“البنتُ سرّ أبيها وفِرَاشِ الرئيس” قصة : بكر السباتين

القصة ….
قصة : بكر السباتين ….
خرجت من اجتماع العائلة غير آسفة بقامتها الممشوقة، ومفاتنها المحجوبة تحت طقمها الخمري.. وأخفت ابتسامة كانت قد أنارت وجهها النضر، متظاهرة بالخيبة لأجل شقيقها المتهور..
سوف تعلم شقيقها درساً في التجارة واقتناص الفرص، صحيح أنها تبوأت مركزها في مجلس بلدية المدينة بدعم من والدها المتنفذ، لكنها جديرة به، وخليقة بخلافة أبيها في اقتناص الفرص، فشقيقها الفاشل الذي تورط في صفقة دهانات لا تصلح للتسويق في البلاد، أهان والدهما العظيم حينما حمّل تبعات خيبته له بذريعة أنه تقاعس عن دعمه مادياً رغم ثرائه الفاحش، ودارت الحيرة في رأسه كالخمر حينما صفعه بجوابه المقتضب الحاسم ” دبّر حالك، من لا يحسن دراسة الجدوى لا يصلح لإدارة الصفقات الكبرى”
لكن شقيقته عضو مجلس البلدية ( في بلد ما) فكرت كثيراً في المسألة، فقد اشتغلت عليها من جانب آخر لتصريفها .
ففي اليوم التالي كانت في زيارة مباغتة لشقيقها في بيته ، كانت عيناها تترقبان الهاتف الخلوي عساه يطلق رنينه كي يستيقظ الأمل في نفسها، وحصل ذلك بعد أن ترنحت في غيبوبة القلق حتى مادت بها أرض البهو الواسع، كتمت شيئاً في نفسها وهي تصعِّب  الموقف على شقيقها وتسد في طريقه الأمل؛ حتى استنجد بها أخيراً متوسلاً كمن تاه وحيداً في غياهب اليباب:
“أسعفيني بحل، الوقت يمضي ومستحقات القرض أزفت على الاستحقاق دون بوادر أمل من والدنا كي يبادر إلى إنقاذي، لقد مات قلبه تجاهي!! ماذا يعني بعبارة أطلقها عليّ كالرصاص ( دبّر حالك)”.
فخاطبت الخوف في أعماقه دافعة إياه إلى منطقة القلق التي ألجمت تفكيره، وها هي تحاصره لتستخلص منه مأربها، سألته كمن تضحي لأجله:
” كم تدفع لي لو صرفت لك البضاعة”.. فهتف لها بتضرع:
“هكذا تكون الأخت الوفية، لك الثلث، فقط حدثي والدي بالأمر”.
“بل النصف”.
“موافق”.
ثم عقبت على موافقته وهي تتصل بالمحامي لكي يوافيهما على الفور، وبعد ساعة كان العقد ممهوراً بتوقيع الطرفين، وأخبرته شقيقته بعد أن استأذنهما المحامي بالمغادرة، بأنه منذ وقوعه بالأزمة وهي تصارع مجلس البلدية كي يوافق على مشروع فرض دهان واجهات البيوت الشعبية بالألوان الترابية أسوة بمثيلاتها في أوروبا الغربية، وانتهت المعركة ب!!”
ثم سكتت عن البوح، فهل هي مجنونة حتى تقرّ لشقيقها بما جرى بينها ورئيس البلدية في الفراش! صحيح أنه لم ينل منها وطراً فخيبت ظنه؛ لكنها استفزت شهوته حتى فضحت رجولته فحصد الرئيس الخيبة ولاذ بعدها إلى صدرها كطفل فقد أمه.
ثم أكملت بإلحاح من شقيقها:
“لقد رتبت الأمر بعد أن أبلغوني بالموافقة هاتفياً قبل ساعتين وأنا في بيتك، وصارت لدي كل بيانات الإحالة، معتمدين على المواصفات الفنية التي (أرضعتها!!) قصدي أقنعت بها رئيس البلدية!!”.
ثم سكتت بانتباه فاغرة فاهها، طبعاً هي تقصد بأن الرئيس ارتضع المواصفات من ثدييها النافرين، ثم تجاوزت العبارة إلى الخلاصة قائلة بلهجة عملية مركزة:
“عليك أن توظب بيانات الصفقة لديك، حتى نحدد أحياء المدينة التي من المزمع تغطيها بموجب الكمية التي في مستودعاتك المتوارية عن العيون،  وفق الألوان التي بحوزتك، وخاصة أنني ظفرت بتزكية من الرئيس المبجل (أطال الله في عمره) برئاسة لجنة الإشراف على تنفيذ المشروع، بدءاً من رئاسة لجنة العطاءات حتى لجان التقييم التي من شأنها إذا نجحت الفكرة التقدم بتوسيع دائرة تنفيذها وبعدها خذ يا شغل، وفيضي عليّ بالأوسمة والتكريمات يا بلدية، لا بل قد أرشح ذات يوم لوزارة البلديات كما ألمحت لي صديقتي زوجة دولة الرئيس”.
ثم ذكرت شقيقها بضرورة تسجيل بيانات مستودعاته باسم إحدى شركاته الوهمية التي تمتلكها زوجته تلافياً لتطابق اسميهما، وطمأنته على أن المحامي سيضمن له حقوقه في ملكية الشركة بعقود جانبية؛ كي لا تلعب زوجته الرعناء بذيلها، وكله بالأوراق الرسمية ولها من الفتات ما يلجم شبقها”.
ثم سألها متذاكيا:
” وماذا لو هاجمتك الصحف وشوهت أهداف المشروع!؟”
فكان جوابها جاهزاً كدأبها في مثل هذه المواقف، قالت بهدوء:
“لا تخش أعداء النجاح، ودع القطار يمضي والكلاب تنبح”.
فانفرجت أساريره هاتفاً بانبهار، والدهشة تطيّر رأسه الفارغ إلى الفردوس:
“فعلاً أنت ابنة أبيك، الآن فقط أدركت كيف أن البنت سرّ أبيها”.
فضحكا معاً حتى الثمالة