رهانات “الإمبراطورية” الجديدة ،هي الفوضى وليس الإنتصار / بقلم : د . الطيب بيتي (1)

دراسات ….
د.الطيب بيتي  – باريس …
” لا توجد سياسة جديدة، بل هناك  فقط السياسة –بالتعريف- ،المؤسَسَة على الخبرة التاريخية،وعلى معرفة الرجال والشعوب”جاك بانفيل –المربي الروحي للجنرال دوغول
حيثياث مرحليات التفكير السياسي الأمريكي  ما بين البراغماتية العملاتية النفعانية   والفانتازما الدينية:
– رهانات الولايات المتحدة  في  القرن التاسع عشر
صراعها ما بين :
أ-:”عهدها القديم/التوراتي/”الذي هو”الإنعزالية “والإنكفاء على الداخل وتحصين” الإيمان المسيحي”داخل ” أرض كنعان الجديدة” ، وأورشاليم الجديدة” وحماية  المكتسبات الأمريكية الداخلية  ضد الخارج : ” مبدإ مونرو”
ب-  : “عهدها الجديد/التوراتي/” الذي هو التوسعية والدولة الصليبية و”روما الجديدة”-الذي بدأ مع  الرئيس ويلسون و نقطه الأربعة عشر وقراره بالدخول في الحرب العالمية الأولى –تحت ضغط  يهودي داخل البيت الأبيض/وهذا جانب تفصيلي/ لأن اليهود الأمريكيين كانوا وراء كل الحروب  الأمريكية  وقرارات  البيت الأبيض في سياسته الخارجية / /1/
رهانات الولايات المتحدة في القرن العشرين:
2-“التوسعية” :Extensionism /وهو النهج  الذي فرض نفسه على كل الساسة الأمريكيين منذ الحرب العالمية الأولى، يتقاسمه الحزبين الأمريكيين الرئيسيين /الديموقراطي والجمهوري/  بالتعاقب حسب عاملي المد والجزر المسيطر على الداخل الأمريكي والوضعية الإقتصادية ،لخصه لنا هنري كيسينغر في عاملي” المواجهة/الحزب الجمهوري/ أو المصالحة  / الحزب الديموقراطي/
غير أن هاري ترومان  / الديموقراطي/ كان أكثر الرؤساء الأمريكيين ” مواجهة وعنفا” بحيث إختلق   كل التوترات  المصادمة العنيفة  في بدايات القرن العشرين :الحلف الأطلسي، إسرائيل ، الحرب الباردة ، ناغازاكي وهيروشيما، حروب كوريا/التي هي أعنف الحروب الأسيوية من حيث عدد القتلى/حوالي أكثر من مليون قتيل كوري/
مفهوم التوسعية أصبح نهجا مفروضا على الساسة الأمريكيين ،بحكم”ضرورات” الإستثنائية الأمريكية” :/الماسيحانية البيضاء /البروتيستانتية/الإنجيلية / المهاجمة العنيفة/ والإثنية /والوطنية والتاريخية/  والجيو-ستراتيجية/ التي تحدد “المصير المبين /التوراتي/ والوجود الحضاري للولايات المتحدة الأمريكية حيث  يسيطرالمعتقد الديني/In GOD We trust على القرارالسياسي الأمريكي الخارجي كما وضح ذلك  الأنثروبولوجي والمؤرخ الأمريكي”فريدريك جاكسون تيريز””
وبذا،فان”التوسعية” هي النمط المنشود الذي حدد منذ البداية،الاستثنائية الأمريكية،وسر استمرارايتها،والتي تحدد  بالتالي مصير العالممن أجل تحقيق “آخرأفضل أمل للعالم” كما حدد ذلك الرئيس إبراهام لنكولن
ويمكن تلخيص رهانات السياسة الأمريكية في المرحلة الأولى بما يلي:
“خطاب التأسيس للرئيس واشنطن،مبدأ مونرو،نقاط ولسون الأربعة عشرة،ميثاق الأمم المتحدة لفرانكلين روزفلت، “مذهب ترومان”/ : ميثاق الأطلسي ،خلق إسرائيل، تدمير ناغازاكي وهيروشيما ،خطة مارشال،الحرب الباردة،/ انهيارالإتحاد السوفياتي ،النظام العالمي الجديد،حرب  العراق، حرب البوسنة والهيرسيك ،:خطتا :كيسينغر/ بريزينسكي  الجديدتان لإعادة هندسة الخرائط الدولية على رقعة الشطرنج الدولية
المرحلة الثانية: حرب أفغانستان ، الهجمة الثانية على العراق، الحرب على الإرهاب،نظام العولمة،الربيع العربي ،نظاما: النظام الإقتصادي العالمي الجديد والنظام العالمي الجديد لبوش الأب ،بهدف ،إعادة هندسة خرائط العالم الجديدة على ضوء  وتغيير الأنظمة من الصين وروسيا الى ليبيا حسب منظوربريزنسكيBrezenski كما فسرها في كتابه”رقعة الشطرنج الكبري Le grand Échiquierأو ضرورة أن تصبح الولايات المتحدة الوصي الوحيد على مصير العالم ./ولقد كانت كذلك
