حملة واهيه ضد الناقلات العربية

الولايات المتحده الامريكية (::)
جيمس زغبي – واشنطن (::)
تقود شركة «دلتا إيرلاينز» جهوداً لحمل الحكومة الأميركية على فرض عقوبات ضد شركات «الاتحاد للطيران» و«طيران الإمارات» و«الخطوط الجوية القطرية». وتزعم «دلتا إيرلاينز» أن الشركات الثلاث حصلت على دعم حكومي، وتنافس بصورة «غير عادلة» الناقلات الأميركية! وهو ما أسفر عن خسارة كثير من الأميركيين وظائفهم! وقدمت «دلتا» وشركاؤها في الائتلاف الذي شكلته باسم «أميركيون من أجل سماوات عادلة»، عريضة بشكواها إلى الكونجرس، ودشنت حملة مناهضة على شبكة الإنترنت، وترعى إعلانات تلفزيونية وإذاعية لتعزيز دعواها ضد الناقلات العربية الثلاث.
وقد قرأت العريضة، واستمعت إلى محتوى الإعلانات، والتصريحات التي أدلى بها المتحدثون الرسميون باسم التحالف، وأشعر بالقلق، لأن الائتلاف الأميركي يدفع بحجة واهية حقاً، إذ إنه عمد بصورة مخزية إلى توظيف خدعة «الطُّعم العربي» الماكرة، في محاولات لشيطنة الناقلات العربية.
وفي أحد الإعلانات، على سبيل المثال، تم وصف «الاتحاد» و«الإمارات» و«القطرية» بأنها قادمة من «الجزيرة العربية الغنية بالنفط»! واتهمتها بتلقي «مليارات من الأموال الحكومية النفطية». وإذا لم يدرك المشاهد المغزى، فإن هناك رسماً توضيحياً مصاحباً للإعلان، يظهر منشأة تبدو شرقية، وتمثل بنكاً عربياً ومضخة بنزين تضخ الدولارات في الطائرة.
وأحد زعماء الائتلاف، «ريتشارد أندرسون»، الرئيس التنفيذي لشركة «دلتا إيرلاينز»، نفث ذلك المكر كله في حوار مع شبكة «سي. إن. إن» في منتصف فبراير الماضي. وأشار أندرسون إلى أن الناقلات العربية فنّدت مزاعم أنها تلقت دعماً حكومياً لعملياتها، وواجهت باتهام «شركات الخطوط الجوية الأميركية» ذاتها بأنها تلقت دعماً قدره 15 مليار دولار بناء على حزمة مالية من الكونجرس بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف: «من المفارقة الكبيرة أن تتحدث دول عربية، في ضوء حقيقة أن قطاع الطيران الأميركي أصيب بصدمة حقيقية بسبب إرهاب الحادي عشر من سبتمبر، الذي نفذه إرهابيون عرب».
وردّ متحدث باسم شركة «طيران الإمارات»، قائلاً : «نعتقد أن التصريحات التي أدلى بها السيد أندرسون خلال الأسبوع الجاري لها مأرب خاص وتم الإدلاء بها من أجل إحداث تأثير مغرض»، وبالطبع فتقييمه «دقيق جداً»، لأن تصريحات أندرسون الشديدة، ومحتوى إعلانات التحالف الأميركي جميعها جزء من استراتيجية مجربة، يتم استخدامها للتأثير من قبل السياسيين، ورجال الأعمال على السواء.
فعلى سبيل المثال، في محاولتهم لنيل تأييد شعبي من أجل استخدام الطاقة المتجددة، يمكن أن يستغل الليبراليون والمنظمات البيئية والشركات التي ستستفيد من زيادة استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حجة التأثيرات البيئية أو الحفاظ على الموارد، وكلها مخاوف مهمة ويمكن الدفاع عنها. ولكن بدلاً من ذلك، يركزون في كثير من الأحيان على «الطُّعم العربي». فنجد أن حاكم مونتانا «بريان سكويتزر»، أشار أثناء حديثه في المؤتمر الديمقراطي عام 2008، مراراً وتكراراً إلى «النفط العربي» أو «نفط الشرق الأوسط». وفي كل مرة كان يحظى بتحية وتصفيق كثيرين.
وجلّ تلك المحاولات كانت في الحقيقة مدروسة ومتعمدة. وأكدت مؤسسات أبحاث استطلاع الرأي أنه إذا تحدث أحد السياسيين عن «الاعتماد على النفط»، فإنه لن يحصل على ردود انفعالية متعاطفة من مستمعيه، بخلاف ما إذا لجأ إلى إضافة «عرب» أو «عربي» أو «شرق أوسطي». وكما أن السياسيين يعيرون اهتماماً لمثل هذه البيانات، كذلك يفعل الرؤساء التنفيذيون عند تدشين حملة كبيرة.
وأما الحملة ذاتها، فترتكز على سلسلة من الاتهامات الضعيفة والباطلة حول الدعم والحمائية. وفي الحقيقة، فإن قطاع الطيران الأميركي هو من يعتمد على كليهما. وما يؤكد ذلك، هو أن خدمات الأبحاث في الكونجرس أجرت في عام 1998، دراسة حول مساعدات الحكومة الأميركية لقطاع الطيران من عام 1918 إلى 1998، ووجدت أنها بلغت 155 مليار دولار، واعتبرتها ضرورية «لتعزيز نمو ما أصبح قطاع الطيران التجاري».
وإضافة إلى إعانات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وقوانين ضمانات القروض، تواصل الولايات المتحدة تمويل البنية التحتية والخدمات التشغيلية بهدف دعم الخطوط الجوية الأميركية.
وأما بالنسبة لادعاء أن نمو «الاتحاد» و«الإمارات» و«القطرية» أدى إلى خسارة آلاف الأميركيين وظائفهم، فالعكس صحيح تماماً. ففي معرض دبي للطيران، الذي أقيم في عام 2013، أعلنت الشركات الثلاث عن مشتريات من طائرات بوينج بقيمة إجمالية 130 مليار دولار. وقدرت وزارة الخارجية الأميركية أن تلك المشتريات من شأنها دعم نحو 500 ألف وظيفة. وإضافة إلى الوظائف التي وفرتها ودعمتها المشتريات السابقة من شركتي «الاتحاد» و«الإمارات» استفاد أكثر من مائتي ألف موظف أميركي من نمو هاتين الشركتين. وهناك الآن آلاف الوظائف تدعمها الشركتان في المطارات الأميركية وشركات صيانة الطائرات