حول مسودة المشروع الروسي للدستور السوري – بقلم : منير درويش

منوعات ….
منير درويش – دمشق ….
منذ بدء الأزمة السورية طرحت مشاريع مسودات لدساتير تتعلق بسورية أو إعلانات دستورية ومباديء فوق دستورية … الخ لكن هذه المشاريع على أهميتها لم تحظى  في الأوساط السورية بالاهتمام الذي حظيت  به ما سميت  بمسودة المشروع الروسي للدستور السوري الذي طرحته موسكو في لقاء الآستانة المنعقد في 23 – 24 / 1 / 2017   سواء كان هذا الاهتمام سلبياً أم إيجابياً ،  وربما يرجع ذلك لدى البعض  كرد فعل على الموقف الروسي من القضية السورية ، أو لأن الشعب السوري لم تتاح له حرية مناقشة قضاياه المصيرية ومستقبله السياسي .
وبغض النظر عن الأهداف التي دفعت روسيا لصياغة هذا المشروع وطرحه للتداول خلال مفاوضات الآستانة ، فلا بد من التفاعل معه ومن الضروري تقييمه وإبداء الرأي في مواده من جميع فعاليات الشعب السوري وقواه المختلفة كي تتوفر الفرصة وبشكل عملي  لتحديد الاتجاهات الأساسية  للدستور الذي يرغب به ، إلا أن هذا النقاش يجب أن يقوم على أساسيات سياسية  يجب تأكيدها كي يكون النقاش حوله مجدياً منها . ونقول أساسيات  سياسية لأن صياغة نص لأي دستور ليس من اختصاصنا بل من اختصاص  هيئة أو مؤسسة قانونية مختصة يتم الاتفاق على تشكيلها . لكن هذه عبارة عن وجهة نظر شخصية قابلة لكل أنواع النقاش والتقييم .
1-       لقد أصبح هناك اتفاق بين أغلب السوريين بالحاجة لدستور جديد ، وتم إقرار ذلك  بالتفاهمات الدولية والقرارات الأممية وخاصة قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 الذي وافقت عليه جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية بما فيها الحكومة والمعارضة .
2-       سواء أعلنت روسيا أم لم تعلن أن هذا المشروع هو مجرد اقتراحات للنقاش وليس مفروضاً على أحد فإن الشعب السوري هو وحده المعني بصياغة دستوره وتنفيذه عبر ممثليه مستقبلاً ، لكن ذلك لا يمنع أية جهة أفراداً كانوا أم مؤسسات ودول من طرح أو اقتراح مشاريع للنقاش وصاحب الحق هو من يقرر مصيرها وكيفية التعامل معها آخذين بالاعتبار أن المناقشات التي جرت وتجري في هذا الإطار هي إيجابية إلى حد ما سواء من الجهات التي قبلت بالمشروع أو التي رفضته .
3-       إن تعريف العام للدستور هو ” القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة وتنظيم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والعلاقة بينها وحدود كل سلطة والحقوق والواجبات الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات فيها تجاه السلطة ” وبالتالي فإن نجاح مفاوضات الحل السياسي بين الحكومة والمعارضة لا تتوقف فقط على الخطوات  الإجرائية لمعالجة مفرزات الأزمة رغم أهميتها كوقف القتال وعودة النازحين وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين … ومحاربة الإرهاب …الخ ، بل أيضاً على الاتفاق بين الطرفين على المباديء الأساسية للدستور الذي يحدد شكل الدولة ومستقبلها ونظامها السياسي ، ومن شأن مثل هذا الاتفاق أن يسهل مهمة   أي هيئة أو مؤسسة سيتم تشكيلها لاحقا  لصياغة النص النهائي للدستور ويفترض أن تعمل الجهات المشاركة في المفاوضات على  تشكيل اللجان التي تقوم بدراسة هذه المباديء الأساسية  وتحضرها وفق رؤية كل منها لتكون جاهزة للنقاش في الوقت المناسب .
4-       أعتقد أن المباديء الأساسية التي   يطمح إليها الشعب السوري من الدستور الجديد  هي .
–  بناء الدولة الجديدة والحفاظ على وحدتها أرضاً وشعباَ وسلامة أراضيها
– دولة ديمقراطية تساوي بين مواطنيها على مختلف فئاتهم ومكوناتهم  دون أي تمييز مهما كان نوعه  حتى في تولي أعلى المناصب في السلطة  ، وتحفظ لهم كامل  حقوقهم .
– دولة تعتمد قيم الحرية والعدالة والسلام وقائمة على الشراكة الوطنية المتساوية والحيادية تجاه كافة مكونات المجتمع وإيديولوجياته .
– الشعب السوري حر على أرضه وفي دولته وهما وحدة سياسية لا تتجزأ ولا يجوز التخلي عن أي  شبر منها .
– الهوية السورية هي هوية الدولة وهوية المواطن ويبني الشعب السوري دولته على قاعدة الوحدة في التنوع بمشاركة مختلف شرائحه دون تمييز أو إقصاء .
– سورية جزء من الوطن العربي وعضو مؤسس في الجامعة العربية  وتربطها علاقات متميزة مع العالم الإسلامي  كما تربطها علاقات متوازنة مع دول العالم على أساس مصلحة الشعب السوري
– تشكل الحريات الفردية والعامة والجماعية أساساً للعلاقة بين أبناء الوطن الواحد وتكفل الدولة الحريات العامة .
– تجريم المذهبية والطائفية السياسية والإرهاب والعنف .
– إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة وخلق المناخ التشريعي والقانوني الذي يؤمن تمكينها ومشاركتها في كل مناحي الحياة .
الشعب السوري واحد مكون من العرب والأكراد والآشوريين السريان والأرمن والتركمان والشركس وتحمي الدولة كامل الحقوق لهذه المكونات وفق المواثيق والمعاهدات الدولية .
– الشعب السوري مصدر الشرعية ، والعدل هو المنظم الأساسي للعلاقة بين أبنائه ، تتحقق السيادة السورية بالربط العضوي بين الوطن والمواطن في ظل النظام الجمهوري الديمقراطي ودولة المواطنة المدنية ، دولة ينظم الدستور عقدها المجتمعي ويسودها القانون وتقوم على المؤسسات ولا يجوز فيها الاستئثار بالسلطة .
– نظام الحكم السياسي في الدولة نظام ديمقراطي تعددي وتداولي يتيح حرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد  وحرية تشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وممارسة السياسة بكل مستوياتها وبشكل تنافسي على أساس الأكثرية والأقلية السياسية وليس العددية و دون أي تدخل أو مصادرة .
– استقلالية السلطة القضائية استقلالاً تاما عن أي تدخل مهما كان نوعه ومن أية جهة كانت .
– سيطرة الدولة على كامل الأراضي السورية وحصر حمل السلاح واستخدامه بأيدي المؤسسات القانونية المخولة  .
– الملكية الخاصة في الدولة مصانة ولا يمكن نزعها إلا بقانون وللمصلحة العامة ووفق التعويض الذي تستحقه .
أعتقد أنه  من الناحية السياسية على هذه الأسس يمكن أن يبنى الدستور الجديد وعليها يجب أن ينصب النقاش والاتفاق  خلال المفاوضات ، بعدها يتم تشكيل الهيئة أو المؤسسة التي ستقوم بالصياغة الكاملة للدستور الذي سيتم  عرضه على الاستفتاء
ملاحظة .هناك بعض البنود  أخذت من الميثاق الوطني الذي أقره مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية المنعقد في 8 – 9 حزيران عام 2015 نظراً لأهميتها .
–  .