عكا – بقلم : فؤاد عبد النور – المانيا

دراسات …
بقلم : فؤاد عبد النور – المانيا ….
نفتتح موضوع عكا بهذه الأبيات للشاعر ” عامر الجنداوي ” وردت في موقع ” دنيا الرأي ” 28 \ 5 \ 2005 :
لو شربوا البحر، أو هدموا السور
لو سرقوا الهوا، أو خنقوا الدور
ما ببيعها عكا بالدنيا كلها
وما ببدل حارتي ولو بقصور!

إنها أبيات بسيطةٌ  تعكس تمسك أهالي عكا بالمدينة، ومقاومة محاولات تهجيرهم منها. وقد ازداد ضغط السلطة الإسرائيلية على السكان العرب لتركها، والسكن خارج السور، أو يبعدوا إلى الجديدة والمكر، أو لأي مكانٍ آخر يرغبون فيه. وأخذت تستقدم مهاجرين يهوداً، مستوطنين متطرفين، من الذين أخلاهم شارون من قطاع غزة لإسكانهم في عكا. وأخذ الصدام  بين العرب واليهود  يزداد في عكا تبعاً  لذلك، خاصةً  في يوم الغفران، حيث يحاول المتطرفون اليهود شل حركة العرب كليةً في ذلك اليوم.
وقد ذكرت صحيفة ” هآرتس ” في 14 \ 10 \ 2008 أن الاشتباكات بين العرب واليهود قد استمرت لليوم الرابع على التوالي.
هذا وذكر د. حاتم  كناعنة  في مقالةٍ  نشرت في موقع ” فلسطين 48 ” أنه عندما وُظِّف في وزارة الصحة قبل 25 سنة , كانت عكا في ذروة طرد العرب منها،  لتحويلها إلى مدينةٍ  للسياح فقط. وذكر أن الطبيب السابق له  قد قتل. والطبيب الذي خلفه أصبح  قعيد  كرسيّ متحركٍ من هجوم عصابات المخدرات عليه!  وُطرد هو نفسه من الوظيفة لعدم التعاون في حملات طرد العرب من عكا،  فانصرف إلى تقديم الخدمات الطبية للجليل كله!
ولم تكتف إسرائيل بمصادرة أملاك الأوقاف الإسلامية، بل قيل أنها تفكر في بيع خان العمدان، الأثر الإسلامي البارز في عكا،  والذي اعترفت به اليونسكو كواحدٍ من أبنية التراث الإنساني العالمي،  تفكر في بيعه لشركةٍ  تنوي تحويله إلى فندق. وقد جاء هذا الخبر في مقال لِ ” زهير أندراوس “: في صحيفة القدس العربي، بتاريخ 30 \ 10 \ 2013.
ورغم هذا فإن عكا العربية لا تزال نشطةً تجارياً، وثقافيا، واجتماعياً.  فالعرب لا يزالون يحتلون أسواقها ومبانيها التاريخية، وتحاول السلطة المحلية التضييق على هذا النشاط  بإلغاء- على سبيل المثال- مهرجان عكا السنوي.
وفي المقابل يزداد النشاط النسائي العربي،  إذ نظّمت النساء  العكاويات أول مؤتمرٍ نسائيٍّ جليليٍّ  في 18 \ 7 \ 2010، بمشاركة النوادي النسائية الأرثوذكسية من الرامة،  كفر ياسيف،  وأبو سنان،  البعنة، البقيعة، عكا، عبلين، حيفا،  والجديدة-المكر.
—————————-
كان يفترض أن تكون عكا من ضمن القسم العربي في التقسيم،  بخلاف طبريا وصفد. وقد تدفق إليها اللاجئون اليئسون من كل مكان،  وتضاعف عدد سكانها من كثرة مالجأ إليها.  وكانت المدينة تعاني من نقصٍ في كل شيءٍ،  من طعامٍ  ومؤنٍ،  وأدويةٍ، ووسائل صحية.
