مخيم اليرموك …..مأساة إنسانية وسياسية ذات أبعاد إستراتيجية

اراء حرة (:::)
بقلم :- راسم عبيدات – القدس (:::)
عصابات تبيع مواقفها لبعضها البعض،وإن  إختلفت الأسماء والمسميات هي  ماركات لنفس المنتوج والمصنع،تبدلها فقط يجري وفق المصلحة والمهمة المطلوبة منها من قبل المشغل والممول،تارة تكون داعش مطلوبة وتارة اخرى تصبح النصرة او اكناف بيت المقدس او جند الشام او جند الإسلام او القاعدة،او السلفية الجهادية او انصار بيت المقدس،عصابات يجري توظيفها وفق الحاجة والهدف،ومن يستنفذ دوره منها،أو تخرج عن إطار سيطرة سيدها المشغل،تعلن الحرب عليها ويجري شيطنتها….القاعدة مطلوب رأسها في اليمن ومصنفة كحركة او جماعة إرهابية من قبل أمريكا والغرب الإستعماري قبل سيطرة الحوثيين على اليمن،حيث جرى قصف قواعدها من قبل امريكا اكثر من مرة،ولكن بعد سيطرة الحوثيين على اليمن،اصبح التحالف مطلوباً معها من اجل محاربة الحوثيين،وكذلك داعش  مطلوب محاربتها في العراق،ولكن التغاضي عن انشطتها في الشام….عصابات للبيع والأجرة والإستخدام،ليس لها علاقة بالدين من قرب او بعيد ولا بالقيم ولا الأخلاق والمبادىء  ولا المشاريع السياسية،عصابات تمارس جرائم القتل من اجل القتل،تقتل،تنهب، تدمر، تفجر الأماكن الدينية وتدمر المواقع الأثرية والحضارية،تغتصب وتسبي النساء وتبيعهن أيضاً في أسواق النخاسة،تهجر طوائف بأكملها،كما هو حاصل مع المسيحيين العرب في سوريا والعراق واليزيديين العرب في العراق.
ما يجري في مخيم اليرموك،وما تقوم به العصابات التكفيرية والظلامية الإرهابية على مختلف مسمياتها “داعش” و”نصرة”  من عمليات ترويع وقتل  وحشي لسكان المخيم،ليس بمعزل عن المخطط المستهدف لسوريا شعباً  وجيشاً ودولة وقيادة  وجغرافيا واقتصاداً وموقفأ…فهذا المخطط والمشروع يحمل أبعاداً استراتيجية لسوريا ولفلسطين وكل الأمة العربية،مشروع يستهدف فكفكة الجغرافيا العربية واعادة تركيبها من جديد على أسس مذهبية وطائفية،وعلى اساس الثروات،من اجل خلق كيانات إجتماعية هشة فاقدة لإرادتها وقرارها السياسي،ومرتبطة اقتصاديا بمركز الرأسمال العالمي،ومسيطر عليها من قبل دولة الإحتلال الإسرائيلي،كدولة متسيدة ومسيطرة في المنطقة بالقوة والتفوق العسكري.
تدمير مخيم اليرموك،قتل وتشريد سكانه من قبل تلك العصابات المجرمة يحمل اكثر من رسالة خطيرة وذات بعد إستراتيجي،في أولها واخطرها تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين،والغاء الدور التاريخي والوطني والرمزي للمخيم،فاليرموك هو الأكبر جغرافياً،وهو عاصمة اللجوء الفلسطيني،ورمز كفاحه ونضاله،وتمسك أهله بحق العودة،وشاهد على مأساة شعبنا وجرائم الإحتلال الصهيوني بحقه.
