قصص قصيرة – بقلم : بكر السباتين

القصة ….
بقلم :  بكر السباتين ….
” عنجد إشي بفلق”
“1”
بين الأرنب والسلحفاة
مسعود ابن الجيران كان يسابق الريح في كل شيء فيركض كأرنب خرج علينا من الحكايات، بينما كنا نمر على التفاصيل كسلحفاة شيمتها الصبر..
أما الآن، وبعد أن اشتعلت رؤوسنا شيباً، فها هي السلحفاة تمتلك عيادة طبية تغوص بالمرضى والمراجعين، بينما الأرنب بات بلا أسنان، واهناً كأن الدنيا أطبقت عليه.. فتنادي عليه السكرتيرة:”الطبيب في انتظارك يا عم مسعود”
“2”
“الشبه الكبير”
أطل من شرفة قصره، وجأر بصوته الأجش منادياً على البواب:
” ولك يا حمار أحضر الكتاب الذي سقط من يدي”..
وفي لحظات كانت درجات السلم الخشبي تأخذ المثقف المغبون إلى أعلى حتى صار على مستوى الشرفة الحجرية العالية.. وسلم الكتاب مبتسماً لصاحب الدار الذي بدا كثور هائج وهو يوبخه على تأخره في الاستجابة.
قال البواب متلطفاً:
” هذا كتاب ثمين يا سيدي.. يوقظ الرحمة في قلب كل من يغوص فيه.. لكنه لم يجلب لصاحبه إلا التعاسة”..
فرد عليه الرجل السمين هازئاً:
” وما أدراك بهذه الأمور يا تافه.. فقط انتبه لعملك”..
لكن الدهشة أكلت رأسه حينما قارن بين صورة البواب ومؤلف الكتاب، قال في نفسه متسائلاً:
” شبه كبير بينهما، كأنه هو!!”..
وكان البواب المثقف قد دخل غرفته ليتابع كتابة الفصل الأخير من روايته الجديدة:
“الأسماك لا تعيش في القصور”..
“3”
حدث معي
خربشات قلم حبر ماكر..
كنت أسجل بعض الخواطر على الورق أثناء الاستراحة.. ثم تأملت قليلاً النصوص الموزعة عليها عشوائيا.. لكن التعب أسكر عقلي، وغيبني عن الإدراك قليلاً، ثم نامت حواسي في قيلولة لم يغب عنها النهار.. انتبهت إلى صوت رجل يبدو أنه كان يتشاجر مع نفسه تحت النافذة المطلة على الشارع الذي يبتعد عنها عدة أمتار .. وبدون استئذان تجيّشت حواسي بطاقاتها التحفيزية، وغافلت عقلي المترع بنبيذ أحلامي الصغيرة ورأسي يتكئ على مسند الكرسي المريح.. كل شيء من حولي لا يدل على مفاجأة كبرى.. سوى مشاعر تركت أناملي تعربد بالقلم على الورق وهي ترسم ملامح عابر الطريق المتذمر وهو يشع طاقة سلبية عبر المنافذ التي اخترقها صوته الحاد المشبع بالشكوى والتذمر. وبالمناسبة هو ليس من الغربان الجالبة لسوء الطالع وإن بدا صوته كنعيبها؛ ولكن النتيجة أن ما حدث على سطح الورقة كان قد حدث.. فما أن صحا عقلي حتى استفاقت الدهشة في عيوني.. إنها صورة لغراب ينقر ريشه وقد تطاير بعضٌ منها، رُسِمَتْ  تلقائياً بذلت القلم الماكر الذي تركته يقهقه من الضحك.. شيء حدث معي أثناء الاستراح..