ساءت أحوالها أكثر عندما بدأ لواء الكرمل في حصار المدينة، وأخذ في دك المدينة بقنابل المورتر، مما أثار الرعب والفوضى في صفوف اللاجئين والسكان الأصليين. وبعد عدة أيام كتب البريطانيون المراقبون أن الماء  قد  قُطع عن عكا. مع قطع الماء انتشر وباء التيفوئيد. لم يكن قطع الماء هو المسبب للوباء،  ولكن وقوعهما في وقتٍ متزامن أثار الرعب،  وعجل في جلاء السكان وهربهم. واستخدم الجيش الإسرائيلي مُكبرات الصوت وأساليب أخرى من الحرب النفسية لتعجيل الخروج من المدينة.  وهكذا عندما أحتلها أخيراً في 18 \ 5 وجد أنه من 50 ألفاً لم يبق سوى أربعة ألاف، تعرضوا لمختلف أنواع الاضطهاد.
كتب إيلان بابيه عن عكا،  وعن وبداية تطوير الأسلحة البيولوجية عند الصهاينة:
” أدار إفرايم كاتسير ( أصبح رئيساً لإسرائيل ) وأخوه أهارون ” الوحدة البيولوجية “. كانا يستطيعان إنتاج 20 كيلغم. من مادة تسبب العمى كل يوم. ..
” … وفي 6 أيار أحتلت عكا وبيسان. قاومت عكا، ورغم كثرة  الزحام فيها لم يستطع احتلالها. ولكن قناة الكابري، التي تزود عكا بالمياه العذبة، أثبت أنها “عقب أخيل”. إذ تبين ان جراثيم التيفوئيد حُــقنت في قناة الماء، واتهم الصليب الأحمر إسرائيل – ولكن بلهجةٍ متحفظةٍ –  بالتلويث الذي حصل.
” وتم اجتماعٌ  بين رؤساء العناية الصحية، ومنهم ممثلين عن الصليب الأحمر، وخلصوا إلى نتيجةٍ  أن الوباء الذي أصاب 70 من السكان، مصدره مياه الشرب، وليس الازدحام كما ادعت الهاجاناه. ومن الجدير ذكره أن 50 من الجنود البريطانيين، الذين كانوا لا يزالون في فلسطين، قد أرسلوا للعلاج في قاعدة بور- سعيد  في مصر. تبين بعد البحث أن الجراثيم قد وصلت مع قناة المياه من الكابري!
” وهي ليست حالة التسمم الوحيدة  المذكورة في السجلات المختلفة. إذ حصلت حالة مشابهة في غزة  وألقي القبض على اثنين من اليهود  وأعدما. لم تثر إسرائيل ضجةً على إعدامها “.
بعد عدة أشهرٍ من سقوط عكا زارها الملازم الفرنسي ” بينيت ” من مراقبي الأمم المتحدة ليحقق في اتهامات عربيةٍ بأن من بقي في عكا تُساء معاملته. وكتب الضابط في تقريره أن نهب المدينة كان يسير بصورةٍ  منتظمةٍ من قبل الجيش الذي حمّل الأثاث، الثياب، وأيٍ من الممتلكات الأخرى  التي من الممكن لها أن تفيد المهاجرين اليهود الجدد الذين وُطّنوا في المدينة. وكتب الضابط في تقريره أن نهب المدينة هو جزءً  من الخطة الهادفة إلى منع اللاجئين من العودة إلى ممتلكاتهم. وهو ما كان يتم في مناطق أخرى في الدولة العبرية الجديدة.
ولاحظ الضابط أن حوالي المئة من الأهالي قد قـُــتلوا، وكان القتل يشمل بشكل خاص أولئك الذين كانوا يسكنون عكا الجديدة، ورفضوا ترك بيوتهم، والانتقال إلى البلدة القديمة المُخصّصة لسكنى من بقي من العرب. كان من الواضح أن الإسرائيليين اعتبروا عكا الجديدة ( خارج السور ) منطقةً محرمةً على العرب.
وقصة  “محمد فايز صوفي ” تعتبر مثالاً لما كان يتم. أُجبر على الخروج من بيته في عكا الجديدة  وأُسكن في عكا القديمة، في منطقة لم تُدمر في الحصار السابق. وعندما عاد محمد وأربعة من رفاقه إلى بيوتهم لجلب طعامٍ  ومؤنٍ،  أوقفوا من قبل عصابةٍ  من الجنود الذين وضعوا المسدسات المحشوة على أصداغهم،  وأجبروهم على شرب سم ” السيانيد “. تظاهر محمد بأنه قد  بلع السم، ولكن ثلاثةً  من رفاقه لم يكونوا محظوظين مثله. بعد نصف ساعةٍ  توفّوا، وقُذفت جثثهم إلى البحر. بعد بضعة أيام أرجع البحر الجثث إلى الشاطئ.