ولتحقيق هذا الهدف عملت تلك العصابات ومشغليها ومموليها على إخراج الفلسطينيين في سوريا وبالذات،أهل اليرموك عن حيادهم في الحرب الدائرة على سوريا،وزجهم في الصراع هناك نصرة لهذا الطرف او ذاك،حتى يكون هناك مشروعية لقتلهم وطردهم وتهجيرهم في رحلة لجوء جديدة،بحيث يجري توطينهم في الأماكن التي يهجرون او يهربون اليها،بالإضافة الى إحداث شرخ وخلخلة في العلاقة بين القوى الفلسطينية والدولة السورية المضيفة والحاضنة لشعبنا وثورتنا،وكذلك من أجل شق وحدة الموقف الفلسطيني،فرغم تاكيد منظمة التحرير على عدم التدخل في الشأن السوري،ومناصرة طرف على آخر،وتفهم القيادة السورية للموقف الفلسطيني،والأهداف الخبيثة  لدفع الفلسطينيين لكي يكونوا جزءا من هذا الصراع،وجدنا بان بعض الأطراف الفلسطينية،عبثت بالمحددات والموقف الوطني الفلسطيني،ووظفت اجنداتها الخاصة لخدمة اهداف،ليست فلسطينية ولا وطنية،بحيث اصبحت شريكة في المؤامرة على المخيم،وما يدبر  بحق سكانه،فمن سهل دخول عصابات “داعش”  و”النصرة” للمخيم يجب أن يراجع موقفه هذه،ويجب ان يكون هناك إلتزام بالموقف الوطني،وعلى كل القوى الفلسطينية مجتمعة وعلى اختلاف انتماءاتها السياسية ومشاربها الفكرية،خوض معركة تحرير المخيم من تلك العصابات المجرمة،مهما ترتب على ذلك من نتائج،فمنع تصفية قضية اللاجئين،ومنع تشرد شعبنا في رحلة تيه جديدة،تتحملها كل فصائلنا في سوريا،وتتحملها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية،ولا يحق لأي طرف فلسطيني،ان يغلب مصالحه الخاصة على الموقف الوطني الفلسطيني العام،ومن يفعل ذلك يكون شريكاً في الجريمة،جريمة الطرد والتهجير والتصفية.
الصوت الفلسطيني في كل أماكن شعبنا في الداخل والخارج والشتات ،يجب أن يرتفع عالياً وبشكل موحد،من اجل إنقاذ مخيم اليرموك ومخيمات شعبنا،مما يتعرضن له من عمليات حصار وتجويع وترويع وتشريد وقتل،ويجب على الدول العربية التي شكلت ما يسمى بالقوة العسكرية العربية للدفاع عن الأمن القومي العربي،والتي مارست اولى “بطولاتها” على فقراء اليمن،ان تعمل على توفير الأمن والحماية لمخيمات شعبنا في سوريا،حيث أن مخيماتنا وشعبنا ضيوف على الحكومة السورية،التي وفرت لنا ولشعبنا ولثورتنا كل مقومات الحياة الكريمة والدعم والمساندة،ولكن في ظل الحرب الإجرامية التي تشن على الدولة السورية،وعدم قدرتها على توفير الحماية والأم لمخيماتنا،وجب على الدول العربية،وبالذات التي ترتبط بعلاقات قوية وتشغيلية وممولة للعصابات التي اقتحمت مخيم اليرموك وسيطرت عليه،ان تطلب منها إخلاء المخيم وتركه وشانه.وكذلك على المؤسسات الدولية،وفي المقدمة منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” أن تتحمل مسؤولياتها تجاه شعبنا هناك،فهي المسؤولية عن رعاية اللاجئين،والمأساة التي حصلت لهم بفعل النكبة.
وكذلك على الصليب الأحمر الدولي،العمل على توفير ممرات آمنه لإخراج  الشهداء والجرحى والمصابين من المخيم،وتحديد طرق آمنه لإدخال المواد الغذائية والتموينية والطبية للمخيم.
نحن ندرك جيداً في زمن الردة والإنهيار العربي،بأن القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولى،وندرك أيضاً بأن هناك من يريدون التخلص من هذا “الكابوس” الذي يؤرق مضاجعهم ليل نهار،ويمنون النفس لو أن زلزالاً او كارثة تحدث وتبتلع فلسطين مع اهلها،وليس هذا فحسب،فهناك من يعملون منهم بالتنسيق مع العدو والقوى الإستعمارية على تصفية قضية شعبنا،والتخلص من قضية حق العودة،من خلال مشاريع سياسية مشبوهة وتصفوية،وبدلاً من ان يكونوا عوناً للفلسطينيين لتحقيق آمالهم بالعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة يتآمرون عليهم.
إن ما يتعرض له مخيم اليرموك من قبل عصابات داعش والنصرة وغيرها من العصابات المجرمة ومن معهم يخدم الاحتلال الصهيوني بهدف انهاء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم حيث يوجدون أو تشتيتهم في جهات الأرض الأربع،من أجل تشتيت قواهم وتمييع مطالبتهم بحق العودة.

0524533879
Quds.45@gmail.com