/-رهانات /الإمبراطورية: في الألفية الثانية هي: ضرورو الوحدة /الأمريكية-الإسرائيلية/ كما هي واضحة في خطة بريزينسكي في كتابه الصادر عام 2004″Le vrai choix /Brezenski /أو الخيار الحقيقي
الهدف من هذا ” الخيار الحقيقي”-على المددين القصير والمتوسط ،هو فقط  تحقيق الفوضى المستديمة وليس الإنتصار،وبحيث أن بريزينسكي كان  في أواخر أيامه  قبل وفاته، يعنف أوباما ويحضه على المسارعة بضرب روسيا لإشعال حرب نووية سريعة ، بعد أن كان يشير عليه في السابق  بالتقرب إلى الصين لضرب روسيا –وهي نفس خطة الديناصوركيسينغر-
الفوضى الشاملة الكونية /بمعناها التوراتي هي المرحلة ما قبل الأخيرة للمشروع السيادي الأمريكي لإنجاز المشروع /التلمودي/الأخير، وعاصمته “أورشاليم”.بمعنى:”تدمير كل شيء إستجابة للهرطقات التلمودية  لحاخامات تل أبيب ”  …وتحقيرا للعقل الدياليكتيكي “الأنواري-التنويري” ، بحيث لم يرعو أو يستحيي  ناتاياهو للترويج لهذه الهرطقة في محاضراته  عام 2010 في مراكز البحوث الغربية  في أوروبا ، حتى في مدينة فرانكفورت معقل المدرسة الألمانية الحديثة  للفلسفة لصاحبها” هابيرماس”
وبالنظر إلى أن الأحداث السياسية لا تسقط من النيازك العليا ، فإن قرار دونالد ترامب  بتحويل القدس إلى العاصمة الأبدية اليهودية لإسرائيل  لم يأت إعتباطا   بل هو النتيجة الحتمية  لمراحل طويلة يمكن فهم  تسلسل  مرحليتها التاريخية  على يد  أكبر الخبراء ” العقلانيين  الأكاديميين ” مثل ” بيير هيلار”Pierre Hillar  في كتبه العديدة الغنية بالمعلومات والمصادر البيبليوغرافية  مثل La mrche irresitible du nouvelle order mondial  أو ” المسيرة التي لا تقاوم للنظام العالمي الجديد أو La guerre secrète contre les peuples ” “الحرب السرية ضد الشعوب”  للخبير الجيو-سياسي  كلير سيفيراك Claire Severac
المشروع  الصيهيوني- التلمودي الغربي الأخير: يتم دسه ما  بين شتى المسميات تضليلا للعقول …يأخذ إسم العولمةأحيانا  أو  النظام العالمي الجديد، أو النظام الإقتصادي الجديد أو حكومة العالم الجديدة ،/وفي كل مرحلة إنتقالية غربية تجد له إسما جديد ،يتناسب مع الظرف الزمني والمناخ الثقافي والفلسفي والفكري الذي يُشغل بال” المغفلين”. وكل تلك المسميات  المتلونة  تُجمِع على إتخاذ أورشاليم “العاصمة الأبدية  لإسرائيل  أو بالأحرى: إنجاز”العهد اليهودي”    Pax Judaicaالأخير كما أصل له عام 2010 “جاك أتالي”مستشار الإليزي  الخصوصي منذ فرانسوا ميتيران إلى الرئيس الحالي ماركون، والمنظرالحالي لولي العهد السعودي محمد بن سلمن إلى جانب صهر”جاريد كوشنر”صهر ترامب ،بحيث أن أتالي يهودي علماني  ومن أكبر المنظرين “لحكومة العالم الجديدة”، وكوشنر يهودي أرثودوكسي وحليف ناتانياهو المقرب والمنظر للفوضى الشاملة في الشرق الأوسط./ ويظهر هنا مدى التلاحم والتآلف ما بين الطرحين /مع  الإختلاف البين ما بين الشخصين.

.-/أنظر بهذا الصدد الكتاب القيم للمؤرخ الأكاديمي الفرنسي المعروف  Laurent Guyénot  في كتابه ” كم من حروب  عالمية /يجب خلقها /من أجل صهيون”؟Combien de guerres mondiales pour Sion ?    يسلط المؤرخ الأضواء على  العوامل الخفية  للحروب العالمية الأربعة (بعد ترقيم المحافظين الجدد، الذين يعدون الحرب الباردة كحرب عالمية ثالثة، وإعداد  الحرب الرابعة في عهد ترامب)  ويفصل المؤرخ  في فصول الكتاب ، في تفاصيل  تأثير الشخصيات والمؤسسات التي عملت منذ نهاية القرن التاسع عشر، بتصميم وعزيمة  على إنجاح  مشروع الصهيونية العالمية-التلمودية- الكبير القادم /بعد إنجاح الفوضى الشاملة  في العالم / و في أغلب  الأحيان دون علم المتحاربين أنفسهم – ولكن أيضا من دون معرفة الغالبية العظمى من اليهود الذين يشكلون مصير المشروع./