قدّر ” بينيت ” أن قتل المدنيين في عكا لم يكن بأوامر مباشرةٍ  من المسؤولين عنهم,، ولكن الفظائع التي ارتكبت عكست  الاحتقار الذي كان افراد الجيش يكنونه للمدنيين الفلسطينيين. ويجب الملاحظة هنا أن قيادة الجيش العليا لم تفعل شيئاً ضد مرتكبي هذه الجرائم، التي بلّغ عنها مراقبو الأمم المتحدة في كل أنحاء الدولة العبرية. ”
( مقتطف من كتاب ميشيل باليمو ” كارثة فلسطين ”  بالانكليزية ص 119 ).
——————-
استطعت الحصول على معلومات سياحيةٍ  جديدةٍ  لم تكن ميسرة لي أثناء عملي في الطبعة الثانية. منها، على سبيل المثال، ” نفق الفرسان ” الذي لم يكن معلناً عنه السابق في الجليل. يصل طول النفق إلى 350 متراً،  ويمتد من القلعة الصليبية  في الغرب إلى ميناء المدينة، ويعبر في طريقه الحي البيزاني، وقد استخدم كممرٍ استراتيجيٍّ للهرب، أو للتنقل تحت القلعة.
الجزء الأسفل منه محفورٌ في الصخر، والأعلى مسقوفٌ بحجارةٍ  مصقولةٍ على شكل قوسٍ اسطواني. وقد اكتشف عام 1994،  وافتتح لجمهور الزائرين في السنة 1999. أما في عام 2007  فقد احتفل بإظهاره كاملاً.
أُدمج في ممر النفق  مؤخراً إجراءٌ معقدٌ جداً،  من خلال بث رسوم ٍ متحركةٍ على الجدران،  ومؤثرات صوتية  تشرح حياة الفرسان وتاريخ الرهبنة التمبلرية.
——–
متاحف عكا
متحف عوكاشي للفنون: على اسم فنانٍ إسرائيلي  مشهورٍ قضى حياته في عكا. والمتحف يعرض أعمالاً  فنيةً  أخرى لرسامين مختلفين.
متحف سجناء الحركات السرية:  بني سجن عكا في الحقبة العثمانية على قواعد قلعةٍ صليبية. وفي الحرب العالمية الأولى حوّل إلى ثكنةٍ عسكريةٍ  ومخزنٍ للأسلحة. وقد حول الآن إلى متحفٍ لتمجيد أعمال المقاومة الصهيونية لحكم الانتداب البريطاني.
متحف الكنوز: وهي معروضات أثريةٍ  فنيةٍ  أغلبها يهودية.
المتحف البلدي: وقد أشرف على تهيئته  وإحضار المواد إليه، مثل عيدان المحراث العربي،  وأجران الحجر، الدكتور إلياس شوفاني قبل أن يهجر البلاد. وقد ذكر الأستاذ بشارة يعقوب  من كفر ياسيف  في حفل تأبين الدكتور الذي جرى مؤخراً في كفر ياسيف أن بن غوريون قد زار المتحف ذات يوم،  وأُعجب بما فيه، وبالعرض الجيد للمحتويات،  وسأل الدكتور الذي كان يرافقه ويشرح له: هل أنت يهوديٌّ أم عربي؟ فأجاب د. شوفاني: أنا لست يهوديا.. بل عربيا فخوراً!
هذه الإجابة لم تُعجب بن غوريون بالطبع!
و ذكر الأستاذ بشارة أن د. شوفاني قال في وداعه لكريمتيه هند و نور :
”  ما ورثت وطناً حراً لأورثكما إياه. وما لُمت جدّكما – والدي – على ضياع الوطن. أملي أن لا تُحمّلاني مسؤولية الإخفاق في تحريره. لقد حاولت! ”
(موقع المدار6\3\13 )
——————-
الخانات
خان الشواردة:  خان  التجار. يُقدر أن الظاهر عمر قد بنى هذا الخان على شكل ٍ مربعٍ محاطٍ  بالعمدان، وفي وسط ساحته حوض ماءٍ لسقي البهائم.  يقال أن الخان كان ديراً للراهبات، وقامت الراهبات بجدع أنوفهن حتى لا يرغب أحدٌ فيهن، أو يتعرضن للاغتصاب.
