حب على نار هادئة

الجالية العربية (:::)
بقلم: وليد رباح – نيوجرسي (:::)
يطيب لي (احيانا) ان احضر حفلات الاعراس في الجالية.. فبالاضافة لرؤيتي للذهب الذي يلمع على صدور العجائز والصبايا وأتحسر في النظر اليه.. والذي يقدر بالاطنان.. هناك التعرف الى وجوه الاصدقاء الذين لا نلتقي بهم الا لماما.. وهناك الطعام الطيب والعادة الجميلة في نفح العريس نقوطا يساعده على تحمل مصائب الدفع للصالة وتكاليف العرس والهيصة..
وبالقدر الذي يكون فيه الناس (منشكحين).. بالقدر الذي اسرح فيه بعيدا الى المشاكل الزوجية التي تملأ صرح الجالية.. ولا اضع اللوم فيه على احدهما بل على الاثنين معا..
هنا عروس تنظر الى عريسها بوله وهي ترقص معه فرحة ضاحكه..تنتظر اللحظة التي تضمهما معا.. وهنا عريس ينتظر ان ينتهي الحفل سريعا كيما ينفرد بعروسه.. اذن.. لماذا تبدأ المشاكل بعد انتهاء العرس باسبوع او بشهر على الاكثر.. لماذا تلجأ العروس الى رقم 911 عندما (يشخط) فيها العريس.. أو حتى يكشر في وجهها.. ولماذا يلجأ الرجل العريس الى الهروب من البيت عند اول فرصة. ويأتي الى بيته متأخرا..
وتسأل العروس فتقول لك انه خدعها بلطيف الكلام وحسن اللياقة وكلمات الغزل عندما كان خطيبا.. اما بعد الزواج فقد كشف عن وجهه.. وغدت الكلمات التي تصدر عنه سبة وشتيمة.. وتسأل العريس فيقول أنها كانت آية في الجمال ينظر اليها فكأنما ينظر الى (افروديت) ولكنها بعد الزواج أصبحت لا تقابله الا بملابس متسخة تفوح منها رائحة البصل والثوم نتيجة الطبخ.. وبأن وجهها المصطنع الذي لم يألفه قد ظهر على حقيقته.. تسأل ام العريس فتلقي اللوم على عروسه.. وتسأل ام العروسة فتلقي اللوم على أهل العريس.. وتسأل الناس فيقولون ان الديون المتراكمة التي تحملها العريس قد افرغت جيوبه وجعلته يواجه ازمة لا يستطيع معها ان يفي بمتطلبات بيته.. وخلاصة القول انك لا تعرف مصدر العلة..
وقد يقول البعض ان الخلاف شاذا وليس بقاعدةب..وان سبل الاتفاق متوفرة وكثيرة.. فكم من عروسين تزوجا وفردت اجنحة السعادة عشهما بقماط من الحب والتفاهم
وقد نفرد هنا بعض الاسباب التي تقود الى الخلاف.. ولكننا لا نريد ان نكون واعظين .. فلكل بيت خصوصيته.. ولكل عروسين طريقتهما في حل مشاكلهما.. الا ان افراد بعض تلك الاسباب ربما قاد الى تفاديها مستقبلا..
المهر الكبير احد الاسباب.. والمتأخر الفاحش سبب آخر تجعل الرجل اما ان يصبح خانعا خيفة الانفصال او متغاضيا عن اخطاء زوجته.. طلبات اهل الزوجة التي لا تنتهي سبب ثالث .. الشروط التي تثقل كاهل العريس سبب رابع.. الحفل و الرقص  والملابس و الذهب و المعازيم سبب خامس .. وهناك اسباب اخرى تندرج تحت هذه القائمة ويمكن ان تعد منها حتى المائة.
اما السبب الرئيس الذي لا يقدم احد على بحثه فهو الوجه الذي يعرفه العروسان.. فقد يكون العريس فقيرا ويتظاهر بالغنى ابان خطبته.. وقد يكون ذا مزاج حاد ويتظاهر بالهدوء.. وقد يكون متزمتا في سبل الحياة ثم يظهر ابان خطبته انفتاحيته وديمقراطيته.. وقد تكون العروس فيها من المثالب ما يمكن ان ندرجه عن عريسها.. ولكنها يخفيان ما يمكن ان يكون مشكلة مستفبلية.. وتظهر هذه المشكلة بعد ان يتزوجا ويقدمان على بناء عش الزوجية الذي حلما به سويا.
وحتى لا تكون هذه الكلمة وعظا فالاولى بنا ان ننصح انفسنا اولا.. فان معرفة الانسان نفسه بصورة جيدة قد تجنبه العديد من المشكلات..
اجلس قليلا ايها العريس وحيدا.. وفكر فيما اقدمت عليه.. فكر فيما يمكن ان يحل المشكلة .. ابحث عن نواقصك وعيوبك بينك وبين نفسك وحاول ان تتلافاها.. وكن صادقا مع نفسك.. فان كنت ظالما فتوخى العدل.. وان كنت متبرما بالحياة فانظر اليها بمنظار آخر.. وان كان جيبك خال من النقود فان الغد بانتظارك .. فقد يكون احسن من اليوم.. وقد تكون نواقص زوجتك من النوع الذي لا يوجب الفرقة او ابتداع المشاكل.. امتحن نفسك في موضوعة التسامح التي خلقها الله في دواخلنا ولا تخرج الا اذا رغبنا..
وبالمقابل ايضا.. ماذا لو جلست العروس او الزوجة في خلوة من نفسها وطرحت كل ما اسلفنا.. هل ينقص ذلك من قيمتها؟
ابحثي في نفسك عما يزعج الزوج.. كما يبحث هو في نفسه عما يزعجك.. فقد تكون المصارحة مع النفس احدى الوسائل التي يمكن ان تغطي على كافة المشاكل العالقة..
ويقينا.. ان النظر الى الحياة بمنظار آخر غير منظار المشاكل يمكن ان يقرب وجهات النظر كثيرا.. فلعلنا نرى اسرة عربية سعيدة في هذا المهجر.. ولعلنا نرى الوفاق بين من اسعدتهما الايام بلقاء بعضهما في هذا المغترب..ولعلنا نبحث عن اسلوب جديد للحياة ربما اوقد بيننا شعلة الحب بعد ان قربت على الانطفاء.. انها الحياة التي يجب ان تستمر في حلوها ومرها.. فلن تتوقف الارض عن الدوران اذا ما كان لساننا جميلا.. ولن يموت انسان نتيجة شحة في مواده الحياتية ان كان حيا يرزق.. وللناس فيما يفعلون مذاهب..
www.arabvoice.com
wrabah@arabvoice.com