هذه ليست مصري – بقلم : حامد الاطير

اراء حرة …..
حامد الاطير – مصر ….
أنا مصري حتى النخاع ، ولدت وترعرعت وتعلمت في مصر ، وليس لي وطناً سواها ولا أحب ولا أرغب أن يكون لي وطنا غيرها ، لكن مصر التي أراها الآن ليست هي مصري ، وشعبها الآن غريبا عني ، الذي أراه شعب قل تدينه رغم كثرة المساجد وكثرة اللحى وكثرة الزبيبة على الجباه ، شعب انهارت قيمه وساءت أخلاقه رغم كثرة الدعاة ، شعب كثر كلامه وانعدم فعله ، شعب كثر جدله وغاب منطقه ، شعب عشق التنبلة والبطالة وكره واحتقر العمل وتأفف عليه ، شعب احترف التسول ، يتسول وظيفة حكومية لأنها بلا عمل ، يستحل أموالنا وقوتنا في شكل راتب وحوافز ، شعب احترف النهب والسرقة والاحتيال والغش ، من لا ينهب ولا يغش ولا يحتال أو يرتشي هو فقط من لم يجد المكان ولا الشئ ولا الوسيلة ليفعل ذلك ،  شعب صار أجهل شعوب الأرض ورغم ذلك لا زالت يسكنه الغرور وتتحكم فيه النعرات الكاذبة بأنه أفضل سلالة على الأرض وأعظم العقول بين البشرية ، شعب يدعي أنه الأكثر تدينا وهو الأكثر خروجا على الدين وقيمه وتعاليمه ، شعب يطالب بالإصلاح وهو فاسد مفسد ، شعب يطالب بالديمقراطية وهو ديكتاتور قاهر لأهل بيته وجيرانه ومعارفه وموظفيه وتلاميذه ، شعب لا يعرف أن الديمقراطية والحرية لهما مسئولياتهما وواجباتهما وأنهما ليسا الفوضى وليسا الخروج على القوانين والأعراف ، شعب يطالب بالفضيلة وهو غارق حتى أخمص قدميه في الرزيلة والفساد ، شعب يطالب بأرقى تعليم وأرقى علاج وأرقى حياة ، وهو نفسه المدرس والطبيب والموظف الفاسد ، شعب يطالب باحترام القانون وضرورة تطبيقه على رقاب الجميع وهو من يفكر ليل نهار في كيفية التحايل والخروج عليه ، شعب يواري ويخفي خيبته بحجج كثيرة أولها عدم وجود ديمقراطية ، وهو يعرف أن كثير من شعوب الأرض نجحت وتقدمت تحت حكم ديكتاتوريات بغيضة سابقا وحاليا ، وانظروا الى كوريا الشمالية حاليا .وانظروا الى ألمانيا وايطاليا سابقا .
هذه ليستِ مصري بشعبها الكسول المُستحل للخطيئة في كل شئ ، ليست هذه مصري بذممها الخربة ، ليست هذه مصري بإعلامها القذر وبصبيان العوالم والراقصات الذين يدعون أنهم إعلاميون ، ليست هذه مصري بتعليمها الفاشل ، ليست هذه مصري بفنها الوضيع الفاجر الإباحي ، ليست هذه مصري بثقافتها الضحلة المنحطة ، ليست هذه مصري بظلمها وتفاوتها بين طبقات الشعب ، ليست هذه مصري بتمايز وتعالي فئات على بقية الشعب بدون وجه حق ، ليست هذه مصري بتغول بعض المؤسسات على الشعب ، ليست هذه مصري ببلطجتها وتراخي القانون وبطء العدالة ، ليست هذه مصري بجماعاتها الدينية الآبقة التي سُمح لها بنشر الفكر الأسود وبتسميم العقول وبتنصيب أنفسهم آلهة على الشعب ، ليست هذه مصري بكثير من شيوخها المأجورين والمستأجرين لحساب سلفية الصحراء الجرداء من العقول والفهم ، المسكونة بتشدد البدو والبادية المختلطة بقيم وعادات الجاهلية المُغيبة للمنطق والتفكر والتدبر المُنكرة لعالمنا الذي نحياه الراغبة لنا في سكن كهوف الماضي وكهوف الجهل وكهوف التخلف والتردي ، شيوخ أضاعوا دين الله بعقولهم الظالمة المظلمة الظلماء وشتتوا الخلق وفرقوهم شيعا بتفسيراتهم البغيضة ، دين الله واحد وكلمة الله واحدة ومراد الله واحد ، لكنهم جعلوا من دين الله الواحد ألف دين بألف ألف تفسير ، تقعروا فجعلوا لكلمة الله الواحدة المحددة ألف معنى وألف مدلول وألف مفهوم .
ليست هذه مصري ولا تلك أغانيها ولا تلك أمانيها ولا هذا دينها ولا هذا نيلها ولا هؤلاء أهلها .
مصري هي المؤمنة الخاشعة قلوبها بدون سلفية ولا إخوانية ولا جهادية ولا تكفيرية ، وبدون شيوخ جهلة نصبوا أنفسهم آلهة على المصريين ، مصري هي المنارة الهادية بفنها الراقي فيلما ومسرحا ولحنا ولوحة وأغنية ومسلسل ، وبثقافتها المحترمة الثرية الباذخة شعرا وقصا ورواية ، بعلمها الراقي النافع السباق المنضبط منهجا ومدرسا ومدرسة وإدارة ووزارة ، باقتصادها الناجح الوافر المرتكز على أسس حب العمل وجودة الإنتاج والاستغلال المثل للموارد المتاحة لتحقيق أقصى منفعة بهدف تحقيق العدالة والوفرة والرفاهة للجميع ، بنيلها المقدس النظيف الطاهر المطهر من دنس شعبها صرفا وحيوانات نافقة ومخلفات صناعية وبشرية ، وليسر الناظرين والشاربين وتتهادى على صفحته الفلك تحمل المواطنين والسائحين وتمخر عبابه السفن حاملة البضائع ، مصري هي السامية العالية الباسقة السامقة بحسن أخلاق شعبها وبإخلاصه لها .