خان الشونة: يقع على بعد 30 متراً من خان الشواردة، ولا يزال أقدم نزل يخدم الزوار في عكا. رمّمه ظاهر العمر،  وتشير طبقته الأرضية إلى أنه كان صليبياً في السابق.
خان العمدان: خانٌ قريبٌ  من الميناء، استخدم للتجارة الدولية، وقد بناه أحمد الجزار.
——–
المساجد
مسجد الجزار، أكبر مسجدٍ  في فلسطين، بعد المسجد الأقصى في القدس.
مسجد البحر، أو مسجد سنان باشا، يقدر أنه بني في نهاية القرن السادس عشر.
مسجد الزيتونة، سمي كذلك  لوجود أشجار زيتون في فنائه. بُني على أنقاض كنيسة.
مسجد المجادلة، تم بناءه في سنة 1807، على يد المملوك علي آغا، مقابل بيته شمال غربي المدينة. سُمّي بمسجد المجادلة لكثرة سكان أهالي المجدل في ضواحيه.
المسجد المعلّق أو الأبيض، يقع شمال خان العمدان. بناه الشيخ سهيل، المتوفي في السنة 1748.
مسجد الرمل، ومسجد البحر.
————–
الكنائس:
الكنيسة المارونية,، في المنطقة الجنوبية الغربية. طُرد الموارنة من عكا خلال الحملات الصليبية، ولكنهم عادوا إليها، وإلى غيرها، في أثناء حكم فخر الدين المعني الثاني، حسب شهادة السماح الموجودة في الكنيسة.
كنيسة القديس فرنشيسكو، التابعة لرهبانية الفرنسسكان. سمح لهم فخر الدين الثاني ببناء الكنيسة سنة 1620، والإقامة في عكا، وبناء نزلٍ  فيها للحجاج.
كنيسة سان أندريا للروم الكاثوليك،  بنيت على أنقاض كنيسةٍ صليبية.
كنيسة سان جون،  تابعة للفرنسسكان،  بُنيت في السنة 1737، ورُممت سنة 1947، وهي الكنيسة الوحيدة للاتين.
————
في عكا معالم أثريةٍ كثيرة  وقبورٌ ومقامات. بينها قبر الجنرال الفرنسي الذي فقد رجله في معارك نابليون في أوروبا، ولكنه بقي ملازما لنابليون في حصاره لعكا. أصابت رصاصة ذراعه فــُبتر، ولكن الذراع التهبت، ودبت الغرغرينا  فيها فمات،  ودفن في خارج عكا مع غيره من الجنود الفرنسيين، الذين دفنوا دون شواهد على قبورهم. اكتشفت مقبرتهم في السنة 1969.
اشتهر من سكانها  ” حاييم فرحي ” اليهودي، ولا يزال بيته قائماً. وكان اليد اليمنى لأحمد الجزار في القرنين الثامن والتاسع عشر. من مواليد دمشق  لعائلةٍ  يهوديةٍ ثريةٍ  قوية الصلة بالعثمانيين. وكان لليهود كنيسٌ فخمٌ  صادره الظاهر عمر وبُني مكانه المسجد المعلّق، وكتعويضٍ  للطائفة اليهودية، مُنحوا  بيتاً صغيراً في عكا، حوّل إلى كنيسٍ   وقد رمم مؤخراً وفُتح لزيارة الجمهور.
عكا ثاني مكان مقدسٍ للبهائيين بعد حيفا. في عكا بيتٌ صغيرٌ مدفونٌ  فيه اثنان من شخصياتهم،  وأرضية البيت، أو المقام،  مغطاةٌ بالسجاد الثمين الإيراني.
