من يمثل الجالية العربية في الغربة – هل هو زعيط ام نطاط الحيط ..؟ بقلم : وليد رباح

الجالية العربية ….
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي …
منذ زمن ليس بالبعيد .. كان مختار القرية او عمدتها يلعب بنا كرة القدم .. يحمل خاتم الحكومة في يمناه ويبتز منا القروش العشرة ثمنا للتصديق على اننا من ابناء البلدة واننا ذوو سلوك حسن وسيرة عطرة .. واننا لسنا ضد الحكومة ولا من رعايا شياطين الاتحاد السوفيتي .. ولم ننضم يوما الى الاحزاب .. اكثر من هذا يصدق المختار على اننا نبلغ عن ضيوفنا الذين يزورون بيوتنا اولا باول .. حتى لا يحدث انقلاب ضد الدولة .
وبالاضافة لكل ذلك .. كان المختار في احيان كثيرة عونا للمحتلين والمستعمرين الذين يقبعون على صدورنا في الوطن العربي .. ففي فلسطين ومصر .. كان المختار او العمده عينا للانجليز .. وفي سوريا ولبنان كان عونا للسلطات الفرنسية الحاكمة المتحكمة وعينا لها .. وفي ليبيا كان عونا للطليان .. والثمن لكل ذلك تجديد ( ولايته) على القرية لمخترة اخرى .
وكان المختار عادة من اغنياء القرية او البلدة ..لذا فقد كان يضحك على ذقون السذح منا بالمناسف واطباق الارز واللحوم وحفلات ( المضافة) ويسخر في كل ذلك نساءه للطبخ فيرتفع الدخان الى عنان السماء نتيجة احتراق الحطب ما تحت القدور .. وينظر الناظر الى القرية من مسافة بعيدة جدا فيعرف ان حفلة المختار في اوجها فيطعم ابن السبيل وكل من زار القرية .. وكل ذلك من جملة مخصصاته الضيافية التي كانت تصرفها الحكومة لكي تظل اعين الناس مغمضة فلا يرون العيوب ولا القمع او دكتاتورية الدولة او بلاهة الحكم وعمالته للاجنبي .
وكنا نحن ( الشعب) على قدر كبير من البلاهة .. اذ يشكل المختار حوله طائفة من ( العبطاء) الذن يربون شواربهم من الاذن اليمنى حتى الاذن اليسرى ويحلفون بها ان يكونوا فداء للمختار فيما يريده .. لذا فقد كان اولئك السذج عونا للسلطة في قمع الناس وايذاءهم علموا بذلك ام لم يعلموا .
ثم تطور الامر فاذا بالمختار وطني من الدرجة الاولى رياء .. واذا به يزود الثوار بالسلاح ليلا ليدل على مكامنهم نهارا .. واذا به يخطب خطابا ناريا في الليل لتأييد الثورة ضد الحكومة .. ثم ينسل من اول النهار الى اقرب مركز للشرطة لكي يعطي تقريره اليومي عما يحدث في القرية .
والخلاصة فيما نشير اليه ان المختار او العمده كان يرقص على الحبال حتى ولو كان امي لا يعرف القراءة والكتابة .. ودارت بنا الايام فاذا نحن في امريكا نجابه الامر نفسه على صورة مغايرة .. ولكن العقلية ظلت كما هي دون تبديل او تغيير .. فقد استبدل المختار او العمده ملابسه ( الوطنية) بالملابس الافرنجية فلبس البلدلة وربطة العنق واخذ يفتش ويبحث عن المتنفذين في اجهزة الدولة الامريكية لكي يكون قريبا منهم .. فهو قريب جدا من البوليس وقريب اكثر من محافظ المدينة او رئيس بلديتها .. واقرب من ذلك من شريف المنطقة .. وصديق صدوق حميم لرجال المباحث الفيدرالية .. ثم انه بعد ذلك والله اعلم .. عينا لكل هؤلاء على جاليته بحجة انه يريد وجه العرب ابيض مثل الثلج في بلاد الغربة .. ويبكي ثم  يتباكى على الجيل الجديد الذي يسهر في الشوارع حتى الصباح ويعطي صورة سيئة عن العرب امام المتنفذين في جهاز الحكم في الدولة الامريكية .
وقد يسير هذا الامر على صورة حسنة فلا اعتراض ولا ممانعة في ذلك .. ولكن ان يمثل المختار ( غير المعين ) الجالية لدى السلطات الامريكية فذلك هو الامر الذي لا يرضي الا الضعفاء الذين يحبون ان يبقوا بعيدين عن مصالح الجالية ويرغبون ان يقودهم اولئك المخاتر حتى ولو كان ذلك الى مسالخ الخرفان.
ومع مرور الزمن .. يصبح المختار غير المعين من قبل الجالية معين من قبل السلطات يتحدث باسم الجاليه و ( يرقع) الخطابات في الاحتفالات التي يدعى اليها دون علم احد .. ويدعو المسئولين الامريكيين للطعام والحفلات دون علم احد .. ويزكي فلانا ولا يزكي علانا فتعتبر السلطة كلامه مثل العسل لا غبار عليه .. ثم ( يمعط) للمرشحين في الانتخابات فيوهمهم ان الجالية العربية كلها في يده مثل الخاتم في الاصبع .. وانهم سوف يعطون اصواتهم لعلان او فلان .. فيكسب ود الديمقراطي قبل الجمهوري .. ويصبح هو العلم المشهور الذي لا يشق له غبار .
ولا يقتصر الامر في ذلك على منطقة دون الاخرى .. فقد زرت معظم الولايات منذ قدمت الى امريكا ووجدت ان المشكلة التي يعاني منها العرب في منطقة يعانون مثلها في المناطق الاخرى .. ففي كل ولاية او منطقة او مدينة تجد هؤلاء وقد نصبوا انفسهم متحدثين باسم الجاليه .. فاذا بحثت عن ثقافتهم او تعليمهم فانهم اقرب الى الامية منها الى التعليم والتعلم .. ولكن الله منحهم بعض الذكاء فاستغلوا عقولهم لمصالحهم الشخصية . فاصبحت وساطتهم في الدوائر الامريكية مثل خاتم المختار الذي تحدثنا عنه آنفا .
وقد يقول البعض ان امريكا لا وساطة فيها ولا رشوة .. وان القانون هو القانون ولا يستطيع احد تجاوزه .. ولكننا نقول لهؤلاء ان الواسطة والرشوة والمحسوبية موجودة في كل دول هذا العالم وشعوبه .. ولكنها تختلف بين منطقة واخرى حسب الحالة الاقتصادية لكل شعب من الشعوب . فالرشوة التي كانت تجوز في بلادنا بالقروش العشرة .. ربما لا تجوز هنا الا بالف ضعف منها .. فعلى سبيل المثال كنت ترشي شرطيا في الوطن العربي بقرص من الفلافل .. ولكنك لا تستطيع ان ترشيه هنا او في اوربا الا بعشاء دسم اضافة الى الكاش الذي ( يلهفه) وقس على ذلك كل مكان في هذا الكون .. فالانسان هو الانسان في كل مكان .. والضعف الانساني امام بريق النقود لا يستطيع ذلك الانسان ان يقاومه .. ولكن الخلق هو الذي يسير الامور في كثير من الحالات ..
نصل في النهاية الى اننا ما زلنا نعيش عصر المخاتير سواء كنا في الوطن او الغربة .. واني اطلب من النائمين ان يستفيقوا .. والا فنحن اغنام نجر الى المذابح دون ان نعترض .