاجتماعي.
لا يعجبنا موقف ملك السعودية أو ولي عهده، وهذا ليس جديدًا، فنرى الشتائم على السعوديين مما هب ودب، تصفهم بشتى النعوت السيئة، وتنشر الفيديوهات والصور الانتقائية المسيئة لهم، والمقارنات بين ما وصلت إليه الدول المتقدمة في التكنولوجيا مثل اليابان وألمانيا وغيرها، ومقارنتها بالواقع الموجود في السعودية وغيرها من الدول العربية، سخرية تشمل الطعام واللباس والتقاليد الأخرى!
لا نقاش أن النظام في السعودية، هو النموذج الأسوأ من بين الأنظمة العربية، ولكن هذا لا يعني أن الشعب في بلاد الحجاز وشبه الجزيرة هو الذي اختار هذه السياسة، لأنه لم يختر حكامه أصلا.
يتساءل البعض، أين المعارضة؟ لماذا يرضون بحكم كهذا! حسنًا، منذ متى يوجد صوت مسموع للمعارضة في السعودية؟ معروف أن كل معارض لسياسة القصر يُلقى في السجن وقد يقصُّ لسانه، ويلقى حتفه، وهذا مشترك لمعظم الأنظمة بتفاوت ما بين هذا وذاك.
إلا أن كل معتمر أو حاج، يعرف مدى تعاطف الناس العاديين من السعوديين وغيرهم من الشعوب العربية والإسلامية مع شعبنا، طبعا إضافة للشعوب غير العربية والإسلامية مثل معظم شعوب أمريكا اللاتينية، وبعض الشعوب الأوروبية من مناصري حقوق شعبنا.
الشتائم المعمّمة للسعوديين وغيرهم من الشعوب العربية لا تخدم سوى الأنظمة المتعفنة نفسها، وسياسة نتنياهو وحكومته المتطرفة.
الرّدح للشعب السعودي وللخليجيين وغيرهم من الشعوب العربية، يزيد الكراهية ويوسّع شقة الخلاف، ويدفع الناس العاديين منهم إلى تأييد مواقف الأنظمة، ويضعف الأصوات المناصرة للحق الفلسطيني، ويُكثر الأصوات التي تقول للفلسطيني: “مستاهل اللي بصير فيك”.
النموذج السعودي ينطبق على بقية الشعوب العربية.
المهم والملفت، أن أكثر هذا الردح وهذه الشتائم نجدها على صفحات عرب الداخل، من مناضلي ومنظّري الـ”فيسبوك”. والأهم أن هؤلاء يختفون، عندما تكون ضرورة لوجودهم في مظاهرة ما ضد سلطات الاحتلال أو ضد حصار قطاع غزة، مثلا! أينكم إذن؟ كيف نطالب الشعوب العربية بمناصرة القضية الفلسطينية ونعيّرها بتقصيرها، بينما نحن أنفسنا أصحاب القضية نائمون ولا مبالون؟!
شتم العرب على طريقة هجاء نزار قباني وأحمد مطر ومظفر النواب وأحمد فؤاد نجم، أصبحت تبريرًا للتخاذل والتهرّب من المسؤولية الشخصية والجماعية، فقضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين أولا قبل أن تكون قضية أي شعب آخر.
نعم، جيّد أن نتغنى بموقف ممثل كوبا في الأمم المتحدة أو بموقف الأرجنتين من مباراة كرة قدم، نعم نتباهى بمواقف الدول الصديقة مثل إيرلندا وغيرها، ولكن ليس في كل موقف جيد لدولة أو لفنان أو لاعب كرة قدم أو سياسي أجبني نحوّله إلى شتائم وهجاء للعرب، مثل”صرماية ميسي تسوى كل الأمة العربية”، أو “صرماية ممثلة كوبا في الأمم المتحدة تاج على رأس أكبر زعيم عربي”! وإلخ من تعبيرات مهينة، وفيها استصغار من شأن العرب، وما قدموه ويقدمونه!
كيف ننسى مواقف الفنانين العرب المشرّفة عندما انتفض الفلسطينيون في الانتفاضة الأولى والثانية وقبل هذا في حصار بيروت، والأعمال الفنية الكثيرة المناصرة لقضيتنا.
ألا ننسى أن الدماء العربية التي سُكبت لأجل فلسطين، عندما أتاحت الأنظمة والظروف ذلك، ولهذا واجبنا التمييز والحذر من الإساءة للشعوب العربية التي تربطنا بها وحدة حال ومصير.
هناك من يتساءل بسذاجة أو غباء: “لماذا ترضى الشعوب بهذه الأنظمة؟” أقول له: وأنت كم مرة شاركت في مظاهرة صدامية ضد الاحتلال، وليس تظاهرة سقوط الواجب ضد الاحتلال؟ ولماذا تنتظر من ابن الكويت أو ابن جدة أو ابن الجزائر وتونس والمغرب ومصر والسودان وقطر ولبنان والعراق وسوريا وحتى التركي والإيراني أن يكون أكثر تفاعلا منك مع قضيتك أنت نفسك؟
وهل تعتقد أن خطبة لامعة على منصة الكنيست، واقتراحات إسقاط الحكومة المعروفة النتيجة وتظاهرة رفع الشعارات كافية في مواجهة نظام التمييز العنصري!
زرع المزيد من الكراهية بين شعبنا والشعوب العربية سياسة تخدم نتنياهو والمهرولين للتطبيع من الأنظمة.
إسرائيل تسعى لتخريب علاقة شعوب المنطقة ببعضها البعض أولا، من خلال سياسة فرق تسد، وكثيرًا ما نرى تعقيبات ومنشورات فيسبوكية مشبوهة، لا يقصد منها سوى نشر الكراهية بين الشعوب العربية والفلسطينيين، وبين الشعوب العربية ضد بعضها البعض.
لا يكاد يمر أسبوع حتى نرى محلّلين إسرائيليين على مختلف القنوات يستحضرون ما قاله هذا المذيع العربي أو ذاك على فضائية ما، يهجو فيها الفلسطينيين. يبثّون هذا وهم يضحكون، فهذا يخدمهم. وقد برز بهذا مذيعون مصريون من جماعة السيسي، ثم صحافيون ومسؤولون سعوديون وإماراتيون، ومسؤولون من الضفة وقطاع غزة، وهناك من يقدم لإسرائيل هذه الخدمة الخبيثة. أليس حصار قطاع غزة ووقف الرواتب هو زرع للكراهية بين رام الله وقطاع غزة؟ لماذا الصمت على ما تقوم به سلطة رام الله ضد قطاع غزة؟ أين أولئك الذين يهجون العرب على الطالع والنازل وخصوصا ممن يعتبرون أنفسهم قادة مجتمع؟ ما هذا الصمت المشين؟ أليست الخشبة التي في عينك أولى بأن تهتم بها من القشة في عين غيرك؟