مجلس ألأمن خيار فلسطينى أم دولى !

سياسة واخبار (:::)
ناجي شراب – فلسطين المحتلة (:::)
لقد تعامل مجلس ألأمن مع القضية الفلسطينية منذ نشأتها، بإعتباره الفرع التنفيذى للأمم المتحدة ، والذى لديه السلطة والصلاحيات لتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة وخصوصا فيما يتعلق بهدف السلام والأمن اللذين من اجلهما قامت الأمم المتحدة ، ولدية من السلطات ما يفرض العقوبات على الدول التى تهددهذا السلام وألأمن للخطروذلك بتطبيق بنود الفصل السابع من الميثاق. لكن معضلة مجلس ألأمن تكمن فى الفيتو الذى تتمتع به الدول الخمس الدائمة . هذا ولقد أصدر مجلس ألأمن العديد من القرارت بشأن القضية الفلسطينية ، ولكنها جميعها لم تصدر وفقا للفصل السابع من الميثاق، وبذلك بقيت مجرد توصيات غير ملزمة لإسرائيل، ومن ناحية اخرة قرارات كثيرة أجهضت بسبب الفيتو الأمريكى ، وهذه المعضلة الثانية التى واجهت مجلس ألأمن فى معالجة الصراع العربى الإسرائيلى ، وهو الإلتزام الأمريكى بأمن وبقاء إسرائيل، ولا احد يتدخل فى ذلك، ولكن عندما يتم الربط بين هذا الإلتزم، وبين قيام مجلس ألأمن بدوره فى تحقيق السلام وألأمن العالميين، هنا هذا الفيتو يعمل ضد ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها وضد العدالة الدولية.والسؤال هنا هل كان بمقدور مجلس ألأمن تسوية هذا الصراع وإحلال السلام بدلا من الحرب؟ والإجابة بالتاكيد بنعم، لكن كما أشرنا الفيتو ألأمريكى حال دون ذلك، ولذلك ساهم بإستمرار الصراع، وإندلاع حروبا كثيرة ، وما زال الباب مفتوحا امام إستمرار حالة الحرب، بل إن هذا الفشل ساهم أيضا فى إنتشار وتوالد الأفكار والحركات المتطرفة والمتشددة والتى ادخلت ليس فقط المنطقة لحرب إرهاب ، بل إمتدت هذه الحرب إلى قلب الولايات المتحدة وأوروبا، وإحتمالات أن تتسع دائرتها قويا طالما ان القضية الفلسطينية دون حل، وطالما ان الفلسطينيين يحال دون ممارسة حقهم فى تقرير مصيرهم وقيام دولتهم الديموقراطية والمسالمة ، وليس معنى ذلك ان القضية الفلسطينية هى السبب فى حرب الإرهاب، فهذه لها أسباب كثيرة ليس محلها هنا، ولكن التأكيد على ان القضية الفلسطينية وبإعتبار المكون الدينى والمقدس يلعب دورا كبيرا فى تحديد أبعادها ومداها ، فكان ألأجدر بالولايات المتحدة ومجلس الأمن إدراك ذلك، بإنتزاع المبرر، بقيام الدولة الفلسطينية . وللموضوع بعد آخر يتعلق بدور مجلس ألأمن أولا فى نشأة القضية الفلسطينية ، وثانيا مسؤوليته فى حل هذه القضية ، ومسؤوليته ثالثا فى إستمرارها.مجلس ألأمن له وظيفة رئيسية وهى حفظ السلام وألأمن العالميين ودون ذلك يكون فشلا له، والقضية الفلسطينية تعبر عن هذا الفشل.