نحن والصهاينة وحق الرد

التصنيف : آراء حرة (::)
ابراهيم ابو عتيله – الاردن (:::)
تعودنا بأن نربط تصرفاتنا ومواقفنا بما يفعل الآخرون بنا ، فنلجأ للسكوت في أغلب الأحيان وللهمس في أحيان أخرى ونستغيث طالبي النجدة عندما يشتد الألم ، فلقد تميزنا باتقان فن إدارة الخد الآخر منفذين بذلك قول السيد المسيح ” من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ….. ” دون فهم حقيقي لهذا القول ودون معرفة كاملة لماذا قالها السيد المسيح لأتباعه ، لقد أوصى السيد المسيح أتباعه في بداية دعوته بأن يكونوا مسالمين حين كانوا ضعفاء قليلي العدد والحيلة حيث خشي عليهم من ملاحقة اليهود ومن الدولة الرومانية القوية التي كانت تقتل كل من لا يعبد ((البعل)) ، فجاءت وصية يسوع لأتباعه بأن يكونوا مسالمين وبأن لا يقوموا بالرد على من يسبب لهم الأذى حفاظاً على حياتهم  فأصدر أوامره تلك حاثاً اتباعه على عدم مقاومة  الشر حينذاك حتى يمتلكوا وسائل القوة ، ولو كان قد أمر تابعيه بمقاومة من يضطهدهم لكان بذلك كمن يطلب منهم الانتحار ولكان قد تسبب في القضاء على دعوته وهي في مهدها ، وعلى ذلك فإن قوله ” من لطمك على خدك الايمن فأدر له الايسر ” ليست القاعدة وإنما هي تعبير عن منهج عمل في ظروف خاصة فالمسيح لا يسمح بضياع حقوق أحد من الناس لأن الضرب بمفهوم البشر حالة اعتداء صريح يتوجب عليها القصاص .
وتطبيقاً لفهمنا المغلوط لقول السيد المسيح اعتدنا عند أي اعتداء علينا أو عند أي هجوم يدمر شيئاً من مقدراتنا أو يتسبب في استشهاد مناضل أو مواطن بريء أو مئات المواطنين أن نسكت وكأن شيئاً لم يكن ، ثم بدأت ردة فعلنا بالقول تتطور بهدف ردع المعتدين وإخافتهم فأخذ البعض منا يردد عند كل إعتداء يتعرض له بأنه – أننا- ” نحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين ” – وأقول هنا إعتداء علينا لإيماني العميق بأن أي اعتداء على أي جزء من عالمنا العربي هو إعتداء على شخصي وكرامتي – هذا القول وتلك العبارة كانت كافية لزلزلة الأرض تحت أقدام المعتدين ، فقد منعت الهجوم على مدارسنا ومراكزنا الاستراتيجية وردعت الصهاينة عن ضربنا في أكثر من موقع ، كما ومنعتهم من إغتيال كبار قادة حركات المقاومة ومن استهداف المقاومين في كل مكان بل ومنعت الكيان الصهيوني من الهجوم على عواصمنا ومن تدمير غزة أكثر من مرة ،،، ورغم كونها عبارة سحرية أدت الهدف بامتياز إلا أنها أضحت في تاريخ من يستخدمها مثل الاسطوانة المشروخة التي تحول بين السامع وبين أي تقدم وأي متعة .
ولكن … ما حصل في الأيام الأخيرة خرج بنا عن النص ، فبعد أن قام جيش التدمير  الصهيوني بإطلاق النار عبر الحدود اللبنانية متسبباً في إصابة جندي لبناني وبعد أن قام جيش الاحتلال بإطلاق قذائفه مستهدفاً شخصين حاولا التسلل من لبنان عبر حدوده الجنوبية وأعادهما إلى قواعدهم سالمين ، فقد حصل ما هو غير متوقع حين جاء الرد من حزب الله خارجاً عن المألوف العربي فقام الحزب باستهدفت دورية  تابعة لجيش الاحتلال الصهيوني مما تسبب في تفجير آلية عن بعد متسبباً بتدميرها ، ورغم أن ذلك الرد وتلك العملية لم تؤد إلى خسائر كبيرة بين الصهاينة باستثناء جراح متوسطة لجنديين صهيونيين إلا انها ورغم ذلك وفي علم المقاومة :