وهناك حدائق البهجة،  والبيت الذي سكن فيه بهاء الله،  مؤسس  البهائية،  في السنين الأخيرة من حياته، بعد أن أطلق سراحه العثمانيون. وُضع في سجن القلعة أول ما نفي إلى عكا و في ظروفٍ سيئةٍ  مع أفراد أسرته وأتباعه،  ثم تحسنت المعاملة تدريجياً إلى أن أُطلق سراحه  وسُمح له بالعيش خارج عكا، فاستأجر الطابق العلوي من البيت الذي سُمّي في  ما بعد ” ببيت البهجة “،  ثم اشترى البيت من أصحابه، وأُنشئت واحدة من أجمل حدائق فلسطين. لا رسمَ  لزيارة الحديقة.
تاريخ حديقة البهجة ورد في كتاب الدباغ  ” بلادنا فلسطين “. جاء فيه أن سليمان باشا أمر بإقامتها، وسماها  باسم ابنته فاطمة. عمّر فيها أربعة قصور،  فضلاً عن أبنية الخدم والحشم. زاد في جمالها  بركة الماء الواسعة التي جلب إليها الماء من مياه الكابري، وعزّزها ” بفسقية ونوافير “.  وقد خرب هذا البستان أثناء حصار عكا من قبل نابليون، ولكن عبد الله باشا، الذي خلف سليمان باشا، أعاد تعميره وتجديده،  فعاد أفضل مما كان، ودعاه باسم ” البهجة “. اشتراه عبد الله باشا بيضون،  وبقي البستان في أيدي الورثة،  إلى السنة 48. على ما يظهر اشتراه البهائيون من السلطة الإسرائيلية،  وجعلوه حديقةً مفتوحةً للزيارة.
هذا, وقد قرأت معلومةً طريفةً  نوعاً ما عن ” عباس أفندي,”  ابن وخليفة بهاء الله، مؤسس البهائية،  نُشرت في صحيفة السفير اللبنانية، ملحق فلسطين، بقلم شاهين  أبو العز، معلقاً على مذكرات ” أحمد الشقيري ” بتاريخ 16 \ 7 \ 2012:
” كان عباس أفندي من أصدقاء عائلتي،  يزورنا في البيت،  ونستمع إلى أحاديثه. وكان يتكلم العربية بلهجةٍ فارسية،  فيها فخامةٌ  وغنـّة.  كما كان يزور الأُسر الوجيهة في عكا، ولم يترك أُسرة ًوجيهةً إلا وأهداها سجادةً عجميةً  فاخرة، أو عباءةً عجمية. وكنا حين نمر من أمام منزله نرى الفقراء والمحتاجين ينتظرونه  ليوزع عليهم الصدقات. وقد ظل عباس أفندي يـُصلي حيناً بعد حينٍ  في جامع الباشا ( الجزار )، ولكنه انقطع عن ذلك بعد الاحتلال البريطاني بقليل،  ولم يعد يراه أحدٌ  في المساجد بعد ذلك ! ”
و ورد في نفس المقال أعلاه، أن يهودياً عاش محترما ًفي عكا لأنه أسلم في الحرب العالمية الأولى،  واشتهر بأنه سمكريٌ، يرتاد مشغله  السكان. عندما قارب الموت،  اهتم الحاكم الإنكليزي بسؤاله:  أين ترغب في أن تدفن؟  فأجاب المسلم اليهودي: وهل هناك أحسن من دين موسى؟!  قالها ولفظ أنفاسه الأخيرة.  مات يهودياً.. ودفن يهودياً. والسؤال المنطقي: ماذا كان يفعل في عكا  طوال ذلك الوقت؟
نرجع إلى عباس أفندي.  يُــذكر أن أول شيءٍ اهتم الجنرال ”  ألنبي”  بالسؤال عنه عندما احتل فلسطين، كان سلامة عباس أفندي.  وقد وُهب وساماً بريطانياً رفيعاً، ويعلل ذلك البهائيون بان المنح كان بسبب الأعمال الإنسانية التي قام بها عباس أفندي أثناء المجاعة التي فتكت بالبشر قبيل وأثناء  الحرب العالمية الأولى، بزراعته مساحات واسعة من الأراضي بالحبوب، وتنظيم توزيعها على المحتاجين.
