تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا .. بقلم : ادوارد جرجس

أراء حرة …
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
ومع كل تنهدات الأسف التي يمكن أن تجر خلفها الدموع ، أنظر حولي الآن إلى هذا العالم ، إلى هذه الدنيا ، وكأنها أشواك قتلت زهورها ، أشعر بأن زجاج نظارتي تحول إللى اللون الأحمر مع كل هذه الدماء ، أحاول أن ابحث عن الناس ، ناس زمان ، لا أجد سوى الأشباه المشوهة ،  فقط نيجاتيف لصورة جميلة ، ربما ما أثار في داخلي هذه الكلمات المحزنة هو مرور عدة أيام من شهر رمضان المبارك ، وذكريات تتدفق من بعيد كزخات المطر جالب الخير ، أسأل نفسي وأرفض الإجابة خوفاُ أن تنكسر ويزداد الشرخ ، أين رمضان زمان ؟! ، أين ذهب عنوان البهجة بقدوم هذا الشهر ؟! ، أين المودة التي كانت تفتح أبواب المنازل على بعضها دون تفرقة ؟! ، أين ذهبت البساطة والإريحية التي كانت تجعل من الطعام مذاق الشهد حتى لو كانت لقمة بسيطة ؟! ، أين مدفع الإفطار وصيحات الأطفال تدور في الشوارع كمساعد له ؟! ، أين قطايف رمضان التي كانت جارتنا خالتي ” أم الدمراني ” تختصني بها ؟! ، أين صوت الشيخ النقشبندي ومدائحه التي تمس شغاف القلب ؟! ، أين الأذان بصوت الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط ؟! ، أين المسلسلات الرمضانية التي كان الجميع ينتظرها ؟! ، لا رقص ولا ما يخدش الحياء ، ولا مقالب مفضوحة يقدمها الفاشلون وتكون النتيجة عبارات بذيئة تقال دون حرمة للشهر ، أين المسحراتي الذي كان يجوب الشوارع والحواري مع دقات طبلته ” أصحى يا نايم وحد الدايم .. رمضان كريم ” ؟! ، أين الناس الطيبة ؟!!! ، ذكريات كثيرة عن ما مضى ، لكن أكثر ما يجسدها هو المناسبات التي ينتظرها الجميع ، مناسبات قد تتكرر مرة واحدة كل عام ، الانتظار كان بشوق ، والوداع كان بالحسرة من حلاوتها ، كتبت في أحد مقالاتي بمجلة ” روز اليوسف ” مصر هي أم محمد وأم جرجس وأطباق الكعك المتبادلة في الأعياد ، حقيقي كلمات قلبها الأيام الجميلة ، والتعاطف والتماسك بين الجميع ، وفرحة على الوجوه في جميع المناسبات ، أسأل هل يمكن أن تتغير تركيبة البشر كالتغيرات التي يضيفها العلماء والمخترعون على أي ماكينة!، لكن تغيرات الماكينة تؤدي للأفضل فلماذا تغيرات البشر تؤدي للأسوأ!! ، لماذا أصطبح اليوم بخبر انفجار يودى بحياة 30 شخصاً في العراق ؟! ، لماذا في سوريا ، واليمن ، وليبيا ، وتونس ، ومصر ، وغيرهم ، أين حرمة هذا الشهر ، لماذا تتحول فرحة الإفطار إلى صراخ وعويل ؟! ، لماذا ترتدي الديار ثوب الحداد بدلاً من ثوب العيد ، أعود من رحلة الذكريات وأنا أردد : من يعيد هذه الأيام ؟ ، على الأقل في مثل هذه المناسبات ، من يعيد البهجة إلى النفوس ولم يستطع كل ما نفخر به الآن أن يأتي بطرف منها . لكن دائماً الأمل ، من يدري ، قد يأتي العام القادم ومعه موائد الإفطار وحولها الجميع دون استثناء . كل عام والإخوة والأحباب بخير وسعادة في كل أنحاء العالم
edwardgirges@yahoo.com