خطاب حساس..الى قائد حماس! بقلم : توفيق الحاج

آراء حرة ….
بقلم : توفيق الحاج – فلسطين المحتلة – غزة …
السيد /ابو العبد البركة ..رئيس الحركة
تحية الوطن المقسم .. وبعد
بداية اعترف أني اكن لك احتراما وتقديرا خاصا لا ينسحب على كثيرمن قادة غزة..
منذ لمست تواضعك وعرفت بلاغتك  وحبك لكرة القدم وقد شرفت مرتين بلقائك لدقائق
في عزاء واحتفال والتقاط صورللذكرى معك!
سيدي ..
سأدخل في الموضوع فورا بصراحتي المعهودة والله يستر..لا طلب لي ولاغرض منك ولا
من غيرك..الله الغني!
وانما هي وجهة نظر.. ربما تفيد رغم انها تبتعد كثيراعن قناعاتك وقناعات مريدي
الحركة .
حماس يا سيدي كما تعلم هي الابنة الشرعية للمرحوم  المجمع الاسلامي سليل
الجماعة الام وذراعها الامين  في فلسطين.. وهي تمثل حركة اسلام سياسي بامتياز
وهذا حقها شرعا وفرعا تماما كحق أي حركة وطنية اوعلمانية  في تمثيل ما تريد..
لا أحد منا يختلف على ان حماس بذلت واعطت وبنت وجاهدت وضحت.ولازالت شأنها شأن
أي فصيل فلسطيني.. وانما نختلف على نوايا الحركة من وراء ذلك .. فمنا من يقول
انها حركة ربانية  (هي لله هي لله ) هدفها اعلاء راية الاسلام في كل مكان..ومنا
من يقول انها حركة سياسة اخوانية غير وطنية (هي للحكم هي للحكم) صورة طبق الاصل
من الحركة الام  هدفها الوصول  الى الكرسي واحياء حلم الخلافة !
وانا ممن يعتقدون ذلك بعد بحث ودرس فحماس كانت ولازالت  تفعل ما فعلت  حسب
بيعة الولاء والبراء لحركة الاخوان التي تنتمي لها ولقناعاتها واهدافها
سيدي..
أنا ارى كفلسطيني ان انتماء حماس  يجب ان يكون اولا  للوطن ولمن تشاء ثانيا ..
اذا ارادت ان تكون فعلا حركة وطنية..
أما انتماؤها للاخوان أولا فانه  يلقي ظلالا من الريبة  والشك على انتمائها
الوطني ان وجد ..خاصة  كلنا نعرف ان لا وطن  في ادبيات الجماعة !
لقد اخلصت حماس كما الاخوان طوال الوقت للبيعة والمصلحة مع الممول أيا كان
سعوديا او قطريا او ايرانيا او تركيا أوحتى اجنبيا.. بل وخسرت تحالفات  دربتها
وقوت شكيمتها كحزب الله وسوريا وايران  نزولا على اوامر المرشد ومجلس علماء قطر
ابان غزوات الربيع العربي غير المباركة!
في غزة.. وفي البدء نجحت حماس أيما نجاح في تجميل صورتها بشكل افضل من صورة
المغفور له المجمع الاسلامي المسورة في الذاكرة  بترهيب العصي والجنازير!
وساعدها على ذلك انخراطها في الانتفاضة الاولى بمسمى جديد رغم تجاوزات التعذيب
والاعدامات بحق او بغير حق لمشتبهين بالعمالة ! وصداماتها السياسية والميدانية
احيانا مع الحركة الوطنية!   وساعدها في الظهور ايضا تلك الهرولة الى مدريد ف
اوسلو  ف السلطة الهشة التي  فسدت سريعا وتكالبت قططها على الغنائم والاتاوات
وكثرت الانفلاتات  في حين كان دعاة حماس بجلاليبهم البيضاء وذقونهم المشذبة
وابتساماتهم الذكية الموجهة يتقربون ويتحببون  في المساجد والشوارع الى الحاضنة
الشعبية  ويزايدون على السلطة بعمليات  استشهادية ! هدفها  وضع العصا في العجلة
واحباط الخطط الفتحاوية ليس الا ! مع تخوين رأس الهرم والتشكيك في هويته!
وكان ارتفاع شعبية حماس السبب الاول  لاعادة النظر في فتوى تحريم وتجريم
الانتخابات  ومن ثم تحليلها وفازت حماس باكثر مما كانت تحلم  لأدائها المرسوم
والمتقن  ولتراجع  أداء الحركة الوطنية  وفتح خاصة بعد حصارشارك فيه الجميع
للقائد الرمز ابو عمار وتغييبه عن المشهد عنوة!
سيدي…
اشهد انكم كنتم غير مرغوب بكم من ورثة الختيار الذين فعلوا كل مايمكن لمنعكم
من الحكم .. وكنتم متحمسون للحكم نظريا بلا خبرة.. لكنكم استمتم في التمسك بأول
رأس جسر اخواني ناجح اسمه غزة للوصول الى الحكم والحلم بحكم كل الصحراء العربية
!
