جارك حقود وصاحب حماقة؟

اراء حرة (:::)
بقلم : محـمد شـوارب – مصر (:::)
كثر الناس وازدحمت الحياة بهم، والكل يجري وراء موارد العيش سواء الصعب أو السهل، قد يفشل البعض في نيل المستطاع من موارد الحياة، فالناس تتنافس وتطاحن بعضها البعض دون إيثار أو رحمة، فهناك نوع من البشر، بل بعض من الجيران تحمل نفسيتهم ونظراتهم الحقد والحسد والغيرة والنميمة على جيرانهم، وربما أصحابهم وذويهم.
فالنفس عندما تطلع إلى حسنة – ولو لم تفعلها – يكتب لها حسنة، لأن النية يعلمها الله وحده، ما بالك إذا كانت نيتك تحمل السوء والسيئة وعدم إدراك بمفاهيم الإسلام وتعاليمه وكيفية معاملة الجار تجاه جاره.
عندما نقرأ ونتدارس في كتب مواريث الإسلام.. تتعجب فيما ذكره هذا الميراث الإسلامي العظيم، فترى أن الجار هو بقية الأهل من ولد ووالد ونسب وصهر، كما جاء في الحديث الشريف (مازال جبريل يوصني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، ويقول أنس (رضى الله عنه)، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره، ما يحب لنفسه). لكن الواقع يثبت عكس ذلك قليلاً، فترى البعض من الجيران يحقد عليك فيما أعطاك الله أياه من نعم قد كتبها الله لك، ربما لأشياء كثيرة يعلمها الله وحده، والواقع أن أقرب جيرانك يحقد عليك في النعم، وهذا من ضعف الإيمان وسوء النية. فإذا كان الرضا بالقسمة التي كتبها الله لك، فلماذا تحقد على جارك فيما رزقه الله من نعم، فترى كثير من الجيران أصحاب الغيرة لما يؤتى الله جاره من نجاح وينتقل في مدارج الرقي والخير والنماء، فهنا تظهر معادن الجار صاحب الحقد والحماقة، صاحب الضغينة التي تأكل قلبه، لأنه فشل وسوف يفشل حيث أفلح جاره، وأسأل هنا هل يرضى عن الآخرين، ويعدل في شعوره نحوهم؟
الإنسان يولد على فطرة وطبيعة دينه، ربما يتعلق بالآخرة، وتصرف همه عن الحياة، لأن الحياة في منطق الأتقياء هي فترة زمنية مهنية لا يعول على حال المرء بها ولا ضرورة، لأن يأخذ المرء إليها إلا إذا زاد وحمل الراكب العجل!
فالقد أوجب الإسلام بالرضا بالقسمة يوم يكون هذا الشعور النبيل عزاء للمحروم وطمأنينة وحصانة من الجشع. إن الدنيا التي لعنها الله وازدراها أولو الألباب، فهي دنيا الغرور والمفاسد والأهواء، لا دنيا العمل والغرس والكفاح والخير وَمَن مِنَ الناس يحمد هذه الدنيا؟ الكلام لك يا جاري العزيز، الدنيا ملعونة وهي فترة من الزمن. فالدنيا رأيناها تمزق الأرحام والعلاقة بين الجيران والأهل والأصحاب، حاجبة أو خادعة جعلت الأوض مذابة تسودها الكراهية والوحشة والرهبة.
فليعلم كل جار أو صديق أو أهل يحقد على غيره.. أن الدنيا باقية، لكن كلنا راحلون لا محالة فقدم شيء كريم حسن تقابل به وجه الله تعالى يوم يحاسبك.. فيقول عز وجل: (اعلموا أنما الحياة لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد، كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً، ثم يكون حطاماً وفي الأخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).
أيها الجار التي مرضت نفسك، حاول أن تعدل من نفسك وتعالجها بما كتب الله لك وعليك. ولتعلم أن المجتمع هو أقرب إلى التماسك كله هو أن يتشبث كل إنسان بجاره وأهله وناسه، فإن العقد لا ينفرط، فإذا لزم كل امرئ جاره وغالى به لم يضع أحد طول البلاد وعرضها، هكذا أيها الجار عش يومك لأخرتك.. الدنيا فانية والقناعة والقسمة بما كتبها الله لك تستطيع أن تحمده وتشكره على ما أعطاك أياها.. عفانا الله من الغرور والحقد والكراهية والحماقة.
محمد شوارب
mohsay64@gmail.com