مسؤولية مجلس الأمن فى أن وفر الشرعية الدولية لإسرائيل كدولة بقرار رقم181الذى نص على قيام دولتين واحده يهودية وألأخرى عربية ، وهى الشرعية الدولية التى ترفض على الفلسطينيين، ومسؤولية مجس ألأمن وهذا هو المهم قبول إسرائيل دولة عضو كاملة العضوية فى الأمم المتحدة ، وهو ما رفض المجلس أن يمنحه للفلسطينيين بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية ، ومسؤولية مجلس ألأمن فى توفير الحماية لإسرائيل من أى عقوبات تفرض عليها بسبب عدم إلتزامها بقرارات الشرعية الدولية التى أصدرتها ألأمم المتحدة بما فيها مجلس ألأمن.ورغم كل هذه المعيقات التى تحد من دور مجلس ألأمن ،لكنه يبقى الخيار الفلسطينى ألأهم لوضع حد للإحتلال الإسرائيلى ، والقبول بفلسطين دولة كاملة العضوية ، هذه المسؤولية الدولية لمجلس الأمن ، وتبقى مسؤولية دائمة ، والفشل فى عدم تبنى قرارا دوليا بالدولة الفلسطينية لا يعنى إسقاط هذا الخيار. من هذا المنظور تأتى المحاولات الفلسطينية بالتوجه لمجلس ألأمن حتى يتم إنتزاع القرار الدولى بقيام فلسطين الدولة المستقلة .وليس فقط الدولة كاملة العضوية ، فلا تكتمل العضوية وتصبح حقيقة سياسية دون إنهاء الإحتلال. وهنا مسؤولية مجلس ألأمن مزدوجة .ولذلك عندما فكر الفلسطينيون بمجلس الأمن إنما كان من هذه المسؤولية الدولية. ولكن الفلسطينيون يدركون أن مجلس ألأمن يتحكم فيه حق الفيتو الذى بممارسته من قبل اى دولة يجهض ويسقط أى مشروع قرار، وخصوصا فى حالة إسرائيل وعلاقاتها التحالفية مع الولايات المتحدة التى سخرت حقها فى الفيتو لإسرائيل فقط. وللتغلب على ذلك لابد من جعل القضية الفلسطينية قضية دولية ، وتفعيل المسؤولية الدولية ، وطرحها من جديد من هذا المنظور، فالتحولات الدولية وألإقليمية ، وتزايد الملفات الدولية ، وظهور حروبا جديدة تهدد سلام وأمن العالم تستوجب التصدى الدولى لتبنى الدولة الفلسطينية ، ومن أبرز التحولات هنا الإعترافات البرلمانية ألأوروبية وغيرها ، ووصول اليمين المتشدد فى إسرائيل للحكم ثانية بزعامة نتانياهو وما لذلك من تداعيات ودلالات سياسية خطيرة على السلام وألأمن العالميين برفض قيام الدولة الفلسطينية ، وبدايات تحول فى السياسة ألأمريكية وإعادة تقييمها للعلاقات مع إسرائيل ، ليس لدرجة التخلى عن امن وبقاء إسرائيل، ولكن من إدراك ان هذا هو الوقت لقيام مجلس ألأمن بدوره فى قيام الدولة الفلسطينية ، وبالتالى وضع حد للصراع العربى الفلسطينى الذى سيكون البوابة الواسعة لمحاربة ألإرهاب فى المنطقة والعالم. وفى هذا السياق ياتى التحرك الفرنسى وألأوروبى عموما لإحياء دور مجلس الأمن ، ومحاولة إستصدار قرار يعبر عن ألإرادة الدولية وذلك على غرار قرار رقم 242 فى أعقاب حرب 1967 الذى قدمته بريطانيا وقتها.هذا هو التحرك السليم الذى ينبغى أن يتحرك فيه الفلسطينيون مدعومين بموقف عربى موحد، والإدراك مسبقا ان اى قرار دولى سيصدر من مجلس ألأمن سيأخذ فى الإعتبار الضرورات ألأمنية لإسرائيل ، ويهوديتها. هذا هو الفارق بين الخيار الفلسطينى والخيار الأوروبى والدولى فى مجلس ألأمن.
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com