وكان الانقلاب  قمة الصراع  والدراما الدموية  بتوجيه من الجماعة الام
والداعمين  من شرق ومن غرب..!
وأعتقد  لو رجع بكم الزمان الى الوراء  من جديد وقد علمتم عاقبة ما افعلتم
في12سنة وما جرت فعلتكم من دم وضحايا ودمار وخراب ديار وحصار .. ما فكرتم  ابدا
في هكذا طريق بسوسي قبيح !
نعم.. كان الانقسام ولازال من منظورديني ووطني وتاريخي وأخلاقي خطيئة الخطايا
ونكبة النكبات وكنتم  انتم  قابيل العصر باقتدار! وكنتم أنتم  ولازلتم  الاولى
امام غزة بالاعتذار!.. فاسرائيل لم تحلم يوما بهدية كهذه تقدم لها على طبق من
دم.. لم تفلح دباباتها وطائراتها يوما بالوصول اليها ..!
ومرت السنوات بعد (صفين) الثانيةعلى شعبنا الفلسطيني  ثقيلة موحشة مظلمة مرة
ونحن نرواح المكان بالجري واللهاث على مشاية المصالحة من مكةالى القاهرة الى
قطرالى الشاطئ ثم القاهرة ونحن نطبخ الحصى عبثا للاطفال الجائعين!
كنت دائما على قناعة ان مصالحة فيها دم.. لن تتحقق بين طرفين لا يعترف أحدهما
أوكلاهما بخطاياه ولا يعتذر لضحاياه !
لقد أخطأت سلطة فتح  في حينه عندما لم تمكن حماس الحكم .. وهاهي حماس الان
ترتكب نفس الخطأ بعدم تمكين حكومة التوافق..!
قد يقول قائل:  ان السنوار ابن القسام مع كل الاحترام دعم المصالحة وقدم
الشيء الكثير..
والرد عليه: هذا صحيح لكن السنواركان يتكتك من باب ان المصالحة ممكنة بتمكين
جزئي شكلي بعيدا عن الامن والسلاح..بمعنى لكم النهار ولنا الليل..لكم مافوق
الارض ولنا ما تحتها..انتم في الظاهرونحن في الخفاء!وهويعلم ان لاحياة
ولامستقبل لدولة برأسين!
سيدي ..
انت تعرف حماس اكثر مني ..فهي تراوغ وتناور طوب الارض  ووتتذاكى وتتفنن في
التهرب من استحقاقات لابد منها .. مرة بركوب حركة شبابية سلمية كما فعل اخوان
رابعة..و اخشى ان يجهضها امراء الحرب بالحديث عن الصورايخ!
ومرة  بالخطوط الحمر من امن ورواتب ! ومرة برفض انعقاد المجلس الوطني في رام
الله ومرات بجر الفصائل  الى اجتهادات موازية لمنظمة التحرير..!
واعتقد على الرغم من خطورة ذلك وطنيا من تكريس للانقسام فان حماس في أحسن
الاحوال لن تكسب اكثرمما كسبته روابط القرى واسرائيل ذات مرحلة!
سيدي..
حماس.. للاسف تعيش مأزقا  وطنيا صعبا..لا تحسد عليه ..لن تستطيع  وان ارادت  ان
تفلت مهما كانت الحجج والتصريحات بالاستمرار بحكم غزة  تحت أي مسمى كان الا من
بوابة الانتخابات  !
الانتخابات وحدها الفيصل ان تسلموا او تستلموا الحكم في  خمس دقائق !
المجلس الوطني انعقد ..خطأ ام صوابا.. بكم او بدونكم.. انتهى الامر..ولاداعي في
خض ماء لا يفيد..واجهوا الحقائق..انظروا للقادم بمسئولية واختبروا نوايا الرئيس
في الوضع التعيس بدلا من الهروب بالمناكفات الى أمام !
الناس قرفت وفاض بها ولم تعد تحتمل  ولا يتصور فصيل انه في منأى عن غضب شعب
مقهور!
لذا  أرى ان تنزل حماس عن الشجرة قبل فوات الأوان وتعلن حماس صراحة انتماءها
للوطن اولا  … وتعتذر للشعب الذي  انتخبها يوما عن خطاياها وتستجيب فورا دون
قيد او شرط  لدواعي التمكين التام  السلطة ..هذا  ان ارادت ان تستعيد من جديد
ثقة واحترام معظم هذا الشعب ..ثقة تزعزعت وتضاءلت في سنوات القهر والفقر
والسواد .
في النهاية .. لم يكن ما اسلفت الا وجهة نظر من خارج السرب ..ونصيحة قد تستفز
عن غير قصد.. لكنها لا تلزم أحدا ..شاكرا لكم حسن  تفهمكم و اتساع صدركم  مع
اطيب تحياتي وتمنياتي لكم  وللحركة بكل خير.  والسلام