في مواجهة التطرف الديني والفكر الداعشي الظلامي ..!

 

دراسات (::)
شاكر فريد حسن  – فلسطين المحتلة (:::)
لا شك أننا نمر بمرحلة إخفاق كبرى ، ونتعرض لردة سياسية واجتماعية وأزمة فكرية عميقة . وتشهد مجتمعاتنا العربية حالة من الفوضى والتمزق والتفتت والتفكك والتجزئة ، وموجة من الإرهاب تحت الشعار الإسلامي “العودة إلى الأصول” وإقامة “دولة الخلافة” ، علاوة على تعمق الفتن الداخلية والنزاعات المذهبية والصراعات الطائفية . كما وينتشر التطرف الديني والفكر الأصولي السلفي الوهابي ، وتتكاثر كالفطر الحركات والمجاميع التكفيرية والقوى الأصولية السلفية الرجعية المتزمتة المتعصبة بمسمياتها المختلفة كـ”داعش” وجبهة النصرة” و”القاعدة” و”باكو حرام” وعير ذلك من العصابات والعناصر الإرهابية المأجورة التي تتاجر بالدين الإسلامي والمشاعر الدينية ، وتلقى الدعم المالي واللوجستي من دول إقليمية وأجندات خارجية وشبكات إرهاب عالمية ، وتغذيها فكرياً وإعلامياً ومادياً حكومات ومشايخ دول النفط الخليجية ، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية .
ولا جدال أن هذه الحركات التي تنضوي تحت راية “الاسلاموفوبيا ” تمثل الجهل والتخلف والإرهاب والتكفير والتخوين والقمع والاستبداد ، وتمارس الإجرام الدموي الوحشي والقتل الجماعي والذبح والسبي والنهب والخراب والاغتصاب وجهاد النكاح وقطع الرؤوس وتحطيم تماثيل رموز ثقافتنا وأعلام نهضتنا الثقافية والعلمية العربية ، والقيام بالعمليات الانتحارية التي يذهب ضحيتها أناس أبرياء لا ناقة ولا جمل لهم ، عدا عن عمليات التهجير القسري التي طالت أبناء الديانة المسيحية في العراق .
وفي الحقيقة والواقع أن هذه الحركات التي تتستر بالدين لا تمت للإسلام بصلة ، وأعمالها الإرهابية الوحشية البشعة تشوه صورة الإسلام الحقيقي ، إسلام الرحمة والعدل والمحبة والإخاء والتسامح والعلم والنور ، والدين الإسلامي بريء من كل هذه الأفعال والأعمال والممارسات الوحشية التي تتبعها داعش وأخواتها ، وتندرج تحت الإجرام .
وهذه الحركات تستخدم وتوظف من قبل الاستعمار الأجنبي والامبريالية العالمية لضرب العمل الوطني القومي العربي ومناهضة حركات التحرر الوطني بأحزابها وقواها المختلفة ، ولإجهاض الكفاح العربي في سبيل الحرية والاستقلال والتقدم والسلم ، والعمل على تجزئة الأوطان العربية على أسس طائفية مذهبية وعرقية عنصرية ، مثلما يجري الآن في سورية والعراق .
وأمام موجة الإرهاب الداعشي والغزو السلفي الجهادي التكفيري الذي تتعرض له  المنطقة العربية ، فإن واجب النخب المثقفة التقدمية والقوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية والمؤسسات الثقافية والمدنية العربية التصدي بشكل واعٍ ومسؤول لكل حركات الإسلام السياسي ، من سلفية وأصولية وإخوانية وداعشية ، ولمشيخات الفتاوى التي تعيش في عصر ما قبل التاريخ ، التي تصدر الفتاوى التي انزل اللـه بها من سلطان ، وأصبح الجميع يعرفها ويمقتها لأنها بعيدة كل البعد عن مبادئ وتعاليم وقيم وجوهر الدين الإسلامي الحنيف . وكذلك محاصرة وتعرية هذه الحركات المتطرفة والمتشددة ونبذ أفكارها ، وتجديد الخطاب الديني وتحرير المفاهيم المغلوطة التي تشوه مبادئ الإسلام وقيم الدين ، ورفع مستوى الوعي الفكري والإيديولوجي والعقائدي والعقلاني بين القطاعات الجماهيرية والشعبية ، وتحصين الأجيال الشبابية الجديدة ، وإشاعة الفكر العلمي التنويري التقدمي وثقافة المقاومة ، وتعميق النضال لأجل إرساء وإنشاء مجتمعات ديمقراطية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية والخروج من حالة الإخفاق الراهن ،  وصولاً إلى تحقيق أهداف وأماني الشعوب العربية بالحرية والعدالة والديمقراطية في ظل نظم تقدمية علمانية ديمقراطية ومدنية تحقق التقدم والرخاء والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
ولن يتم تصفية الإرهاب الداعشي والتطرف الديني دون تجفيف منابعه ومصادره ، واجتثاث فكر داعش التكفيري الظلامي الوهابي ، الذي يعتمد على آراء وأفكار وتعاليم ابن تيمية ، من جذوره .