من المعلومات التي حصلت عليها مؤخراً من مجلة  “العمامة ” الدرزية،  أن الشيخ صالح يوسف خير من أبو سنان، اختير قنصلاً لبلاد العجم سنة 1864،  ولهذا السبب لجأ عباس أفندي وحاشيته المكونة من ثلاثين شخصٍ إلى أبو سنان في السنة 1914، وأقام فيها سنتين. وقد افتتح البهائيون مدرسةً ابتدائيةً  في القرية، أعطت القرية  أهميةً خاصةً في الجوار. قصة اللجوء مذكورة بالتفصيل في موضوع  ” أبو سنان ” من هذه المسودة.
المعلومات عن البهائيين في البلاد قليلةٌ،  والبهائيون غير مهتمين بأية علاقات عامةٍ مع الفلسطينيين، أو اليهود.  إذ أنه من ضمن الاتفاق الذي تم بين البهائيين والحكومة الإسرائيلية، أنه بإمكان البهائيين التوسع في أبنيتهم الدينية، وحدائقهم، وممتلكاتهم، على ألاّ يقوموا بأيّ  تبشيرٍ محليٌّ.  لهذا السبب لم  تـنمُ البهائية في إسرائيل. جميع الموظفين المسؤولين عن البنايات المميزة الجميلة للبهائيين على جبل الكرمل،  وعلى الحدائق المنسّقة  بشكل مبهرٍ هم أجانب، لا يتكلمون العربية أو العبرانية، ويتعاملون مع الزوار بالإنكليزية. وحددت أوقات محددةٌ للزيارة،  بمجموعات لا أفراداً.
يقدر الدباغ  عدد البهائيين في نهاية العهد البريطاني ما بين 550 إلى 600 نسمة. نزح معظمهم عند النكبة إلى الأردن. بينما بلغ عددهم في إحصاء 1965 م. 200 نسمة.
وقد كتب الأستاذ هاني ظاهر، في موقع  ” alsabil 110mb.com ” التالي:
” لقد أجريت في الأيام الأخيرة عدداً من الاتصالات مع بهائيين، وأحفاد للبهائيين القدامى في حيفا وعكا ونهاريا,  فتبين لي ما يلي:
إن الدين البهائي لا يعترف بأحدٍ من عرب فلسطين، أو من الذين استعربوا، لا من المسلمين، ولا من المسيحيين، وليس هناك من يسعى لإقناع أحدٍ بهذا الدين، لأن البهائيين أنفسهم  هنا لا يعرفون عن دينهم شيئاً يذكر.
” إن البهائيين المنبوذين هؤلاء هم حفدة البهائيين الذين قدموا مع البهاء من إيران إلى عكا في القرن التاسع عشر، أي قبل 150 سنة تقريباً.
” لا  يعرف الحفدة  شيئاً عن السبب لطردهم من الدين،  ويقولون أن أولادهم قد ذابوا في المجتمع،  ولم يعودوا يعرفون أن أجدادهم كانوا بهائيين. ”
هذا, وقد نشرت صحيفة الغد الألكترونية الأردنية مقالاً بقلم ” إبراهيم غرايبة ” في 6 \ 4 \ 2012 عن البهائية في الأردن، وأنها، أي البهائية، ثالث دينٍ في الأردن، بأتباعٍ يعدون الألف. وقد سكنوا قرية العدسية في غور الأردن، في بداية قدومهم لضفتي الأردن.
يعترف الأردن بعقود زواجهم، وأحوالهم الشخصية،  مثل غيرهم من الطوائف غير المسلمة. وقد أثار هذا المقال ضجةً في الأردن،  وكثرت التعليقات عليه، أقلّها أن الكاتب بهائيٌّ مُتخفي،  يحاول الدعوة  للبهائية!
من البهائيين المعروفين ساذجة نصار، زوجة الصحفي الفلسطيني، لبناني الأصل نجيب نصار،  و د. منيب شهيد –  والد ليلي شهيد  ممثلة المنظمة في باريس – بهائيٌ كذلك.
نقل الدباغ عن نشرة  ” فلسطين “،  وتصدرها ” الهيئة العربية العليا لفلسطين ” في بيروت، أن في عكا مبنىً  مخصصاً  لرفات مؤسس الطريقة الشاذلية، علي نور الدين اليشرطي، وقصر ضخم بعرف ” بسرايا عبد الله باشا “.