• بثت الأمل فينا بتغيير خطابنا من حيث أننا لا نملك حق الرد فحسب بل نحن قادرون على القيام بذلك نقوم به بشكل فعلي .
• قدرة المقاومة اللبنانية وحزب الله على الرد رغم انشغاله بمحاربة الظلاميين من القاعدة وداعش على أراضي سوريا فكان رده محدوداً ومتناسباً مع ما قام به جيش التدمير الصهيوني في الأيام الأخيرة .
• إن الرد الذي قام به حزب الله يؤدي بنا بالقطع إلى الاستنتاج بأن قدرات الحزب قد تطورت مقارنة بما كانت عليه سابقاً في وقت كانت به لبنان تتلقى العديد من الضربات الصهيونية والعمليات التي تسببت بإغتيال كبار بل والكثير من قادة هذا الحزب.
•  إن هذا الرد يحمل في طياته مؤشراً صريحاً على قدرة حزب الله على الردع كما يحمل تحذيراً حقيقياً للصهاينة من الاعتداء على الأراضي اللبنانية علاوة على ما يمتلكه الحزب من قدرة صاروخية.
فهل تغير الخطاب العربي وهل بدأت خيوط إشعاع حق الرد لدينا بالظهور ، ربما ، ولكن الحكم على ذلك يرتبط حتماً بما تحمله الأيام القادمة آخذين بعين الإعتبار أن حق الرد وممارسته يجب أن لايتوقف عند ما يقوم به حزب الله بل هو حق طبيعي يجب ممارسته على أرض الواقع ومن قبل جميع طالبي الحرية وعلى أي أرض يستهدفها الصهاينة من سوريا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس وغزة والضفة .
ولعل مصدر الإثارة في الموضوع وما دفعني لكتابة هذه السطور هو مصدر سعادتي بما صرح به الناطق باسم وزارة التدمير الاسرائيلية  حين استخدم ذات العبارة وقال إن الكيان الصهيوني – يحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين – فهل استطعنا بعد كل هذه السنين من صراعنا مع الصهاينة من نقل عدوى القول بدل الفعل إليهم ، وعدوى ترديد كلمات تخلو من المضمون أم أن الصهاينة بقولهم تلك الكلمات سيقوموا بالرد الفعلي وأن تلك الكلمات ماهي إلا غطاء دبلوماسي فرضته الأحداث التي تمر بها المنطقة وإلى حين .
وربما كان استخدام الصهاينة لأقوالنا التي تميزنا بها دليل على الخطوة الأولى من الأف ميل التي ستنتهي بها دويلة الكيان الصهيوني في فلسطين ، ودليل على قدرتنا في نقل العدوى إليهم بتقبل الهزيمة ، فربما كنا قادرين على نقل العدوى للصهاينة مهما كان ردهم العملي على ما قام به حزب الله ، فقد بدأت العدوى بالكلام وستنتقل حتماً إلى الفعل إذا سعينا إلى إطلاق قدراتنا وتحرير كرامتنا من براثن الخنوع والاستسلام ، فعدوى الاستسلام مخيفة ووباء الاستسلام يحتاج لوقت طويل للخلاص منه ، فهل وصلنا لمرحلة الخلاص والشفاء ، وهل نستطيع إكمال عملية نقل عدوى الهزيمة للصهاينة ، فإن كان الاستسلام والهزيمة وباء مرتبط بالجينات فنحن وإياهم ساميون ولنا نفس الجينات فربما ، فهل نستكمل تلك العملية بنقل العدوى .

ابراهيم ابوعتيله
عمان – الأردن
10/10/2014