إمرأة عذبتها الحياة..ظل حيطة أفضل من ظل رجل – بقلم : ابراهيم ابو موسى

منوعات
بقلم : إبراهيم أبو موسى – غزة …
أحلام ضائعة بين عثرات الحياة، البحث عنها في طيات المجهول، لتكون العبارة بأنه لابد للجراح أن تطيب وحتما صرخة المكلوم ستسمعها القلوب التي ترتعش شوقا لإخفاء الدموع .
ما بين حيرة حب المال ومغبة سوء الأوضاع الاقتصادية، تتفاقم الويلات واقعا الظلم على الأبرياء والمستضعفين السؤال فيها إلى متى..وإلى أين؟؟ ستسري بالمجتمع تلك العجلة النفاثة التي قطعت كافة القيود المبرر منها نعاني الحصار الانقسام والاحتلال.
للوهلة الأولى وحتى نظرة استهجان تجد ملامح وجهها شابة لا يستحيل لها أن تعاني مما اقترف بحقها، ذات (27) عام أم لثلاث أطفال أتعبتها حياتها وبحثها عن رعاية صغارها في بيت أدمن فيه المعيل شرب المخدرات وغيبه تعاطي المنشطات.
حياة بائسة
السيدة (ف- ن) لم يصور لها ملاذها في الحياة سوى إطلاق عبارات تلعثم لسانها وارتجفت شفتاها قبل نطقها قائلة:”ظل راجل ولا ضل حيطة هيك تعلمنا وعلمونا غلط والله الحيطة أحسن من هيك رجال”.
أن تمتلك شئ ولو بالقليل خيرا من عدمه سواء كان ملكك، أو حتى ممن لا يبالى:” لقد تزوجت من رجل عديم الشخصية غير مبالي لا يملك شيئا ولا يعمل، فقد سكنا في بيتي فهو ملكي من أهلي وكان والدي من يصرف علينا”.
وتتابع:” زوجي مدمن للمخدرات وكان يتعاطاها مع والده دوما، وحينما كنت اذكره فيما هو مفروض عليه من مسئوليات كان يضربني ضربا مبرحا وكثيرا ما كان يسيل الدم من وجهي أو من رأسي من كثرة العنف الذي كنت أتعرض له، وكنت عادة ما اسكت لا أتكلم لعده سنوات”.
قد يصعب الاقتناع في من لم تتعدد أمامه الصور، وتتوحد الكلمات بأن الثقة بالنفس تعززها أجل سأقوى لتحدي العقبات:” حينما فقدت الثقة في نفسي وفى ما حولي وفقدت الأمل في أن يعود زوجي إلى صوابه قررت أن أعيش فقط لأجل بناتي ولا أدرى أن كان قراري حقا صواب أن أضع نفسي في تهلكة تلو الأخرى”.
ظلم المجتمع والنفس
وتستكمل (ف_ت) قصتها التي عانت فيها من الأهل والمجتمع، وحتى ظلمها لنفسها بحيرة أجبرتها على الخضوع دون قصد وهذا لأنها أم لبنات :” كانت حماتي عادة ما تتهجم علي لأي سبب تافه وغير سبب وتشتمني وتضربني من حين لأخر وتقول لي والله لأزوجه غيرك وعلى عينك”.
وأضافت والحسرة تأسر جسدها وتمزق داخلها المجروح بنظرات تتساءل فيها إلى متى.. وإلى أين؟؟، فأنا أنتهك ممن أجده والدا وسندا لتكون الفاجعة الأكبر حين قالت :” كان والده دوما ما يحاول أن يتحرش بي بعدما ينتهي من جلسة المخدرات التي يجلسونها وكان يضربني بشدة ويهددني في بناتي ان لم افعل ما يريد  وحتى انه بيوم ما قد أرسل لى شخص من طرفه للتحرش بي والطعن في شرفي من اجل أن افقد أهليتي في الاحتفاظ في بناتي وباقي حقي من البيت”.
بعد أن قصف منزلهم في الحرب الأخيرة على غزة بدأت المعاناة تتضاعف حتى كادت تسلبها أجمل ما وهبها الله قبل أن يضيع حقها وتقول:” بعد قصف منزلي فوجئت بأن زوجي يريد أن يردني إليه لأجل أن نعيش حياة جديدة ولكن فوجئت بأنه يريدني ليسلب كل التعويضات المالية، وبعد أن رفضت تم مساومتي إن أردت الاحتفاظ في بناتي فعلي أن أتنازل عن نصف ملكية البيت لزوجي”.
أيادي بيضاء
تتابع (ف-ت) :” بعد تدخل رجال الإصلاح في حل الخلاف بيننا في الوقت الذي بدأت أعيش حياة أعيش حياة تعيسة جدا فلا أمل لدى ولا اشعر في الأمن والأمان مع زوجي المدمن للمخدرات وكثرة المشكلات، توصلنا خلالها أن يرجع إلى زوجي نصف ملكية البيت الذي أجبرني على التنازل عنه مقابل الاحتفاظ ببناتي ويأخذ التعويضات المالية” .
ورغم ما تم الاتفاق عليه إلا انه أصر على زيادة الطين بلة على حد وصفها وسلب حقوقها وهجرها دون أن يلقى لها بالا، حتى علمت بجمعية وفاق وما تقدمه لخدمة النساء في القضايا التي يتعرضن فيها لانتهاك .
وعند سماعها عن جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل من جارتها توجهت لها وبدأت بأخذ ورشات توعية قانونية وعرفت خلالها أن لها حق بالبيت، وبدورهم قاموا بتشكيل زيارة لمنزلها وحل الخلافات مع زوجها والتفاهم معه وإقناعه بتأدية واجباته”.
وبعد حصولها على حقوقها والرعاية التي كانت تتمنى أن تتمتع بها من خلال الجلسات التثقيفية والمعرفة الكافية التي أصبحت مصدر قوتها في الحياة لتتساءل هل فعلا مجتمعنا يلقى في أبنائه من اجل حفنة من المال أو من أجل مادة مخدرة، أم فقدنا عقولنا وقلوبنا وتراحمنا، والى متى سنبقى هكذا ومتى نفيق ؟؟؟؟.