والشاذلية  انتشرت في الجليل من عكا،  بقدوم  علي نور الدين اليشرطي، الذي رأى في المنام حلماً بأنه يتوجب عليه ركوب البحر إلى عكا للدعوة  للطريقة الشاذلية، وصد الإقبال على البهائية. فقدم  وانتشر أتباعه في الجليل، ولكنه خالف مُؤسس الدعوة  الشاذلية  بكونه ورّث رئاسة الدعوة إلى  أبنائه،  وليس إلى  أكبر تلاميذه سناً. ومن المعروف أن العائلة تمتلكً مزرعةً  كبيرةً في الغور، غير أملاكٍ أخرى.
ومما يذكر أن السلطان عبد الحميد، آخر سلاطين آل عثمان،  من أتباع الطريقة الشاذلية، ورفض بكل قوةٍ طلب جمعية الاتحاد والترقي التركية العسكرية،  أن يوافق على قيام وطنٍ قومي لليهود في فلسطين،  فعـُـزل عن الخلافة.
تُهاجَم الطريقة في بعض الوسائل الإعلامية، وتنسب إليها العديد من الفواحش، دون أي إثبات.  والشاذلية الصوفية  في فلسطين ليست الوحيدة التي جعلت المشيخة  فيها وراثيةٌ، من الأب للابن،  فقد سبقتها البهائية، من بهاء الله إلى عباس أفندي، ومنه إلى الحفيد شوقي أفندي؛  والخلوتية في باقة الغربية وراثيةٌ كذلك.
——————————————-
” فلسطينيات ” حركة سياسية تتحدى الأبارتهيد الإسرائيلي في عكا
القدس العربي, 4 \ 4 \ 2014:
” فلسطينات منظمةٌ  سياسيةٌ غير حزبية داخل أراضي 48،  ليس لها مقرٌ، ولا مكتبٌ سياسي، ولكن أهدافها كبيرةٌ، تعمل وتنجز، ويبقى أفرادها جنوداً مجهولين. وفلسطينيات هي مجموعةٌ من أجل حراكٍ  مدنيٍّ وطني،  تحمل اسماً مشحوناً، وتختلف عن الحركات السياسية التقليدية، بانضمام أسرٍ( عائلات بأكملها)،  ينضم الزوج والزوجة،  وما تلبث بقية الأسرة أن تنضم.
وتشارك بالفعاليات مستفيدةً من الثورة المعلوماتية الألكترونية، للتعبئة، والتنظيم، والتشبيك. غير أن ما يميزها يكمن في صلب رؤيتها، لا بوسائل عملها فحسب. فهي ترى أن هناك نظام فصلٍ عنصريٍّ أسرائيلي ( أبارتهيد ) واحدٍ  في فلسطين، لا فرق بين ممارسته في عكا أو يافا والنقب، وبين جرائمه في القدس وجنين ورفح،   لذا فهي تؤمن بالرد الفلسطيني الموحّد.
وأوضح المحامي جهاد أبو ريا أن فلسطينات تساند العمل الشعبي الاحتجاجي بالتعبئة والحشد والمشاركة، كما كان في مظاهرات الاحتجاج على مخطط  ” برافر”، وتهجير النقب، وفعاليات الاحتجاج على قانون منع لم الشمل. كما تسعى الحركة للابتعاد عن أساليب العمل الروتيني المألوف، وتبحث عما هو مفيدٌ  للقضية الفلسطينية من خلال أهدافٍ عينيةٍ محددة، كمخيمات العودة الثقافية للشباب في القرى المهجرة في رمضان الفائت.. وقامت الحركة بتوزيع بيان الأسبوع الماضي بالعبرية في مستوطنة  ” ياعد ” القائمة على أراضي قرية ميعار المهجّر أهاليها، خاطبت فيه سكانها اليهود بالقول: ” أنتم جزء ٌ من منظومةٍ استعماريةٍ، ولن يهدأ بالكم طالما لم يرجع أهالي” ميعار”   إلى بيوتهم، وطالما لا نتقاسم الموارد.”
—————-
جمعيات نشطة في عكا العربية
جمعية العاطر العكاوية، مؤسسة الأسوار، السنديانة، النساء العكيات، سرية الكشافة، الكشافة الأرثوذكسية، عكا بلدي، و مجموعة العكاوية.
كتب :
عكا وقضاءها. ناجي مخول.